تراثنا

البحرين .. الاستثمار في غنائم وسرقات الشيوخ

يمتلك عدد من أفراد عائلة آل خليفة من الأراضي الشاسعة والعقارات ما لا تملكه الأغلبية الساحقة من المواطنين.

 بالامس التقيت مصادفة باستاذ فاضل ومدير مدرسة متقاعد، حدثني عن كيف استولى احد شيوخ آل خليفة من المحرق على مزرعة عائلة والدته التي تسكن المصلي والتي توارثتها أجيال بعد أجيال،  يقول تفاجأ أخواله قبل سنوات وهم عاكفون على العمل في أرض مزرعتهم بشخص يقتحم المكان ويطالبهم بدفع ثمن استئجار الأرض أو اخلائها حالا لأنها ملك لأحد الشيوخ من ال خليفة، صدم هذا الطلب الجائر أصحاب الأرض وأخبروا مطراش الشيخ أن هذه ارضهم وهي ملك لعشرات الورثة من آبائهم واجدادهم وابنائهم الذين اقاموها وعمروها  وزرعوها ورووها من عرق جبينهم!

انتهى الأمر إلى طردهم من ارضهم بعد مقابلة احد الورثة للشيخ اللص في بيته في المحرق وقيام الشيخ اللص بتهديده باستخدام القوة لاخراجهم منها.

 قصة مؤلمة تكررت كثيرا وبأشكال مختلفة بين الكثير من البحارنة أصحاب الأرض في مراحل مختلفة وشيوخ من آل خليفة حصلوا على هبات لايملكونها  واستولوا على أراضي ومساحات ليست لهم ببساطة تمليك شيخ من شيوخهم لقرى ومزارع ومساكن ومناطق مأهولة لشيخ آخر بجرة قلم.

في عشرينات القرن الماضي كان استيلاء ونهب أفراد من عائلة آل خليفة مزارع واراضي وبيوت ومساكن وقرى البحارنة بغير وجه حق وقتل اهلها احيانا كثيرة والفتك بهم، سببا من أسباب الاحتجاجات والعرائض التي دشنها البحارنة آنذاك لإيقاف جرائم وانتهاكات شيوخ آل خليفة بحق البحارنة، حيث كان البحارنة معرضون للقتل والاستيلاء على  أراضيهم ومزارعهم وبيوتهم واموالهم وانتهاك اعراضهم  وفرض الضرائب والاتاوات عليهم واجبارهم على العمل في مزارع الشيوخ بدون مقابل وهم في الأساس أصحاب تلك المزارع و الأراضي المنهوبة.

⭐ في عشرينات القرن الماضي كان استيلاء ونهب أفراد من عائلة آل خليفة مزارع واراضي وبيوت ومساكن وقرى البحارنة بغير وجه حق وقتل اهلها احيانا كثيرة والفتك بهم

 بعد احتجاجات البحارنة وعرائضهم التي اجتمع على توقيعها زعمائهم للضغط على الإنجليز الذين كانوا يديرون شؤون الحكم من خلف الستار، قرر الإنجليز إصدار قانون توثيق الأراضي للحد من جرائم استيلاء الشيوخ على الأراضي والمزارع، سبق ذلك استيلاء كثير منهم على مناطق وقرى مأهولة بكل مافيها وما عليها وفق نظام إقطاعي قسم البحرين لملكيات اقطاعية يتقاسمها الشيوخ الخليفيين فيما بينهم دون أي اعتبار لحقوق الإنسان و السكان الأصليين فيها.

استغل آل خليفة قانون توثيق ملكية الأراضي مرة أخرى للاستيلاء على كافة الأراضي الفضاء في البحرين والأراضي والمزارع التي عجز اصحابها أو تأخروا أو توانوا عن توثيق ملكيتها بسبب بساطتهم وعدم ادراك كثير منهم لمخاطر تعرضها للاستيلاء والنهب.

 أسست جرائم الاستيلاء والنهب والاستحواذ التي مارسها أفراد عائلة آل خليفة في تلك الحقب منذ غزوهم للبحرين، وما تبع ذلك من ممارسات متعسفة واضطهاد مارسوه ضد البحارنة في مختلف المراحل اللاحقة إلى واقع استئثار واستيلاء عائلة آل خليفةعلى معظم اراضي البحرين الحالية اضافة الى حقهم الحصري في الاستئثار بالسواحل ودفنها في قبال ما يملكه أغلب السكان اليوم، حيث يمتلك كل شيخ من الشيوخ سواء عبر توارث المنهوبات أو الاستيلاء أو الهبات من الديوان أو إمتيازات دفن السواحل ما لا يملكه كافة شعب البحرين.

⭐ استغل آل خليفة قانون توثيق ملكية الأراضي مرة أخرى للاستيلاء على كافة الأراضي الفضاء في البحرين والأراضي والمزارع التي عجز اصحابها أو تأخروا أو توانوا عن توثيق ملكيتها

و لهذا فإن صدور قرار اقتصادي مثل قرار إفساح المجال للخليجيين والأجانب للتملك والاستثمار في العقارات قبل سنوات والذي ضاعف أسعارها عشرات المرات، والذي كان عبئا على خطط وزارة الإسكان نفسها في توفير السكن البسيط والملائم لذوي الدخل المحدود، وعبئا على قدرة المواطنين العاديين على امتلاك أرض للسكن،  كان هدفه  إنعاش سوق عقارات الشيوخ على حساب كافة المواطنين.

اما سياسة إغراق البلد بالاجانب وإعطائهم الكثير من الاهتمام فوق المواطنين ودعوتهم للسكن والاستثمار في البحرين واستحواذهم على السوق ومعظم الوظائف في القطاع الخاص والفيسا المفتوحة والتصريح المرن ودعم تمكين وغيرها، على حساب حق المواطنين ومزاحمتهم في الوظائف  والفرص والخدمات، فتأتي في سياق دعم الطلب على الشقق والعمارات والفلل والعقارات والفنادق والبارات والملاهي التي يمتلك أكثرها الشيوخ والمتنفذين والضباط، والأمر ينسحب على سوق السياحة ايضا من هذه الناحية، وليس أخيرا إفساح المجال أمام الصهاينة للاستثمار في سوق العقارات.

وكما يبدو فإن البلد تدار بعقلية المزارع الخاصة وفق مصالح بعض الأفراد  وليس بعقلية دول متقدمة.

_____

*كاتب من البحرين.

عن المؤلف

حسين الحاج*

اترك تعليقا