غير مصنف

كيف نحمي الحياة الزوجية من اختلاف التفكير؟

في زمن الماديات والعصرنة والابتعاد عن مدار الافكار والروحانيات والتمازج بها والتوأمة الفكرية والتشابه في المحبوبات والمكروهات، يرتطم أغلب المتزوجين عند …

في زمن الماديات والعصرنة والابتعاد عن مدار الافكار والروحانيات والتمازج بها والتوأمة الفكرية والتشابه في المحبوبات والمكروهات، يرتطم أغلب المتزوجين عند صخرة الواقع الصلدة التي تعدّ كصعقة كهربائية له تجعله وتجعلها تستفيق من الحُلم الوردي الذي عاشته لسنوات وأعوام بفارسها الاشّم على الفرس المطهم.
وحقيقة؛ لو التفتنا قليلا لحالة كهذه متكررة وبكثرة في مجتمعاتنا لوجدناها تعود لامرين أساسيين وهما:
1- الاختيار الناجح الذي كثيرا ما ترتكز عليه ديمومة الحياة الزوجية وتستقي منه نبع نبضها المتدفق فالاختيار وفق أطر العقل مع مزيج بين الجمال والمال والمنزلة والعائلة والبيئة الواحدة يمثل لوحة متكاملة بكل الالوان الزاهية والثابتة في باب الفكر والوعي الزواجي، وعدم الاعتماد على مفردة الماديات البحتة التي سُرعان ماتأفل وتزول وتبهُت مع مرور الايام.
قال أحد المفكّرين: «إنّ من تنجذِب إليه فكرياً يكون جَميلاً فى عَينيك ومن هُنا فإن العَين ليْست نافذة العَقل وإنما العقل هو نافذة العين».
فالعقل والعين يمثلان مزيجا متكاملا من الانتقاء الهادئ
2- الحوار المستمر لان التوجهات والمتشابهات واحدة ومشتركة في الحياة الزوجية فطالما وجدنا أن ينابيع الكلام تجفّ حتى لو بدأت بحب عميق بينهما خاصة إن نفدت المشتركات بمرور العمر او نفدت الجماليات المادية وبقي الشريك عارياً مما هو جاذب لتبادل الحب والتفاهم مما يوصل الى بوابة الصمت والتكتم المغلقة، أو بالعكس أصبح كلٌ منهما يعيش بعالمه الناجح بعيداً عن التشارك والإسناد للآخر.
وحقيقة موضوعة الانجذاب والتوأمة الفكرية هي مزيج من أمور عدة: تربية – توجهات – محبوبات – مكروهات – آداب – رؤى – أفكار- قناعات – معتقدات – شهادة جامعية.
ونتدرج بوضع الحل بفقرة اخرى بعنوان

  • زوجي نسخة مني

وحقيقة؛ نستعجب ممن تطلب من الزوج ان يكون نسخة طبق الاصل منها! يُحب ماتُحب ويكره ماتكره ويوافق على كل ماتريد وترغب ويشاركها صغير الامور وكبيرها.
أولاً: أليس هنالك فروق طبيعية وجسدية وفكرية بين تفكير الرجل والمراة؟
ثانيا: من المبخس لحق الزوج أن يكون مسلوب القرار مقهورا بالتغيير حسب ماتشتهيه الزوجة وتميل له، ولو تغيرت قناعاتها عليه أن يواكب تلك التغيرات كلها حسب المزاجية عندها!
ثالثا: الحياة مزيج من الالوان وجمالها بالوانها فالانثى رمز الحنان والدفء ولون الحب واللطف، والرجل رمز القوة والهيبة والقرار والامان لها.
نعم من الجميل أن يتعلم الرجل شيئا من عاطفة الانثى ليفيض عليها حنانا يجدد به ينابيعها العذبة الرقراقة ولكي لاتحدث الــــــــــ …..

  • جفوة وفجـوة

عندما نترك المشاعر تبرد كثيرا وبدون أدنى تواصل معها، فانها تتجمد، ومن الجفوة تتكون فجوة صغيرة، خاصة في الحياة الزوجية فلو جاء صاحب القصور والتقصير بعد شهر او شهرين من سوء الفهم ليبادر بالاعتذار تسويفا منه أو تكبرا وغرورا لوجد تلك الجفوة ولدت فجوة صغيرة وشرخاً في الحياة الزوجية.
نعم؛ ترجع المياه لمجاريها لكنّ الفجوة لم تُملأ والشرخ لم يتبدد وقد يحصل سوء الفهم لمرة ثانية وثالثة ورابعة، وبكل مرة نجد الطرف الثاني يتحمل ويتنازل خوفا على كيان الاسرة والاولاد من التزعزع والإضطراب، أو خوفا على سمعة او حفاظا على الرباط المقدّس او وفاءً أو إعتياداً على وضع مع صعوبته لكن ليس من السهل تغييره، سنجد تلك الفجوة تكبر وتكبر وذلك الشرخ يتعاظم مّده ليشمل الاساس والبناء المكوّن للمرتكزات في الحياة الزوجية، والاسوأ إن كان الآخر يتخذ إسلوب القوامة والحقوق الزوجية هو الذريعة لارغام الانف للزوجة، هنا ستكون الزوجة في مقام الضحية ولايام وأعوام تتحمل بالبدء حباً وتفهما ويضيق بها الامر ذرعا مما يحدث.
ففي كل حال هي الملامة، وبكل مشكلة هي المتهمة، وبكل مورد تضحية هي المضحّية، وعند كل شدّة هي المتنازلة.
والى متى؟
اليس للصبر حدود ولفيض المد سدود .. لو زاد المد وضغطه كسّر السد وجرف الجميع.
إذن ما الحل؟
الحل بان يكون التفهّم والتسامح والتقدير والاحترام من كلا الطرفين يظهره الزوجان قولا وفعلا وها نحن سنفرد لكل توصياته الكريمة.

  • كلماتٌ لك سيدي الرجل

ليس عيباَ أن تخبرها بمدى حبك وتقديرك لها، وليس انتقاصا أن تذكر وقفاتها وجميل تحمّلها لتكسب ودها وتزيل تعبها وتشعرها بقربك منها وجدوك في حياتها ولو اختلفتما في المستوى العلمي والثقافي، وأن لا يكون الحل المنع والتعصّب او الانزواء، فكل تلك الامور تزيد الطين بلّة وتسبب بالمزيد من البرود في العلاقات الزوجية، ومزيد من التباعد بين قلبيكما وعقليكما، إنما الصحيح أن تعدّ نجاحها نجاحاً لك، تسانده وتدعمه وتواكبه بكل لحظة بل لابأس بمسألة إكمال الدراسة او المطالعة الواسعة أو الاستماع الفاعل لتحقيق التوازن بين فكريكما.

كلماتٌ لكِ سيدتي المرأة
لاتشـــعريه بالندّية وأنك الاقوى والاكثر نجاحا. احتويه بفيض الحنان بخلع جلباب شخصيتك القوية الصامدة المعاندة على أعتاب باب بيتك الاجمل.
خذي رأيه بأغلب تحركاتك، لا تكرري أمامه ذكر المواقف والكلمات التي تثير غيرته وتعصّبه.
حاولي السيطرة على جوانب العمل المنزلي، وتحضير الاكلات المفضلة لديه ولو تطلب الامر المساعدة فلا بأس بالمعينة أو الاهل، ولا تزعجيه بالتذمر والتشكي وكثرة الولولة وطلب الويل والثبور، أو بأنك المضحية الاكبر والخاسرة للاكثر فذلك يجعله كارها لنجاحاتك لانها سبب هدم وتبعثر سلام الاسرة وهدوئها.
خصصي له وقتا بسفرة أو نزهة منفردة وخصصي له مهام مناطة به ليشعر بوجوده الرجولي وحاجتك وحبك له.

  • نبـضات عامة

باب الحوار باب مهم لبناء وردم التصدعات في الحياة الزوجية، ومعالجة الفجوات قبل استفحالها في دقّ عمق إسفين الحياة، وجريا وراء أن الزوج أو الزوجة هو الذي عليه تقديم فروض الطاعة والاعتذار، فالأسرة ليست مملكة للرجل ولا للمرأة بل هي ملك الجميع وسفينتهم الراسية لو تعاظمت بها فجوة أو أصابها شرخ لغرقت وأغرقت الجميع.
كذلك من المهم تطوير الخبرات لتحقيق الاهداف وخلق طموحات جديدة وفق المسموح ومجاراة لما يحب الشريك ويميل ومن هنا فالشهادة الجامعية هي شطر بسيط من هذه الامور المتمازجة والتي تشكل فرداً واحداً يئن ويتألم ويفكر ويعي ما يعيه الآخر.
وإذا كان الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، يدعو افراد المجتمع والامة بأن يكونوا كالجسد الواحد إذا أصيب منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى، فكيف بالاسرة، وهي عبارة عن مجتمع صغير، وتمثل نواة للمجتمع الكبير وروحه النابضة بالحياة.

  • صبر وشكر

فليبدأ كلا الطرفين بالصبر وموازيا له ومعه وبه فليبدأ بالتغيير وفق مبدأ (إبدأ بنفسك) فالتفهم وعيش اللحظة والتسامح والتحمل بوابات واسعة توصلك الى السعادة وستجد الآخر متغيراً ساعيا نحوك بكل مايملك من طاقة.
قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، (سورة فصلت: 34)
هذا علاوة على باب الآجر الذي يُعطى لكلا الزوجين إن كان أحدهما صابراً على قصور الاخر أو تقصيره وهنا ك أحاديث كثيرة جدا في باب الصبر، مروية عن المعصومين فيما يتعلق بتحمّل الأذى من كلا الزوجين.
الى جانب الصبر، لابد أن يكون للشكر مكانة مميزة في فكر الأسرة الناجحة، وتكون مفردة الشكر معتمدة بين الزوجين لزيادة الود بينهما ودفع الآخر للعمل وفق ما يبتغيه الاول؛ والزوجة يوصفها السكن وذات العاطفة الاكبر يمكنها الولوج بهذا الباب لاستصلاح العلاقة الزوجية خاصة مع وجود الفوارق الفكرية والثقافية بين الزوجين التي قد تحسس الزوج بعقدة النقص فيلجأ لطريقة فرض الرأي بالاكراه والاجبار.
ومن هنا فشكرها له سيعيد له دفّة القيادة والحب والوجود بدائرة الاهمية والحاجة لها ومما يزيد صفات الشهامة والرجولة عنده ويجعله سائراً وفق مايحقق السعادة لها لنيل الحظوة من الشكر وتكراره يوميا له.
نعم؛ الشكر باب عظيم جدا لتضاعف النعم وتكاثرها وفيضها والشعور بالسعادة لكلا الطرفين ولو كان على أمور بسيطة جدا بينهما، فـ «بالشكر تدوم النعم».

عن المؤلف

زهراء حكمت

اترك تعليقا