حدیث الناس

لنرفع التجاوزات الحقيقية في كربلاء المقدسة

قبل ان نتحدث عن التجاوزات على الأرصفة في مدينة كربلاء المقدسة كملف بلدي –محلي يخص أهالي المدينة، لاسيما المارة من النساء والأطفال، علينا التذكير بأن المدينة بالأساس هي مدينة لزائري الإمام الحسين، وأخيه ابي الفضل العباس، عليهما السلام، ولولاهما لما كان لكربلاء ذكرٌ ولا مبرر لقدوم الآلاف يومياً على مدار السنة، ثم الملايين في الزيارات المعروفة.

مديرية بلدية كربلاء المقدسة، بأقسامها الفنية والهندسية وكوادرها يعملون ليل نهار من أجل إظهار المدينة بأحلى صورة لأهلها وللزائرين من مختلف بقاع العالم، لاسيما في مراسيم الزيارات المليونية، حيث نشهد الاهتمام والمتابعة فيما يتعلق بجمع النفايات، وتسليك المجاري، والتشجير، وسقي المساحات الخضراء، مع تعرضها لتحديات وصعوبات جمّة في العمل على صعيد المدينة القديمة والمحيطة بالحرمين الشريفين، وعلى صعيد الاحياء السكنية التي تمتد وتزداد في أطراف المدينة من الاتجاهات الأربع، إنما المهم الالتفات الى أمور على ارض الواقع من شأنها تعزيز نجاح تلكم الجهود وإضفاء مصداقية عملية على إجراءات البلدية، ولاسيما فيما يتعلق برفع التجاوزات على الأرصفة وفي الشوارع داخل وخارج المدينة.

لا اعتقد أن عائلة في مدينة كربلاء او من الزائرين لم تعان من كمية العوائق أمامها وهي تسير على الأرصفة، فلا تكاد تخطو خطوة او اكثر حتى ترتطم بملابس معلقة، او حقائب، او ألعاب أطفال، او أكداس المواد الغذائية والمشروبات، ثم تمادى البعض لإضافة طباخات الهمبرغر والفلافل وشوايات الدجاح والكباب مع ما تفرزه من روائح وسحب من الدخان وأبخرة الزيوت، كلها ترافق النساء والأطفال المارة على الأرصفة، مما يضطرنا للنزول الى الشارع فتكون المرأة مع عربة الطفل لديها تسير الى جانب السيارات في الشارع!

بدأت هذه الظاهرة في السنوات الأولى بعد التغيير الكبير والإطاحة بصنم بغداد، واستنشاق الناس هواء الحرية، فكانت الذريعة؛ كسب لقمة العيش، مع ضيق المحال التجارية، وارتفاع بدل الإيجار وكثرة المعروض المستورد وغيرها، بيد إن أهالي المدينة تفاجأوا بتمدد الظاهرة الى أحياء بعيدة عن المدينة الى حوالي ثمانية كيلومتر، فقد امتلأت الأرصفة هناك بمهن يفترض ان تكون بعيدة كل البعد عن سكن الأهالي، مثل؛ الحلاقين، ومصلحي السيارات والدراجات، وحتى ورشات لصناعة الكاونترات المطبخية ومهن عديدة لا تنسجم بالمرة مع مناطق سكنية، ونضيف الى كل هؤلاء؛ باعة الخضار والفاكهة والسمك والدجاج في بعض المناطق.

الجهد الفني في البلدية يقوم هذه الأيام مشكوراً بإزالة التجاوزات لتمكين العاملين في مشاريع فتح الطرق والشوارع الرئيسية، وفي هذا السبيل أقدمت حتى على إزالة دور مشيّدة على أرض هي في التخطيط العمراني لشارع عام.

بيد أن هذا الجهد المشكور نراه يبدأ من باعة الفواكه والخضار في مناطق بعيدة عن مرور الأهالي، ويتركون التجاوزات الصارخة التي تعرقل حركة سير الناس على الأرصفة، ومن يسكن الاحياء البعيدة عن المدينة يعرف أن هؤلاء الباعة يتواجدون في أوقات الصباح وحتى وقت الظهيرة فقط، ثم يجمعون أغراضهم ويغادرون المكان، بينما أصحاب المحال التجارية الأخرى متواجدون ليل نهار ببضاعاتهم المعروضة على الأرصفة دون أن يعترض عليهم أحد.

نعم؛ لا أحد يوافق على الفوضى في الأرصفة والشوارع، ولا أعتقد أننا بحاجة لنصح البلدية وسائر مؤسسات  الدولة بضرورة توفير البديل لأصحاب “الجنابر” والباعة المتجولين وباعة الخضار والفاكهة في كربلاء وفي سائر مدن العراق، فقد جرى الحديث عن هذا مطولاً، إنما الذي يهم جميع الناس في كربلاء المقدسة، الإجراءات القانونية وفق الأولويات، وما يتصل بمصلحة افراد المجتمع، فاذا كان همّ البلدية إزالة التجاوزات لتحقيق رضى الناس وحفظ حقوقهم وسلامتهم، فإن الأولوية يجب ان تكون من داخل المدينة المقدسة، ثم التحرك على الاحياء السكنية حيث يسكن حوالي مليوني انسان، كلهم يتجولون على أرصفة مليئة بالسلع والدراجات المحطمة، وإطارات السيارات، وشاويات الدجاج، ومنشفات الحلاقين.

ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا