فکر و تنمیة

المربع المفقود

ماهي نظرية أو متلازمة المربع المفقود؟

لو نظر أحدنا إلى سقف مليء بالمربعات، إلَّا أنَّ أحد هذه المربعات كان مفقوداً، لتركزَ نظرُه على هذا المربع، ليس هذا فحسب بل إنَّه يترك كلَّ المربعات الموجودة، هذا مايسمى متلازمة المربع المفقود.

الأمر فعلاً لايقتصر على هذا السقف، فقد يتوسع ليشمل جميع جوانب الحياة، فكلٌ منَّا يفتقد شيئاً ما خلال فترة حياته، وهذه هي المربعات المفقودة.

واقعاً الأمور المادية من سقف وغيره ليس من الصعب إصلاحها،  أمَّا ما يصعب أو في بعض الأحيان يستحيل إكماله أو إصلاحه هي الأمور المعنوية التي تتعلق بشخصياتنا حيناً وبطابعنا حيناً آخر، طُرق تعاملنا، شكلُنا وكثير من الأمور.

سؤال: كيف نتعامل مع هذه المتلازمة؟

يخطر سؤال في بال كلٍ منَّا، هل نترك هذا النقص أم نكمله؟

 هل نركز عليه أم نتجاهله، وإذا كان في أولادنا، أزواجنا، من حولنا، هل نركز عليه، فغايتنا أن يكونوا بأفضل حال؟

بداية لابدَّ لكلٍ منَّا أن يفهم الحياة كما هي، بدون مبالغة أو تجميل لها ولما سُنَّ فيها من سنن، فالحياة لا يمكن في يوم من الأيام أن تكون مثالية خالية من المشاكل أو النقوصات، ثُمَّ إنَّ المطلوب منك عدم التركيز على النقص سواء كان فيك أو في الآخرين، والتركيز على الايجابيات وماتمتلكه أنت وغيرك من مميزات ومهارات وكفاءات.

📌 لابدَّ لكلٍ منَّا أن يفهم الحياة كما هي، بدون مبالغة أو تجميل لها ولما سُنَّ فيها من سنن، فالحياة لا يمكن في يوم من الأيام أن تكون مثالية خالية من المشاكل أو النقوصات

 ولهذا التركيز كثير من الفوائد من جذب للإيجابيات والشعور بالامتنان والشكر على ما تمتلك، تنمية هذه الايجابيات في الآخرين، وعلى عكس ذلك، فالتدقيق في النقوصات يسلب الانسان الراحة والرضا، ويجلب له مشاعر الحسد والغيرة والندم والنقمة، وهذه أمور ربما تسلبك مع مرور الوقت بعض ما لديك من كفاءات، وتتغلب عليك فتتقاعص عن السعي للأفضل.

كيف أتعافى من هذه المتلازمة وأتخلص منها؟

١- معرفة أنك تعاني من هذه المتلازمة، وللأسف كثير منَّا يعاني منها بدون أن يلتفت لذلك .

٢ـ تقبَّل ما بكَ وما في الآخرين من نواقص(زوجك، زوجتك، أولادك، أصدقاؤك…) .

٣ـ اسعَ لاكمال هذا النقص بعد معرفتك له، اذا كان ذلك ممكناً، فعدم التركيز لايعني إهمال السعي وعدم الأخذ بالأسباب.

٤ـ انسَ المربع المفقود، وهذا في حال كان الحصول عليه أمرٌ مستحيل، فنحن نبقى بشراً فقراء ضعفاء وقدراتنا محدودة نوعاً ما.

٥ـ تستطيع استبدال المربع المفقود، اذا كان يستحيل الحصول عليه، بأمور تشعرك بالرضا والراحة، فمن لا تنجب أطفالاً تستطيع العمل في روضة واشباع حبها للأطفال وشغفها لهم، ومن لا يرى عليه استخدام حواسه الأخرى وتقويتها وتسخيرها.

٦ـ ركز على بقية المربعات الموجودة في نفسك وفي الآخرين، وهذا الأمر كثيراً مايثمر بين الأم وأبنائها، وبين الزوج والزوجة، والانسان وصديقه.

٧ـ كن قنوعاً فالطمع أمرٌ سيء يشعرك بعدم الرضا، فكلما حصلت على شيء ما رغبت بغيره وهذا أمر غير صحي لايحمد عقباه، وربما قاد الانسان للسرقة أو الكذب أو القتل.

٨ـ تعوَّد الامتنان والشكر {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، والشكر يجعلك تتمتع بما لديك.ـ

٩ـ كل شيء يصبح سهلاً بالتعويد، فإذا عوَّدت نفسك على رؤية ماهو إيجابي فيك وفي من حولك، تعودت ذلك وأصبحت تلك لك عادة، فلا ترى إلَّا الايجابي، ولايلتفت نظرك لكل ماهو سلبي، وتصبح من الأشخاص التي تسعدهم أبسط الأمور وترضيهم وتريحهم،فتعيش السلام الداخلي.

هذه المتلازمة تهدد المجتمع بجميع فئاته، فالحياة الزوجية مهددة لو ركز كلٌّ من الطرفين على سلبيات الآخر، وتناسى ما لديه من ايجابيات ومميزات، وكذلك عدد لابأس به من الصداقات انتهت وسببها البحث عن مواطن الضعف، بالرغم من وجود الكثير من المواقف اللطيفة والأمور الجيدة التي تكفي لاستمرار العلاقة، وربما أدَّت للتفكك الأسري بين الأهل والأبناء، وهذه كلها بمجملها أمور خطرة تهدد تطور الفرد وعلاقته مع من حوله في المجتمع ، وتحتاج الاهتمام بها والسعي لحلِّها والتخلص منها.

📌 كل شيء يصبح سهلاً بالتعويد، فإذا عوَّدت نفسك على رؤية ماهو إيجابي فيك وفي من حولك، تعودت ذلك وأصبحت تلك لك عادة

وفي النهاية نقول: لكل داءً دواء، ودواء هذه الحال هو يقين الإنسان أن الكمال لله وحده، فعلى الإنسان ألا يتحرى الكمال في نفسه أو في غيره، فلكلٍ منا مربعات مفقودة وأخرى موجودة، وعلينا أن نجد البدائل للمفقود لا إضاعة الفرص في الندب على النقص والفراغ، فالحياة لا تقف على نقص في بعض القضايا والإنسان السليم في العقل السليم الذي يتأقلم مع الموجود ويسعى لتطويره إن أمكن، فنحن لسنا مطالبين بالمثالية المطلقة، إنما باغتنام فرص التطوير وعدم إنهاء العلاقات جراء بعض العيوب التي يستعاض عنها بالفضائل المتاحة.

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا