تحقیقات

مركز الامام الحسين صرح متكامل للجالية الإسلامية في كندا

الهدى – خاص

في الغربة يبحث الانسان دائما عما يجعله متمسكا بعقائده وارتباطاته وبعاداته وتقاليده فتراه يبحث عن كل ما يقربه من ذلك، والمسلمون اكثر الناس ارتباطا وحنينا لماضيهم ولعقائدهم ولقيمهم، وعلى الخصوص المسلمين من محبي اهل البيت عليهم السلام، والذين تعلموا الحنين والإخلاص والارتباط الاخلاقي والعقائدي من نبيهم الاكرم صلى الله عليه واله وسلم، ومن أئمتهم الاطهار عليهم السلام، وينتشر المسلمون من اتباع اهل البيت عليهم السلام في كل بقاع العلم، وكانت من اسباب هذا الانتشار الظروف التي رافقت في حياتهم والتي اجبرتهم على مغادرة الدول التي ولدوا فيها، ومن الدول التي تضم جالية مسلمة كبيرة، دولة كندا، وتلك الجالية لم تمنعها الظروف ولا قوانين ذلك البلد من ممارسة طقوسها الدينية بحرية، طالما هي تعمل بالواقع وبالاعتدال بعيدا عن التطرف والتكفير الذي تحمله بعض الفئات الضالة المحسوبة على الاسلام.

مركز الامام الحسين عليه السلام

ومن بين المراكز الدينية المهمة التي وجدت بصمة لها، مركز الامام الحسين عليه السلام في مدينة ماركهام بمقاطعة اونتاريو الكندية، والذي تم تأسيسه سنة 2003 وعلى ارض مساحتها 24 ألف مترا مربعا.

ويقول مؤسس المركز الحاج علي عطا حسين ان مراحل تأسيس المركز والمقبرة الملحقة وإقامة المنائر لم تكن بالمهمة السهلة، حيث واجهنا الكثير من العقبات والصعوبات ولكن بتوفيق من الله حققنا هذا المركز.

والمركز انشئ لخدمة الجالية الاسلامية عامة والجالية العراقية خاصة، ويأتي انشاؤه لتوفير المحل المناسب والمجهز بكل الخدمات ليكون دارا للعبادة متاحا لكل المسلمين ومكانا لإحياء المناسبات الدينية ومناسبات اهل البيت عليهم السلام.

وساهم المركز بنشر الوعي الاسلامي بين أفراد الجالية الاسلامية من خلال المحاضرات والنشاطات الاسبوعية، ومن خلال المدرسة العربية ايضا والتي تقدم خدماتها لأبناء الجالية الاسلامية.

ونجح المركز بتقديم أفضل الخدمات من خلال الجهود المبذولة والتعاون من قبل افراد الجالية ودعمهم المعنوي والمالي، وشهد المركز التوسعة في المبنى الرئيسي وكذلك اضافة مبانٍ اخرى لتلبية حاجة الجالية.

النشاطات الثقافية

لا تقتصر نشاطات المركز على الفعاليات الدينية واحياء مناسبات اهل البيت عليهم السلام، بل ان المركز ينظم الكثير من البرامج الثقافية كتقديم المحاضرات والقاء القصائد من قبل الخطباء والشعراء المؤمنين من ابناء الجالية.

ومن ضمن برامج المركز اجراء المسابقات الدينية والثقافية العامة، خصوصا في شهر رمضان المبارك، مما يشجع الحاضرين على المشاركة والاسهام في نشر علوم اهل البيت والثقافة الاسلامية والعامة.

وتسعى اللجنة الثقافية الى مشاركة الشباب والاطفال مع اولياء امورهم من خلال تنظيم النشاطات الترفيهية والمناسبات الاخرى، حيث يتم نصب منصات في حديقة المركز وتوزيع الهدايا والمأكولات والمشروبات، فضلا عن السفرات الى الاماكن القريبة من المركز.

ويقوم المركز بتنظيم الندوات التعليمية وخاصة في مجال التوعية الصحية من قبل الاطباء وذوي الاختصاص في المجال الطبي لنشر الثقافة وترويج الممارسات التي تساعد على الوقاية من الامراض وكيفية التعامل معها خلال الظروف الصعبة وخاصة فيما يتعلق بالأوبئة كوباء كورونا.

ومن نشاطات المركز الاجتماعية كفالة الايتام وتقديم المساعدات العينية للعوائل المتعففة وخصوصا في شهر رمضان، كما يقيم المركز دورات تعليمية منها دورات الاسعافات الاولية والتنفس الاصطناعي، وتنظم هذه الدورات للرجال والنساء وكل على حدة، لما لها من اهمية في التعامل الصحيح مع الحالات الطارئة.

النشاطات الدينية للمركز

حرص المركز على عقد المجالس الاسبوعية وخاصة المجالس الرئيسية في كل ليلة احد، حيث تجتمع الجالية للاستماع الى المحاضرة الدينية الاسبوعية من قبل امام المركز سماحة الشيخ حسن العامري، وكذلك في كل ليلة جمعة، يتم تنظيم مجلس تلاوة القرآن الكريم ودعاء كميل واقامة صلاة المغربين، وكذلك تقام صلاة الجمعة، حيث يجتمع الاخوة والاخوات المسلمين في المركز لأداء الصلاة والاستماع الى خطبة الجمعة، حيث تقرأ الخطبة باللغتين العربية والانكليزية، واصبحت صلاة الجمعة لقاءاً ليس فقط لأبناء الجالية العراقية بل صارت تجمعا طيباً لجاليات مسلمة أخرى من العرب والخوجة الاثنا عشرية الذين يزورون مركز الامام الحسين عليه السلام.

ويحيي المركز المناسبات الدينية ومجالس أفراح اهل البيت عليهم السلام وأحزانهم وارشاد الجالية وتبليغ تعاليم الدين الاسلامي واحياء ليالي شهر رمضان وسائر الواجبات الدينية والثقافية والاجتماعية.

كما ويقدم المركز وجبات الطعام على حب اهل البيت عليهم السلام في معظم المناسبات الدينية وخاصة في شهر رمضان المبارك وايام عاشوراء.

ويولي المركز، القرآن الكريم اهمية كبيرة كونه المصدر الاول للتشريع الاسلامي والمنهج الذي يتبعه الانسان المسلم في حياته، فصارت من برامج المركز ايضا اقامة حلقات تعليم وتلاوة القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، مما يساعد الجالية على قراءة القرآن وفهمه بشكل صحيح.

ويشارك في المركز كادر نسوي من شابات وامهات الجالية بنشاطات مختلفة منها اقامة دروس في القرآن الكريم وافتتاح دورات لتعليم تلاوته وحفظه، وتهيئة الاطفال لتقديم الفعاليات من خلال الاحتفالات والمناسبات الدينية والتجهيز للمسابقات.

وعلى الرغم من تحديد نشاطات المركز بسبب جائحة كورونا الا ان البرامج مستمرة ايام السبت وليالي الجمعة عبر تطبيق “زووم” وبعض تطبيقات التواصل الاجتماعي.

مدرسة الحسين عليه السلام

تعد مدرسة الامام الحسين عليه السلام إحدى أكثر تشكيلات المركز في مدينة ماركهام الكندية نشاطاً واهمية وذلك لما للمدرسة العربية من فاعلية في حياة العائلة العربية المسلمة في بلاد المهجر، وتعتبر العوائل المسلمة في المهجر مدرسة الامام الحسين عليه السلام ملاذا آمنا لهم في مجتمع زاخر بالاختلافات والافكار الشاذة والغريبة عن المجتمع الاسلامي.

تأسست مدرسة الحسين في الشهر العاشر من سنة 2009 وأطلق عليها بدايةً أسم (مدرسة القرآن الكريم) ومن ثم تغير أسمها الى (مدرسة الحسين)، وكانت البداية متواضعة مع عدد قليل من الطلاب، ولكن في السنوات العشر الماضية ازداد عدد الطلاب ليصل في الوقت الحالي الى أكثر من خمسين طالب وطالبة، كما تطور الكادر التدريسي وأصبح فريقا متكاملا ومتناغما ومتفاعلا مع الطلاب واحتياجاتهم.

ويدير الفريق التدريسي الحاج أبو ياسر “كاظم تقي” بما يمتلكه من حكمة وتفانٍ كبيرين، وبما يخدم الطلبة في مدرسة الحسين عليه السلام.

وتخرجت من هذه المدرسة كوكبة طيبة من أبناء الجاليات المسلمة في كندا، ليكونوا أفراداً صالحين في مجتمعهم ووطنهم، ويقدموا المساعدة والنصح، كما أصبح عدد منهم مدرسين ومتطوعين في نفس المدرسة.

ولا بد من الإشادة هنا بكادر المدرسة والمتطوعين والذين كان لهم مساهمة في تعليم وتربية أبناء وبنات الجالية بتفانٍ وإخلاص.

هيئة شباب الحسين

ومن نشاطات مركز الامام الحسين، هيئة شباب الحسين والتي تهدف الى مساعدة الشباب المسلم في تقديم الفائدة لمجتمعهم، وبشكل يظهر اخلاقيات الإسلام وتعاليمه بالطريقة الأمثل والأفضل.

ومن الفعاليات والنشاطات التي تقيمها الهيئة، استضافة الباحثين والمتخصصين، ومن ذلك محاضرات دينية يقدمها الشيخ أوس وأحمد بزي وآخرين، ودورات ومحاضرات ثقافية عامة ونشاطات رياضية وأخرى ترفيهية.

وتهدف الهيئة من هذه النشاطات والفعاليات مساعدة الشباب على الحفاظ على قدراتهم العقلية والجسدية وتطويرها، وبالتالي يحصل المجتمع على نخبة واعدة من الشباب المسلم المثقف والمستنير.

وقامت هيئة شباب الحسين للأولاد بعد سنتين من تأسيسها بتشكيل تجمعا مشابها للفتيات، وبرامج هذا التشكيل ما زالت مستمرة وبشكل جيد وناجح في المركز.

وتسعى هيئة شباب الحسين الى مساعدة شباب الجالية على النمو والازدهار في كافة مجالات الحياة، كما تأمل الهيئة من الجالية ان تشجع شبابها على الالتحاق بهذا التجمع الشبابي المبارك، كي تستطيع تنظيم فعاليات ونشاطات أكثر واوسع.

مقبرة وادي السلام

يواجه المسلمون في بلاد الغرب الكثير من التحديات التي تتعلق بتربيتهم لأبنائهم وممارسة عقائدهم، ويفتقدون بعض الخدمات التي من شأنها الحفاظ على تعاليم دينهم، وبعض هذه التحديات تحتاج الى التخطيط والجهد والمال لمواجهتها ومنها انشاء مقبرة إسلامية مستقلة تحفظ للميت حرمته وكرامته، وقرر الحاج أبو علي عطا تحمل المسؤولية في ذلك رغم صعوبة انشاء مثل هكذا مشاريع ذات طابع إسلامي في بلاد الغرب، حيث تحتاج الى الكثير من التواصل مع المسؤولين الحكوميين واطلاعهم على التعاليم الدينية، وإظهار ما لها من أهمية بالنسبة للمسلمين القاطنين في هذه المناطق.

وفي صيف عام 2003 تم الحصول على الموافقات من بلدية ماركهام لإنشاء مقبرة وادي السلام على قطعة من مساحة مركز الامام الحسين عليه السلام، مقسمة الى أربع قطع، وتسع كل قطعة منها 250 قبرا.

ولإكمال المشروع فقد تم انشاء مغتسلٍ في داخل المركز مجهزاً بكافة التجهيزات والمعدات المطابقة للقوانين المحلية والشريعة الإسلامية، وكذلك فان هناك ثلاجة جوار المغتسل لحفظ الميت من الحالات الخاصة لحين موعد نقله.

وجهزت المقبرة بالمعدات الخاصة بالحفر وخاصة في فصل الشتاء حيث تصل درجات الحرارة الى 30 درجة مئوية تحت الصفر مما يجعل حفر القبر مهمة صعبة، وتستغرق عدة ساعات، وبالإضافة الى ذلك تتحمل المؤسسة ترتيب اللحد والموحدة (شاهد القبر) وكتابتها وحفرها ونصبها بعد فترة من انتهاء الدفن.

ومقبرة وادي السلام مخصصة للمسلمين من اتباع اهل البيت عليهم السلام ومن كافة الجنسيات، وبالنظر لحجم طائفة الخوجة الاثنا عشرية الكبير في تورنتو فقد تم تخصيص الجزء الجنوبي من المقبرة لهم، حيث يقومون بإحياء المجالس الدينية والحسينية في حدائق المقبرة خلال أيام الأسبوع.

وبسبب الحاجة المتزايدة وبعد الحصول على الموافقات من الجهات الرسمية سيتم توسيع المقبرة بإضافة أربع قطع في الجانب الغربي من المركز تسع كل واحدة منها لـ 250 قبرا، وبعد اكتمال هذا التوسّع سيصبح المجموع الكلي 2000 قبراً.

وفي الختام لا بد من التوضيح بأن مركز الامام الحسين عليه السلام مستمر بالتوسعة والنمو وبحاجة الى بذل المزيد من الجهود والأموال لغرض تحقيق التوسعات والإنجازات وهذا مرهون بتوفيق الله سبحانه وتعالى وهمة المخلصين من أبناء الجالية ومساهمة أهل الخير اللذين يرون في هذه المشاريع انها من أهم دعائم الاسرة المسلمة في بلاد الغرب وكذلك فهي الذخيرة ليوم الجزاء والصدقة الجارية التي لا تنقطع.                  

   

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا