ثقافة رسالية

الحرية أشهى من الخبز و أبهى من الشمس

كل إنسان يفهمها حسب ما يلائم ميوله، وحسب ما يحتاجه وما يفتقر اليه، وما ممنوع عنه، ما لا يفهمه الإنسان سبب ..؟؟

  • مفهوم الحرية:

الحرِّيَة*: “الخلُوص من الشَّوائب أَو الرق، ومِنْ حُقُوقِ الإنْسَانِ أنْ يَتَمَتَّعَ كُلُّ مَوَاطِنٍ بِحُرِّيَّةِ التَّجَوُّلِ وَحُرِّيَّةِ الرَّأْيِ وَحُرِّيَّةِ الاعْتِقَادِ وَحُرِّيَّةِ التَّعْبِيرِ : حَقُّهُ فِي اخْتِيَارِ مَا يُرِيدُ حَسَبَ اعْتِقَادِهِ، اِقْتِنَاعِهِ”.
الحرية من حق الانسان منذ أن يولد، فماذا تعني له الحرية؟
كل إنسان يفهمها حسب ما يلائم ميوله، وحسب ما يحتاجه وما يفتقر اليه، وما ممنوع عنه، ما لا يفهمه الإنسان سبب بعض ما ممنوع عنه، وليس الممنوع لمجرد المنع، إنما لفائدة تعود عليه، وكثير من الناس جرّب الممنوع وصاحبه الندم مدى الحياة، من هذا نسأل عن معنى الحرية، وكيف نستغلها ومانتائجها؟

[.. الحرية لا تعني عدم احترام الغير اطلاقا، بل هي مركز او نقطة تستند على اركان ومعاني ان سقط معنى سقطت الحرية بمعناها المثالي، وان استندت عليها تعطي معنى ذهبي ينير طريق المجتمع ..]

  • انواع الحرية

أولاً/ حرية الجسد:
وهذا معنى محدود للحرية يختصّ بالمغفلين والجاهلين الذين تهمهم حرية الجسد بالدرجة الأولى، وهذا يتضمن حرية التنقل والسفر والمأكل والمشرب وحرية الملبس، وهنا تكمن اغلب مساوئ فهم الحرية الخاطئ، فهنا يشعر الانسان ان لديه حرية مطلقة فيما يفعله دون حسيب او رقيب، صحيح ان الحرية مشروعة؛ لكن ليس بالمطلق، وهذا مايجهلونه فيتعدون بالحرية على حقوق الاخرين وايضا يضرون بانفسهم ايضا، لان الحرية تغنينا عن اشياء ولا شيء يغني عنها إن كان استغلالها بالشكل الصحيح، فليس من المنطقي ان يُسرق رغيف خبز الآخرين تحت مسمى حريتي. فهذا معنى سوداوي للحرية يضر بالمجتمع. فالسجن مثلا يمنع المرء من كل تلك الحريات التي تقع تحت مسمّى حرية الجسد.

ثانياً/ حرية الفكر او الحرية الشخصية

هنا أرقى مستويات الحرية، ففيها الانسان يسمو ويفهم النقطة الاولى على أتمّ وجه، فعقل الانسان هو ما يميزه عن بقية المخلوقات، فيه يسمو، بحرية التعلّم، وحرية الرأي، وحرية التعبير عن الرأي، وحرية التفكّر وانجاز مشاريع خاصة، وهذا ما يصاحبه الاحترام، حيث لا يجوز أن يتم التضييق على الأفراد فكرياً، كما لا يجوز أن تتم سرقة أفكارهم، ومنجزاتهم الفكرية.
و ايضاً؛ الحياة الشخصية للانسان، وكيفية اتخاذه لقراراته المصيرية، او حتى القرارات اليومية، فاننا نعني بالحرية هنا معنى الحرية الفردية واطلاق التصرف الشخصي للفرد في حياته اليومية والحياتية، بحيث لا يكون عليه سلطان عند اتخاذ قراراته اليومية او المصيرية. يقول نيتشه (المفكر الألماني): “الحرية هي الرغبة بأن نكون مسؤولين عن أنفسنا”.

[.. حرية الفكر لا تمنعها حرية الجسد بل تنميها، وهذا ما يحدث واقعا لكثير من العقول الحرة، المقيدة لاسباب، فحرية الفكر تجعل الانسان يميز بين الصح والخطأ ..]

فحرية الفكر لا تمنعها حرية الجسد بل تنميها، وهذا ما يحدث واقعا لكثير من العقول الحرة، المقيدة لاسباب معنية، فحرية الفكر تجعل الانسان يميز بين الصح والخطأ، انه يفهم الحرية بمعناها الحقيقي الذي لا يفسد نظام الحياة، والذي لا يجعله يتخبط في ظلمات الخطايا.فالحرية ان منحت لذي عقل سليم أوجدت التغيير الإيجابي المطلوب، وإلا احدثت فوضى لا تغلق لها باب.
والحرية لا تعني عدم احترام الغير اطلاقا، بل هي مركز او نقطة تستند على اركان ومعاني ان سقط معنى سقطت الحرية بمعناها المثالي، وان استندت عليها تعطي معنى ذهبي ينير طريق المجتمع.
ومما تقدم نفهم ان للحرية ضوابط منها؛ عدم إيذاء النفس والاخرين. إن حرية الإنسان لا تعني أن يعمل على إيذاء نفسه بدافع الحرية الشخصية، فهو مستأمَنٌ على نفسه، ولا يجوز له أن يؤذيها بأي شكل من الأشكال.
وللاخرين ايضاً حرية، كما لك، ولا يجوز التعدّي او تجاوز حرياتهم، فقد يستغل الانسان حريته بشكل مفرط يتجاوز فيه على الاخرين، “فالحرية مرتبطة بالمسؤولية وهي فرصة لنكون أفضل”. كما يقول الكاتب الفرنسي ألبير كامو.
فعند تعطّش الانسان للحرية قد يأخذ مسارين: الاول؛ استغلالها بشكل خاطئ من شدة العطش اليها، فانه يتحرر من ضغوطات قاسية تصبح ردة فعله سلبية.
والمسار الآخر الذي يكون ايجابياً: يجعل الحرية أبهى من الشمس فهي مفاتيح لكنوز، فالعقل هو ما يحدد هذين المسارين فان الضوء ينبع من العقل ليدلك الطريق.
الحرية في نهاية المطاف كلمة لها وزن، وأنت بإمكانک أن تعطيها حقها وتأخذ حقک، وبامكانک أن تبخسها حقها فتعود عليک بالتهلكة.
فالحرية فرصة ذهبية، إن أُتيحت لک أُتيحت مفاتيح كثيرة، فاغتنمها وحقق العدالة في حق نفسک والآخرين.
—————————–
*معجم المعاني

عن المؤلف

رغد حميد

اترك تعليقا