تحقیقات

المجلس الفاطمي يغيّر الصورة النمطية عن الشباب العراقي

  • إعداد: محمد علي جواد – ابوطالب اليماني
  • حملة أبناء فاطمة

مسجد أهل البيت، عليهم السلام، في المنطقة الفاصلة بين حي العامل والحي العسكري، نهاية شارع الشهيد النمر، يُ عد منطلقاً لمشاريع خيرية وثقافية وسط منطقة مكتظة بالسكان من ذوي الدخل المحدود، على مسافة حوالي عشرة كيلومتر عن مركز مدينة كربلاء المقدسة، وقد تأسس سنة 2005.

الى جانب صلاة الجماعة اليومية، والمحافل القرآنية، ينشط المسجد لإحياء المناسبات الدينية، والفعاليات الثقافية والخيرية بإشراف وإدارة السيد مهدي الأعرجي، الخطيب والاستاذ في الحوزة العلمية، يعضده مجموعة من الشباب اليافع والمسؤول والمتحفّز لمختلف النشاطات والفعاليات ومنها؛ إقامة المجلس الفاطمي وفق الرواية الثالثة (في الثالث من جمادى الثاني).

تبدأ المجالس الفاطمية في مسجد أهل البيت، من يوم الجمعة الثالث العشرين من شهر كانون الاول، الموافق للثامن والعشرين من جمادى الأول، ويستمر الى يوم الاربعاء الثالث من جمادى الثاني، حيث تنظم مسيرة التشييع الرمزي السنوي الذي ينطلق من وسط حي العامل، يشارك فيه المئات من ابناء المنطقة من مختلف الشرائح والفئات، وينتهي الى المسجد، و تنتهي به مراسيم العزاء.

إنها المرة الثانية نغطي فيها فعاليات شبابية رائعة في الايام الفاطمية، بعد التحقيق في مجلس الشباب الرسالي في مركز مدينة كربلاء المقدسة، وهذه المرة كان لابد من زيارة هذا المسجد للوقوف على آخر الاستعدادات لإقامة المجلس الفاطمي، وما هي الخطوات الابتكارية لإنجاح هذا المجلس، وما هي آثاره على حياة الناس على مدار السنة؟

لفت نظرنا شعار؛ “حملة ابناء فاطمة” مثبت على جدار المسجد، فبين لنا الاخوة المتحدثون أنهم ارتأوا أن يكون عنوان دعوتهم للناس الى المجلس الفاطمي.

⭐ هذا المجلس الفاطمي يسبق بأيام فوائده وآثاره الاجتماعية من خلال تفاعل الطلاب مع “حملة ابناء فاطمة”، حيث يقول حسين: “وزعنا ألف استمارة على المدارس لتسجيل المتطوعين

حسين قاسم العسكري أحد الشباب الناشطين تحدث عن جولات على مدارس الاعدادية وزعوا فيها دعوات للمشاركة في هذا المجلس، “ليس فقط للحضور والاستماع، وإنما لتحمل مسؤولية إقامة هذا المجلس والمشاركة في إنجاحه”، وعبّر عن ارتياحه من التفاعل الباهر من الكادر التعليمي والطلاب مع الفكرة، علماً أن في المسجد مجموعة من الشباب المتفرغين للخدمة والعمل منذ سنوات، بيد أنهم هذه المرة تحولوا الى دور الإدارة والإشراف على تنفيذ وابداع طلبة المدارس المتطوعين للعمل في المجلس الفاطمي –يقول الاخ حسين …-

  • الصورة غير الصحيحة عن الشباب

هذا المجلس الفاطمي يسبق بأيام فوائده وآثاره الاجتماعية من خلال تفاعل الطلاب مع “حملة ابناء فاطمة”، حيث يقول حسين: “وزعنا ألف استمارة على المدارس لتسجيل المتطوعين، وكنا نتوقع العزوف وعدم التفاعل مع برامج من هذا النوع من طلبة المدارس، بسبب النظرة والصورة النمطية عنهم بين المجتمع، فكانت المفاجأة؛ التفاعل والتجاوب مع الفكرة”.

توزع الشباب المتطوع على لجان عمل حسب التخصصات، فمنهم من توجه الى الديكور، ومنهم من توجه الى تنظيم الاعمال، منهم من عمل في الاعلام الميداني بتوزيع البوسترات والاعلانات، مما يمكن القول معه بأن هذا المجالس أضحت فرصة للشباب لصقل مواهبهم، والأهم من هذا؛ تعديل الصورة النمطية في أذهان المجتمع، وهذا تحديداً من يشكل عنصر جذب للشباب يدفعهم للمشاركة والعطاء، يقول الاخ محمد باقر، أحد الشباب الناشطين في المسجد، و الذي تحدث ايضاً عن مشاركة طلبة المدارس. 

  • اجتماع تحضيري لوجهاء المجتمع

من أبرز الاستعدادات لهذا المجلس دعوة وجهاء المنطقة من شيوخ العشائر، واساتذة في الحوزة العلمية، ومدراء المدارس في بادرة جميلة لإستنهاض الهمم نحو إنجاح المجلس الفاطمي وجعله مسؤولية اجتماعية، كما هو أخلاقية ودينية، والأهم؛ أن يكونوا طليعة التفاعل والمبادرة أمام سائر افراد المجتمع، لاسيما الشباب.

  • رابطة الصديق المؤمن

من أجل تقويم الصداقة بين الفتيان والشباب وجعلها في الطريق الصحيح، ثم لتكون هذه الصداقة مثمرة للصالح العام، نشأة الفكرة لتشكيل رابطة الصديق المؤمن لتكون طريقاً مميزاً لتكوين الصداقات والعلاقات على أساس الاخلاق والفضيلة والوعي.

يقول حسين العسكري: هذه الرابطة تدعو الشباب الى الصداقة كحالة اجتماعية غريزية، وأن تكون وفق موازين أخلاقية وإيمانية، فكان هذا المسجد هو مركز الالتقاء بين شباب لا يعرف أحدهم الآخر، فيكون التعارف فيما بينهم، وقد انتقلت التجربة الناجحة الى بغداد وسائر المدن، ومن ثمار هذا التعارف المشاركة في الاستعدادات للمجلس الفاطمي الحالي.

⭐ أشار سماحة الشيخ الأميري “أننا نهتم في اختيار الخطيب ذو المواصفات الرسالية البعيد عن الاسلوب الكلاسيكي الذي يركز على إثارة العوطف فقط

ومن أجل وضع الشباب على الطريق الصحيح، ثمة برامج تعالج المشاكل والتحديات أمام إقامة صداقة إيمانية، مثل المؤثرات العائلية، ومؤثرات الانترنت، وغيرها، وذلك من خلال ورش ثقافية نقيمها –يقول محمد باقر- تتضمن محاضرات دينية وتوزيع كتاب الصداقة والاصدقاء لسماحة آية الله السيد هادي المدرسي، هذا الى جانب الزيارات للمراقد الدينية التي تخلق اجواء ايمانية للشباب والفتيان.

  • الكرسمس أم المجالس الفاطمية؟!

تتزامن أيام الفاطمية في روايتها الثالثة مع أيام الاحتفال برأس السنة الميلادية لدى البعض في العراق.

سألنا الشيخ حسين الأميري أحد المشرفين على إقامة المجلس الفاطمي، وهو إمام جماعة في منطقة سكنية قريبة من مسجد أهل البيت، عن كيفية التعامل مع هذا التزامن، فأكد فوراً على اطمئنانه بوجود الروح الدينية والولائية في نفوس الناس، ولاسيما الشباب، “إنما يحتاج الأمر الى تذكير وإثارة بأن لنا رموز عظيمة علينا التمسك بها، وأن لا نذهب بعيداً بما لا يعنينا ولا يفيدنا في دنيانا وآخرتنا”.

ولكن هذا يحتاج ايضاً الى توجيه وتثقيف من قبل خطباء  المنبر والرواديد ممن لهم التأثير المباشر على المجتمع في صياغة وعيهم وثقافتهم، ويكون قادراً على تصحيح رؤيتهم إزاء الدين وعلاقته بالحياة، وأنه ليس دائماً بكاء وحزن، كما أن الحياة ليست كلها أفراح واحتفالات ماجنة وراقصة، وهو ما أشار اليه سماحة الشيخ الأميري الذي أكد على “أننا نهتم في اختيار الخطيب ذو المواصفات الرسالية البعيد عن الاسلوب الكلاسيكي الذي يركز على إثارة العوطف فقط، ومن أبرز المواصفات:

  1. أن يكون قريباً من المجتمع ومتفهماً لحاجاته ومشاكله.
  2. يدعو الناس الى الحالة الايجابية من؛ نشاط وعمل، وكل ما يدعو الى الحياة والتفاعل، لا الى التصوّف والانعزال والانطواء على الذات، ورسم صورة سلبية عن المجتمع.

كما أشار الشيخ الأميري الى دور الرادود بأن تكون “شخصيته متزنة ذو عقيدة راسخة ومتكاملة، وأن يختار القصيدة المبنية على رواية وحادثة حقيقية وليس من نسج الخيال بشكل يُسيئ الى صاحب المصيبة، ولمعالجة هذه الظاهرة لابد للرادود من التعلّم في الحوزة العلمية والتفقّه في الدين، فعلى الرادود وكاتب القصائد الحسينية ان يخصصوا جزءاً من وقتهم وحياتهم لدراسة العلوم الدينية، لاسيما العقائد والتاريخ ليساعده على معرفة الحقائق من التاريخ الصحيح وليس التاريخ المزيف”.

  • المرأة حاضرة ايضاً

وكما وجدنا الفعاليات والنشاطات الثقافية الى جانب قاعة المجلس الفاطمي في هيئة الشباب الرسالي في التحقيق الماضي، وجدنا الأمر نفسه في مسجد أهل البيت، حيث معرض الكتاب، ورابطة الصديق المؤمن، وبرامج خاصة لطلبة الجامعات والمتوسطة والاعدادية يتعلموا من خلالها فنون الحياة وسبل النجاح –يقول الشيخ الأميري- عبر مطالعتهم للكتب والتعرف على صديق مؤمن خلال هذه المجالس الفاطمية.

وهذا لا يقتصر على الرجال فقط، وإنما للنساء حصتهم الكبيرة حيث وجدنا قاعة كبيرة لصيقة بالمسجد تكتضّ بالمشاركات في هذا المجلس –يقول الشيخ الأميري- وقد شكلن لجنة خاصة لتنظيم كامل الشؤون المتعلقة بالنساء في المجلس، الى جانب التشييع الرمزي الذي يُقام في ختام المجالس الفاطمية، ولهن حضور بارز ومهيب.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا