مناسبات

سلسلة الزهراء الزاهرة (4) في قلب الأحداث الساخنة

كان ارتحال الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، في ٢٨ صفر عام ١١ للهجرة، و ما جرى قُبيل ارتحاله، و بعده، أحداثا ساخنة و مؤلمة، عصفت بالإسلام و المسلمين في الفجر الأول من ظهور هذا الدين الحنيف، ولو كانت تلك الأحداث تقع في عصرنا الحاضر؛ عصر القنوات الفضائية، ووسائل التواصل الإجتماعي؛ لحصدت المليارات من المتابعين على مستوى العالم. و قد كانت الزهراء، عليها السلام، حاضرة، و بقوة، في قلب تلك الأحداث الساخنة و المؤلمة.

فبعد دفاعها عن الولاية بمنع القوم من اقتياد أمير المؤمنين، عليه السلام، إلى المسجد؛ لإجباره على القبول بالأمر الواقع الذي أحدثوه في شأن الخلافة بعيدا عن بيعة الغدير؛ جاء دور الكلمة.

لقد تسلحت الزهراء، عليها السلام، بسلاح كلمة الحق التي يجب أن تُقال، وأقبلت إلى المسجد في لُمة من حفدتها، و نساء قومها، حتى دخلت على حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم، و من بينهم زعماؤهم؛ فنيطَت دونها مُلاءة؛ فجلست، ثم أنَّت أنَّة، أجهش القوم لها بالبكاء؛ فارتج المجلس؛ ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم، و هدأت فَوْرتُهم؛ إفتتحت الكلام بحمد الله و الثناء عليه، و الصلاة على رسوله، صلى الله عليه و آله؛ فعاد القوم في بكائهم؛ فلما أمسكوا، عادت في كلامها، و ألقت خطبتها المشهورة التي عُرفت في التاريخ بـ “الخطبة الفدكية”.

و قد خصصت، عليها السلام، جانبا من خطبتها تلك لبيان علل العبادات، و المعاملات، و الأخلاقيات، والإجتماعيات، والسياسات، والإقتصادات؛ فقالت، في ما قالت: “فجعل الله الإيمانَ تطهيراً لكم من الشرك، والصلاةَ تنزيهاً لكم من الكِبَر، والزكاةَ تزكيةً للنفس و نماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للأخلاق، والحجَّ تشييداً للدين، و العدلَ تنسيقاً للقلوب، وطاعتَنا نظاماً للملة، وإمامتَنا أماناً من الفرقة..”.

إن كل هذه الأمور إنما هي من “الجعل الإلهي” و به، لا من اجتهاد البشر و به، كما نرى في الإنتخابات، و الإقتراعات، و الأكثريات، و الديمقراطيات، و التيارات، و الأحزاب،؛ و نحوها. إذن؛ فطاعة أهل البيت، عليهم السلام، نظامٌ لملة الإسلام؛ لا طاعة غيرهم، و إمامتهم أمانٌ من الفرقة، لا إمامة غيرهم.

و قد جرّب المسلمون ذلك بمرارة؛ فذهبوا إلى طاعة غير أهل البيت، عليهم السلام؛ فانفرط نظام الإسلام إلى اليوم، و ساروا خلف غيرهم؛ فتفرقت أمة الإسلام إلى اليوم.

و اليوم، و بعد أربعة عشر قرناً من الزمان، لا تزال العبارات التي تفوهت بها سيدة نساء العالمين، عليها السلام، في تلك الخطبة تدّوي في المسامع، و لا تزال أبواب نجاة الأمة مُشرعة. فيا أيها المسلمون؛ تعالوا إلى طاعة أهل البيت، عليهم السلام، و إلى إمامتهم؛ تفلحوا.

  • من فقه “حديث الكساء”

قالت الزهراء، عليها السلام: “فقلت له: أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف”.

مسألة : “يستحب الدعاء للمريض؛ حيث قالت، سلام الله عليها: “أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف”؛ و لذلك كان دعاؤها، و استحبابه [أي : استحباب الدعاء] قد ورد في جملة من الروايات؛ سواء كان بحضرته، أو غائبا، و سواء كان بهذه اللفظة الواردة في الخبر، أم بلفظة أخرى، و سواء كان المرض مؤلماً، أم لا”. (من فقه الزهراء، عليها السلام، للمرجع الشيرازي الراحل، ج١، ص٧٢).

عن المؤلف

جواد السيد سجاد الرضوي

اترك تعليقا