المرجع و الامة

المرجع المدرسي في تدبراته السابعة بسورة القيامة: علينا أن نسعى لكي نجعل القرآن منطلقاً للتبصّر

تدبرات في سورة (القيامة) شهر رمضان المبارك / 1440 هـ – (السابع)

“فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ”

بسم الله الرحمن الرحيم
[فَإِذا قَرَأْناهُ‏ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ‏] (19)
صدق الله العلي العظيم

تفصيل القول
ورد في مقطع من المناجاة الشعبانية قول الامام عليه السلام: ((إِلَهِي إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ‏ لَمُسْتَنِيرٌ))[1] فمن ينتهج المنهج الربّاني، يستنير بهُدى الوحي، ومن هنا علينا أن نسعى لكي نجعل القرآن منطلقاً للتبصّر بالحقائق، ومعرفة الذات.
وكما جاء في الحديث الشريف عن الامام الباقر عليه السلام قال: ((اعْرِضْ‏ نَفْسَكَ‏ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ سَالِكاً سَبِيلَهُ زَاهِداً فِي تَزْهِيدِهِ رَاغِباً فِي تَرْغِيبِهِ خَائِفاً مِنْ تَخْوِيفِهِ فَاثْبُتْ وَ أَبْشِرْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ مَا قِيلَ فِيكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُبَايِناً لِلْقُرْآنِ فَمَا ذَا الَّذِي يَغُرُّكَ مِنْ نَفْسِكَ))[2] وهكذا لكلّ شيء ميزان، وميزانُ معرفة الحقائق القرآن الكريم، ابتداءاً من أهمّ المعارف وهي معرفة الرب سبحانه وتعالى، حيث تجلّى الرب سبحانه وتعالى لعباده في كتابه، والى اسماء الله سبحانه وتعالى التي تكون طريقاً لمعرفته.
وطريق ذلك أن نتدّبر في الاسماء الحسنى ونطبّقها في واقعنا في معرفة الواقع، ومن ثمّ معرفة سُنن الرب المُتعال.
فربّنا تعالى خلق السماوات والأرض بالحق، وكما في خلقة الكون كذلك في الامم أجرى ربّنا سُنناً وجعل للبشر القدرة على فهم تلك الحقائق.
وسيعلم الذين ظلموا
من سُنن الرب تعالى الجارية في خلقه هي قوله سبحانه وتعالى: [وَ سَيَعْلَمُ‏ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ][3] وللنظر الى التاريخ وِفق هذه السُنّة لنجد التطبيقات الكثيرة لها في الواقع.
أو قوله سبحانه وتعالى: [ وَلَيَنْصُرَنَ‏ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ][4] كما في معرفة التاريخ لابدّ أن نأخذ هذه السُنّة مشعلاً لمعرفة الحقائق في المستقبل.
أو قوله سبحانه وتعالى: [ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏][5] هذه السُنن ثابة وجارية في الكون، لو طبّقناها على واقعنا، فإنّنا بذلك سنفهم الواقع اولاً ونصل الى ما فيه كمال وسعادة المجتمع ايضاً.
_______________________
[1] إقبال الأعمال (ط – القديمة)، ج‏2، ص: 678.
[2] تحف العقول، النص، ص: 284.
[3] سورة الشعراء، الآية 227.
[4] سورة الروم، الآية 40.
[5] سورة الرعد، الآية 11.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا