حدیث الناس

ابتكارات علمية لطلبة الجامعة تنتظر المساندة من المجتمع والدولة

لمن يتجول في المعارض الخاصة بنتاجات طلبة الجامعة بشكل عام، يكتشف فجأة انه في عالم آخر غير ما عهده من تفكير سلبي سائد يدعو الى اليأس والتكاسل والتشكيك بكل شيء، بل يلمس الجدّ والاجتهاد بكل حواسّه عندما يستمع لما يوضحونه من أعمال ابداعية جادت به افكارهم وقدحت به اذهانهم وذكائهم، او يرى المنجز العلمي المعروض والرائع، ومديات الاستفادة منه بما يشمل جوانب مختلفة من الحياة.

في معرض مشاريع التخرّج لقسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات في كلية العلوم بجامعة كربلاء تجد الهمّة العالية والثقة بالنفس في عيون الطلاب والطالبات وهم يعرضون منجزاتهم من الاعمال البرامجية بافكار متنوعة تخدم الصحة وسلامة الطرق، وسقي الاراضي الزراعية، والتعليم، والتسوق، ومسائل عديدة اخرى.

عند أي مشروع تقف وتستمع من الطالب او الطالبة تفاصيل المشروع، تأتيك اضافة جديدة ذات بعد مستقبلي تؤكد أن لهذا العمل الذي امامك امكانيات اخرى قابلة للتطوير، بمعنى أن الموجود ليس كل شيء، وهذه اشارة اخرى تبعث على التفاؤل بمستقبل هذه البراعم، وهذه الاعمال البرامجية الرائعة القابلة للتطبيق في واقع الحياة.

دخول برمجيات الحاسوب في الحياة العامة لا يجب ان ينحصر في اهداف بسيطة مثل درجات التفوق، او الترشيح للفوز بالأفضل بين مشاريع اخرى، ومن ثمّ  الحصول على الشهادة الجامعية بقدر ما يهم ترك البصمة المؤثرة في حياة المجتمع بدخول برمجيات الحاسوب في كل مكان، كما هو الآن في بعض الدول المتقدمة بالعالم، فبدءاً من التسوق والتعرف على ما الموجود في مجمعات التسوّق، واستعلام الرصيد في البطاقة المالية، ثم وصول المعلومة السريعة فيما يتعلق بحوادث السير والخدمات الطبية، والتعرف على العاملين في مراكز العمل، واستعلام الجودة لمنتجات معينة وغيرها كثير في حياتنا اليومية، وكما نلاحظ اليوم استخدام جهاز استعلام الاسعار في بعض مجمعات التسوّق من قبل الزبائن من خلال شفرة “باركود”، ما من شأنه اختزال الوقت وسرعة الوصول الى المبتغى، بل وتتدخل في ضمان سلامة وحياة افراد المجتمع، وأكثر منه؛ ضمان الأمن والمصلحة العامة على صعيد الدولة والبلد بشكل عام.

وهذا يدعونا للتفكير بجد يماثل جدّية تلكم البراعم المتألقة بأعمالهم، لمساندة هذه الأعمال بالاستيعاب والاستثمار، والدعوة ليس بالضرورة موجهة لمؤسسات الدولة، فالقضية تتعلق بجميع افراد المجتمع لان الفائدة تشمل الجميع، فالمراكز التجارية، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية مدعوة، أولاً؛ للتعرف على هذه الطاقات العلمية، ثم العمل على استثمارها في المجالات الممكنة في الوقت الحاضر، مثلاً؛ برنامج يكشف المشاعر الايجابية والسلبية إزاء الانشطة التجارية لتقييم جودة المنتج “حيث ان النظام يتحقق من المشاعر ويقيم المنتج وفقاً لذلك”، كما جاء في أحد بوسترات المشاريع المعروضة، او بوستر آخر يتحدث عن: “نظام الكشف عن حوادث السير تلقائياً، وتنبيه اقرب مستشفى او مركز للشرطة او الأهل”، أو “الصيدلية الالكترونية لتقديم كافة خدمات الصيدلة من خلال الانترنت”. وهذا المشروع تحديداً يخدم بشكل خاص التجمعات الجماهيرية الحاشدة في مناسبات وطنية كالتظاهرات، او الدينية مثل؛ الزيارات المليونية للمراقد المقدسة.

ولا يسع المقال لذكر مشاريع رائعة وجميلة اخرى مثل “نظام التقطير الذكي” لسقي الاراضي الرزاعية بما يوفر كميات المياه الخاصة للري؛ كلها افكار خلاقة تلتمس الدعم والمساندة والتفاعل، أولاً؛ من أولياء الأمور، ثم من الجهات والمراكز والمؤسسات في المجتمع والدولة للاستفادة من هذه المواهب خدمة للصالح العام.

ولا ننسى التأكيد على أن هذه المشاريع تتميز بالكلفة القليلة قياساً بما تقدمه من خدمات جليّة توفر الكثير من المال والوقت والجهد، فهي لا تحتاج الى معدات تقنية مُكلِفة، او أدوات باهضة الثمن، فقد تكفل الطالب بذهنه الوقّاد وذكائه الحادّ وتضحياته بالوقت والجهد العضلي والذهني ليقدم برنامجاً الكترونياً نافعاً، تبقى الخطوة اللاحقة والمكملة؛ الاستفادة العملية من هذه الاعمال والمشاريع.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا