بصائر

عاشوراء وصناعة المسؤولية الإجتماعية*

ونحن ندخل سنة هجرية جديدة، واول شهر فيها، هو شهر أحزان آل محمد؛ ألا وهو شهر محرم الحرام.

وهنا لابد من تساؤلات: كيف نستفيد من هذا الرافد الإلهي العظيم، والنفحة الرحمانيّة، والرحمة الإلهية؟ ونحن ـ المسلمون ـ نعيش مختلف التحديات؟

بالإضافة الى تلك التحديات تعيش الأمة تحديا جديداً، وهو جائحة كورونا ومتحوراتها، فكيف نستفيد من ذكرى شهادة أبي عبد الله الحسين، وأهل بيته، واصحابهم؟

وكيف نتعلّم الصبر من السيدة زينب عليها السلام؟ وقدرتها على تحويل المصائب الى ثورة عارمة ضد الأعداء؟

تكمن الاستفادة من أحداث عاشوراء في بصائرها وحقائقها، ومن بصائرها أن الانسان حينما يتمسك بحبل الله ويعتصم به، يكون قويّا تجاه أي ظرف، وتجاه أي تحدٍ.

يقول الإمام الحسين، عليه السلام: “ألا وإنّ الدعي بن الدعي ـ يعني ابن زياد ـ قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة”، فكلمة هيهات دوّت في الآفاق ووصلت إلينا، وستصل الى الأجيال القادمة الى يوم القيامة، لأنها كلمة حق، ولأن الإنسان حينما يتوكل على الله، فإنه ـ تعالى ـ يكون حَسبُه، وحين ينتصر لله، فإنه ينصره، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

ولذا فنحن نتحدى الظروف المحيطة بنا، بالاعتبار بواقعة الطف، فننظر الى إبي عبد الله الحسين، عليه السلام، كإمام، وقدوة، واسوة، عبر التاريخ” فكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء، فكيف يوم نستفيد منه عليه السلام؟

إذا واجهنا الإرهاب، رفعنا راية أبي عبد الله الحسين، وكذا إذا واجهنا الاستكبار، وحتى في مواجهة الوباء نرفعه رايته، عليه السلام، وذلك بالتوسّل به الى الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهو نِعم الشفيع الى الله برفع الوباء ودفعه، وهو ـ تعالى ـ يستجيب الدعاء، خصوصا إذا كان تحت قبّة أبي عبد الله الحسين، عليه السلام.

نحن نتحدى الظروف المحيطة بالاعتبار بواقعة الطف، فننظر الى أبي عبد الله الحسين، عليه السلام، كإمام، وقدوة، وإسوة، عبر التاريخ” فكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء

يقول الله ـ تعالى ـ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فأيّة وسيلة أقرب الى الله، من محمد وأهل بيته الطاهرين، صلوات الله عليهم، ولذا لابد من العودة الى ربنا ونتوسل بالنبي وأهل بيته، وبصاحب الذكرى، أبي عبد الله الحسين، عليه السلام.

وينبغي على شعبنا؛ علمائه، كباره، وصغاره، أن نتعلم من الإمام الحسين، عليه السلام، كيف نتقي شرَّ الوباء، فالتقيّد بالواجبات الصحيّة، وأسباب السلامة، يجب أن يكون ذا أولوية خصوصا في هذا الظرف الوبائي.

أمر الإمام الحسين، عليه السلام، ـ ليلة عاشوراء ـ بحفر خندق حول الخيام، مع علمه بأنه مقتول، ويعلم أن ظاهر قوته الموجود ليست بمستوى جيش العدو، الذي ناهز الثلاثين ألف، لكنه عليه السلام، عمل بالأسباب الطبيعية، لأن المحافظة على النفس، واتقاء الشر واجب.

فهو ـ عليه السلام ـ لم يستسلم في أول الصباح للأعداء وإنما قاوم الى آخر لحظة، تقول السيدة زينب، عليها السلام: “لم يستشهد أخي الحسين إلا وقد ادخل العزاء الى كل بيوت الكوفة”.

إنّ الشجاعة الحسيّنية يضرب بها المثل في كل العالم، فمن شجاعة الإمام الحسين، عليه السلام، الى أبي الفضل، والقاسم، والأكبر، وغيرهم، ونحن علينا أن نكون شجعان وأبطال في مواجهة كل شر، ومن الشر المرض، ومن المرض  هذا الوباء.

ومن ـ الأسف ـ أن البعض حينما يقال له: احترز من المرض، فإنه لا يسمع الكلام، بينما مسألة الاحتراز، والمحافظة على النفس واجبة، يقول الله ـ تعالى ـ:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، ونحن علينا أن نتبع ارشادات السلامة، التي يبينها علماؤنا الابرار، والخطباء الأجلاء، والمسؤولون الكرام.

إن مواجهة هذا الوباء لا يمكن بالعمل الذي تقوم به الحكومات وحدها، خصوصا في بلداننا العربية والإسلامية، ولذا علينا كشعوب ان نستلح بالارداة، والإيمان، ونتسلح بحب أبي عبد الله الحسين، عليه السلام، فنقاوم ـ الوباء ـ بالدعاء، والدواء، والتباعد الاجتماعي ولبس الكمامة، ونقاوم بكل وسيلة ممكنة.

________________________

*مقتبس من محاضرة للمرجع المدرّسي (دام ظله).

#الوباء #الارادة

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا