المرجع و الامة

المرجع المدرسي يشرع بدروس التدبر في سورة ابراهيم خلال شهر رمضان المبارك

بدا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، دام ظله، بالقاء دورس التدبر والتي ستستمر طيلة شهر رمضان المبارك.
وتدبرات سماحة المرجع في شهر رمضان المبارك ستكون في سورة ابراهيم، وتبث عبر القناة الثالثة في التلفزيون الايراني وفي تمام الساعة السادسة صباحاً.
وكما عودتكم مجلة الهدى في الاعوام السابقة، ستقوم ببث دروس سماحته تباعا عبر موقعها الالكتروني، وفيما يلي الدرس الاول..
تدبرات في سورة (إبراهيم) شهر رمضان المبارك / 1441 هـ –(الدرس الاول)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)

في آخر جمعة من شهر شعبان المعظّم بشّر نبيّنا الأكرم صلّى الله عليه وآله الناس قائلاً:

«إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَ أَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَ لَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي وَ سَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ‏ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ».

و لکن ما هي ضيافة الرب الجليل للعبد الفقير في شهر رمضان؟

نجد الاجابة عن ذلك في سورة البقرة حيث يقول ربّنا تعالى:
[شَهْرُ رَمَضانَ‏ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كانَ مَريضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فَإِنِّي قَريبٌ‏ أُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبُوا لي‏ وَ لْيُؤْمِنُوا بي‏ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ] .

فضيافة الرب في هذا الشهر تتمثّل بالقرآن الكريم، وبالصيام فيه، والدعاء، ونحن ندخل في هذه الضيافة الربّانية نجلس على مائدة القرآن الكريم خاشعين لنتدبّر في سورة مباركة وهي سورة ابراهيم.

ابراهيم القائد القدوة،، من هو ابراهيم (ع)؟
النبي ابراهيم عليه السلام قدوة التوحيد الذي كان قد هيئ جسده للاحتراق بنار نمرود، ومن كان بمفرده أمّة قانتاً لله.

ابراهيم هو من أسكن ذريته بوادٍ غير ذي زرع عند بيت الرب المحرم ليقيموا الصلاة، وكان مثالاً للتسليم والطاعة والعبودية والتذلّل، فهو يأخذ ابنه الذي انتظره سنوات عديدة معه للذبح تنفيذاً لأمر الله، ونحن في رحاب هذه السورة المباركة نتساءل كيف يمكننا أن نسير على خطى النبي ابراهيم عليه السلام ونصطبغ بصبغة الرب؟.
يمكننا معرفة الاجابة من خلال التدبّر في هذه السورة المباركة، التي تُبيّن حقائق التوحيد، وبالرغم من أنّ محور التوحيد يتكرر في السور القرآنية الّا أنّه يُذكر كلّ مرّة من زاوية خاصة ذلك لأنّ البشر بحاجة الى التذكّر الدائم لهذه الحقيقة كما سائر الحقائق الكبرى، من أجل الوصول الى العرفان الحقيقي لتلك الحقائق.

وحين تتجلّى تلك الحقائق في القلب يتسامى الانسان ويتكامل حتّى يصل الى تلك الدرجات الرفيعة التي وصل اليها الأنبياء العظام، والى حيث يقول ربّنا سبحانه وتعالى: [وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ‏ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً]

ولعلّ ذلك هو محور سورة ابراهيم، إنّها تخاطب البشر وتثير فطرتهم أنّهم لم يُخلقوا ليكونوا حطب جهنّم بل خلقهم الله ليكونوا في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.

اذن السبب من البيان المتكرر لهذه الحقائق الكبرى هي أن يصل البشر الى ترميم شخصيته وايجاد تحوّل في ايمانه، ونحن في رحاب هذا الشهر الفضيل وعلى مائدة القرآن الكريم نتدبّر في آيات هذه السورة المباركة نحاول أن نوجد هذا التغيير في داخلنا لنصل الى تلك الدرجات الرفعية.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا