مناسبات

رسائل من النهضة الحسينية (1) الفارق بين خط الرسالة وخط الطغاة

في عام ٦٠ للهجرة وفي الأواخر من شهر رجب الأصبّ، عندما وصلت تلك الرسالة المشؤومة إلى أرض المدينة وبالتحديد إلى الوالي، والتي كان محتواها، اخذ البيعة ليزيد بعد موت أبيه معاوية، وخصّت بالذكر عدّة رموز اجتماعية في مقدمتها؛ الإمام الحسين عليه السلام، فبعث الوالي الأموي إلى الحسين عليه السلام أن يقدم إليه، فعرف الإمام الحسين بأن وراء ذلك غدراً لذا أخذ معه بني هاشم و امرهم بالاستعداد لأي طارئ يحدث، فكانوا على هبة الإستعداد للتضحية دون سيدهم.

فدار حوار بين الوالي وبين الإمام الحسين عليه السلام، طلب الوالي من الإمام البيعة ليزيد، فانتفض الحسين عليه السلام ورفض البيعة وقال كلمته الشهيرة والتي ارسل من خلالها أولى رسائل نهتضته المباركة، والتي ترتكز على التمييز بين القيادة الربانية والقيادة المزيفة وفضح القيادة المزيفة ورفضها والوقوف بوجهها وعدم مبايعتها.

كل من كان مثل الحسين بصفاته ومبادئه وقيمه وأخلاقه لا يمكن أن يبايع اي شخص مثل يزيد بصفاته ومبادئه وقيمه وأخلاقه

 تلك الكلمة التي قال فيها الإمام الحسين عليه السلام: “أيها الأمير، إنَّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فَتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل شَاربُ الخُمورِ، وقاتلُ النفس المحرَّمة، مُعلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحَقّ بالخلافة”.

والإمام صلوات الله وسلامه عليه، عندما قال: “مثلي لا يبايع مثله”، يريد أن يوصل رسالة لكل الأجيال وعلى مر الأزمان، فهو لم يقل (انا لا ابايع يزيد) وإنما وضع قانونا، وهو أنه هناك قيادة حقة ربانية، وقيادة باطلة زائفة وهاتان القيادتان لايمكن أن يجتمعا أو يتفقا في يوم من الأيام.

 فكل من كان مثل الحسين بصفاته ومبادئه وقيمه وأخلاقه لا يمكن أن يبايع اي شخص مثل يزيد بصفاته ومبادئه وقيمه وأخلاقه، هناك خط الرسالة الذي تمثّل بالانبياء جميعاً من آدم وإلى حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، واكمله الأئمة عليهم السلام، ومروراً بالامام الحسين، عليه السلام، ويستمر بكل الرساليين على مر التاريخ، وهناك خط الطغاة والقيادات الباطلة وأعداء الرسالة، ابتداءً من قابيل ومروراً بكل الطغاة من أمثال فرعون ونمرود وشداد، ويستمر ليصل إلى يزيد، ويكمل بعده بالحجاج وجميع الطغاة إلى عصرنا هذا ومابعده.

فرسالة الإمام الحسين عليه السلام كانت لا يحق لأي شخص يدعى انه من خط الرسالة ويريد أن يكون مثل الحسين لا يحق له مبايعة مثل يزيد من أهل الباطل.

فكل شخص يريد أن ينتمي إلى خط الرسالة عليه أن يتعرف إلى صفات أصحاب ذلك الخط، حتى يطبقها على نفسه ويتحلّى بها ويوالي من توجد عنده تلك الصفات، وكذلك عليه أن يتعرف إلى صفات الخط المقابل من أجل أن يتجنبها ويتجنب من يحملونها.

فالحسين، عليه السلام، كان يتمتع بتقوى الله وبالورع والإيمان والعلم والأخلاق الفاضلة ومساعدة الناس وحفظ حقوقهم وحقوق الله، فمن يتمتع بهذه الصفات فهو يكون مثل الحسين.

كل شخص يريد أن ينتمي إلى خط الرسالة عليه أن يتعرف إلى صفات أصحاب ذلك الخط، حتى يطبقها على نفسه ويتحلّى بها ويوالي من توجد عنده تلك الصفات، وكذلك عليه أن يتعرف إلى صفات الخط المقابل من أجل أن يتجنبها ويتجنب من يحملونها

بينما يزيد كان يتمتع بالفسق والفجور، وشرب الخمر، وانتهاك المحارم، وظلم الناس وقتل النفس المحترمة، ومن يتمتع بهذه الصفات فهو مثل يزيد.

فهل يا ترى نحن نمثّل الإمام الحسين، عليه السلام بسلوكنا؟ أم نمثل يزيد؟ لابد أن نراجع أنفسنا ونتأكد نحن في أي خط نسير، فلا يكفي الادعاء بل لابد أن يترجم إلى سلوك، لا بد أن نمثل الحسين، عليه السلام، بكل بصفاته وسلوكه ونتجنب تمثيل يزيد بكل صفاته وسلوكه، كما علينا أن نبايع ونوالي من كان يمثل الحسين وان نرفض ونتحدى ولا نبايع من كان يمثل يزيد.

فهذه كانت رسالة الحسين عليه السلام في بداية نهتضته المباركة لنا “مثلي لا يبايع مثله”، نقطة رأس سطر.

عن المؤلف

الشيخ حسين الأميري

اترك تعليقا