فکر و تنمیة

الفن العجيب

تارةً تجد انسان تنجذب إليه بمجرد الإستماع لأول حديث له وترى ان نفسك تميلُ اليه، وتارةً أخرى تجد شخص تود أن لو بينك وبينه بُعد المشرقين، فما السر وراء ذلك؟

وما الذي يحملهُ الشخص الاول وليفقده الآخر؟

نحن غالباً ما نُصارع لكسب احترام ومحبة المُحيطين فتتعدد السبل والغاية واحدة، لأننا متناسين جهلاً ما يحمله الإسلام من طرق شتى وسهلة لتحقيق ذلك، فتجد أن الإسلام وضعَ قوانين لتحقيقه وأُسميت فيما بعد  (بفن التعامل مع الناس)، وهي معاملة الإنسان كإنسانٍ متجرد من كل الحواجز، كإنسانٍ خلقه الله في أحسن تقويم، فهو بذلك يختار ان يرتقي بين الناس بفن تعامله او ان يَردَّ نفسه الى أسفل السافلين.

فتلك القيم و الثقافات – التي أتى بها الرسول وطبقها وثبتها اهل البيت، عليهم السلام في نفوس الناس – هي بحر كلٌّ يَغترف منها بقدر وعائه، ومن تلك الثقافات:

 

1 ـ ثقافة الإبتسامة: في العادة ان النفس تميل لمن يَتَبَسم عند ملاقاتها لانها تُشعر المقابل بالارتياح والقُبُولية عنده. فأبتسم عند التحية والحديث، أبتسم عند الوداع، ابتسم في كل وقت ولا تكن فظاً غليظاً؛ يقول الله تعالى {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.

2 ـ “الكلمةُ الطيبةُ صدقة”، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وآله؛ فهي الشرط التالي بعد الإبتسامة لان الإبتسامة والكلام الطيب تساوي حب الناس لك، و الكلام الطيب الخارج من القلب يَتسلل الى أعماق قلب المُتلقي بكل سلاسة، بينما الكلمات المخلوطة بالكذب و النفاق لا يتقبلها العقل والقلب. وتجد النفس تَنفرُّ من مُلقيها.

3 ـ الاحسان الى المسيء: بقولٍ او فعل والتغاضي عن الاساءة بقدرٍ لا يجعل الطرف الآخر يتمادى بظنه ان المقابل ضعيف، وذلك الإحسان يترك انطباعاً جميلة للمقابل ويبين له مدى وضاعة اسلوبه. فتحصل من ذلك على حب المقابل و ميلان قلب المحيطين.

4 ـ العفو عند المقدرة: تنازل عن كراهيتك و حقدك اللئيم و اعفو بالقدر المعقول، لتدوم العلاقات الطيبة بين الآخرين، وذلك لا يعني ألا تُطالب بحقك عند من ظلمك بل يعني ان تعفو بقدر لا يخرجك من حقك ولا يمنعك عنه. ولان من اخذ بزمام الكراهية و الحقد سعياً للإنتقام  بطش متجبراً على اعناق الناس. فيكون بذلك قد ظلم نفسه ومن حوله.

تلك كانت امثلة لفن التعامل مع الناس.

تعلم الفن من منبعه الصحيح لتحقيق التوازن بين السليم بين العقل والقلب.

وان لم تجد من يبادلك نفس الصفات فأصنع واحداً من اجلك.

عن المؤلف

محمد صفاء الدين

اترك تعليقا