فکر و تنمیة

جنون العظمة.. رغبات الانسان لتحقيق الاحلام المكبوتة

يشعر الفرد المصاب به بأنه ذو قوة عالية تفوق قوة وقدرة اقرانه، وهو يستطيع فعل ما لا يستطيع فعله الآخرين، يرى نفسه افهم من حوله واكثر ذكاء وفطنة وعلم، يتسم سلوكه  بحب السيطرة والنفوذ الى الحد لذي يجعله يتجاوز حدوده الطبيعية سواء على صعيد المهنة او على الصعيد المجتمعي، أو مواهب مميزة، أو أموالاً طائلة، أو علاقات بأشخاص مهمين، هذه الحالة يعرفها علم النفس بأنها جنون العظمة، وهي أحد الأمراض العقلية الخطيرة التي تصيب بعض الأشخاص وتجعلهم يعيشون خيالات واوهام  مرضية لا وجود لها في الواقع.

📌 مرض جنون العظمة يصيب الجنسين معاً وبنفس النسب وفي جميع المرحل العمرية سواء المراحل العمرية المتقدمة في حياة الانسان او المتأخرة

يقول علماء النفس: ان ما يقوم به الفرد المصاب بجنون العظمة ماهي إلا محاولات للهروب من الواقع الفعلي الذي يعيشه او رغبة في التخلص من الواقع المزعج فلا يتمكن من ذلك فيذهب الى الواقع الوهمي لتحقيق هذه الرغبات المكبوتة.

وتقول الدراسات النفسية: ان مرض جنون العظمة يصيب الجنسين معاً وبنفس النسب وفي جميع المرحل العمرية سواء المراحل العمرية المتقدمة في حياة الانسان او المتأخرة، وأحياناً يأتي هذا المرض لأشخاص ذوي مكانة علمية أو اجتماعية في مجتمعهم، نتيجة التملق المستمر وزيادة في تمجيد هؤلاء الأشخاص مما يجعل العظمة تتلبسهم مع الوقت ويشعرون أنهم مميزون في مجتمعهم.

 اربع معايير نفسية اذا توفرت في الشخص فهي دلالة واضحة على اصابته بجنون العظمة وهذه المعايير الاربعة هي:

1- ليس لديه هلوسة واضحة طوال الوقت.

2- لديه أوهام ليست من نوع انفصام الشخصية ولفترة لا تقل عن 3 أشهر.

3- أن تكون الأعراض بسبب الهوس، أو الاكتئاب أو خليط منهما.

4- ليست بسبب مرض جسدي.

من الاعراض التي تظهر على مريض جنون العظمة هي: يكون الفرد دائم الشك في دوافع وافعال وكلام من حوله، عدم الوثوق بالغرباء أو المعارف بدرجة مبالغ بها، وبذا هو لا يميز بين قريب او غريب، يعتقد ان الطريقة التي ينظر الناس فيها اليه نظرة خاصة ومختلفة، يتساءل دائماً  عما يفعله الآخرون سواء داخليًا أو بصوت عال، يعتقد ان الرسائل المشفرة والاحاديث الجانبية وحتى الابتسامات التي تحدث بين طرفين بحضوره تقصده دون غيره والغرض منها الاستخفاف به، كما يعتقد بأن له دوراً أو أهمية خاصة في العالم غير معترف بها أو تم إحباطها من الاخرين.

ومن اكثر الاعراض وضوحاً لدى الفرد المصاب بجنون العظمة هي كثرة كلامه مع غياب وحدة الموضوع في كلامه والانتقال من بين المواضيع بصورة عشوائية، كما يكون قليل النوم في بعض الحالات كما يقول اطباء الصحة النفسية، كما انه شديد الإعجاب بذاته، ولديه تغيرات مزاجية غريبة الاطوار، تغييرات متكررة في المزاج وفي اوقات قصيرة، كما قد تتسم أيضا الشخصية المصابة بجنون العظمة بالعدوان على الآخرين، ثم انها شخصية ليس لها القدرة على التعايش مع الاخرين وتكون سريعة الانفعال.

  • ما هي العظمة الدينية؟

ظهر ضرب من العظمة في الآونة الاخيرة او فلنقل انه موجود لكنه استفحل في الآونة الاخيرة، وهو اصابة الناس بجنون العظمة الدينية، إذ يظنون انهم ملائكة او صالحين ولا يمكن ان يخطئون ولا يقبلون بانتقاد احد لهم سيما في النواحي الدينية فهم يدعون انهم مسددين من الله وهم جنوده في الارض وماشبه هذه الضلالات.

📌 من المهم في علاج هذا الداء عدم الالتفات الى سلوكيات المريض والاعجاب بها او التعامل معها مما يخفض هذه السلوكية تدريجيا ويزيلها

الاسباب التي تجعل الفرد مصاباً بجنون العظمة متنوعة ومتعددة اهمها: الاسباب النفسية مثل تعرض الانسان للكبت والاحباط  وتعرضه لمواقف الفشل المختلفة وهذه المواقف جميعها تؤدي الى الصراع النفسي بين رغبات الفرد في اشباع رغباته وخوفه من الفشل في اشباعها، ثاني الاسباب هي وراثية واسرية بحتة، اذ تظهر بعض السلوكيات كتقليد من الاسر التي تحتوي الافراد المصابين وبعضها يأخذ الطابع الوراثي، وينشأ جنون العظمة في بيئة تتصف بالانعزالية مما يجعل الشخصية مهيأة لبناء منظومة هذائية.

  • ماهو السبيل الى العلاج؟

معالجة جنون العظمة يتم عبر ثلاث امور وهي:

 اولا: مرحلة العلاج النفسي التي يصبح التعامل فيها نفسياً لتخفيف قلق المريض وتجديد قدرته على اعادة الاتصال الطبيعي بمن حوله، بعد ان تعثر الاتصال وتغيرت الكثير من العلاقات وهذه المرحلة الاولى من العلاج.

ثانياً: مرحلة العلاج السلوكي التي تهدف الى اقناع المريض بما يسلكه ويقوم به غير صائب والافضل ترك الهذاء وتدعيم السلوك التوافقي، وبهذه الامور الثلاث يمكن ان نعالج هذا المرض المستشري والغير مريح على الاطلاق واعادته انسان متوازن. 

ثالثاً: من المهم في علاج هذا الداء عدم الالتفات الى سلوكيات المريض والاعجاب بها او التعامل معها مما يخفض هذه السلوكية تدريجيا ويزيلها، وهكذا يمكن ان نقوض مساحة المرض.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا