فکر و تنمیة

التوتر وحش يطارد السعادة

نعيش يوميا ساعات غير طبيعية نشعر فيها بالضغط والحيرة الكبيرَين، فقد يكون سبب ذلك هو تأخر انجاز بعض الاعمال او كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، وبمثل هذه الظروف نمر بحالة من التوتر المزمن الذي لا يفارقنا إلا أوقات قليلة قد تكون أوقات النوم فقط.

ويعد التوتر من الآثار السلبية المرتبطة بشعور الفرد بالخوف والقلق إزاء اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالأمور الحياتية، في الوقت الذي يحمل التوتر معه شيئاً من الإيجابية وهي مساعدة الجسم على إفراز مادة الأدرينالين، الذي يدفع بدوره إلى إنجاز المهام، ويعزز القدرة على حل المشكلات، وقد يصاحب الشعور بالتوتر الإنسان القديم كاستجابة مباشرة لمواجهة الخطر ووسيلة للحماية من الحيوانات المفترسة والتهديدات المختلفة.

🔺 يعد التوتر من الآثار السلبية المرتبطة بشعور الفرد بالخوف والقلق إزاء اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالأمور الحياتية

وبالطبع لكل زمن تهديدات وتحديات تختلف عن الازمان الأخرى فما عادت التحديات التي تواجه الانسان في العصر الحديث، تشبه التحديات التي واجهته في الازمان الماضية، المتعلقة بالحصول على الطعام او العيش بأمان بعيدا عن الهجوم الذي تشنه اقوام على أخرى، فالتحديات التي تسبب التوتر في الوقت الحالي يرتبط مجملها في إرهاق العمل ورعاية الأبناء ودفع الفواتير، وكل هذه الضغوط تعطي إنذارات للعقل، وتضعه في وضع التحفز والتوتر المستمر الذي ينعكس على جميع مهامه اليومية.

  • علامات التوتر

قبل الشروع بتوضيح علامات التوتر التي تظهر على الانسان، لابد من وضع تعريف لهذه الحالة التي تصيب العديد من الافراد، اذ يُعرف التوتر المزمن: بالشعور الثابت بالضغط والإرهاق على مدى فترة زمنية طويلة، ويستنزف الطاقة النفسية والجسمانية للشخص ببطء.

وتظهر علامات هذا الاستنزاف في صورة مجموعة أعراض تظهر معا لعدة أسابيع، ومن أهم هذه الأعراض، الآلام المتفرقة بالجسم، والأرق، وتغير السلوك الاجتماعي المعتاد، مثل البقاء في المنزل لفترات طويلة، بالإضافة إلى انخفاض الطاقة وعدم القدرة على التركيز، والانسحاب العاطفي، وقد يتطور التوتر المزمن إلى اضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب والوسواس القهري.

  • أسباب التوتر

تعد الصدمات الشخصية أو سوء المعاملة المستمر من المصادر الرئيسية لإصابة الفرد بحالة التوتر المزمن، ولم يكن ذلك المصدر وحده الذي يقف وراء هذه الحالة، بل يشترك معه العنف المنزلي وإساءة معاملة الأطفال والأحداث المؤلمة مثل الكوارث الطبيعية أو ظروف الحروب، أو الأمراض الخطيرة.

ويحدث التوتر المزمن نتيجة الاستجابة المتكررة للضغوط، ويبقى الجسم دائما في حالة من التهديد المتخيل حتى لأبسط الأشياء التي يمكن أن تمر ببساطة، لكنها تسبب كثيرا من الانزعاج، الذي يجعل الشخص متقلب المزاج بصورة مستمرة، وقلقا بشأن شيء ما لا يعرف جوهره تماما.

ويشير المتخصصون أن التمييز ضد شخص ما يمكن أن يكون مسببا للتوتر، مثل التمييز ضد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو المختلفين في اللون، واللذين غالبا ما يشعرون بالقلق بسبب الوصم المستمر تجاههم من المجتمع، كما يعد الفقر أيضا سببا رئيسيا للتوتر والقلق المزمن، بسبب الآثار الطويلة للضغوط المادية والديون وانعدام الأمن.

  • آثار السلبية للتوتر

من الآثار السبية للتوتر هي انه لا يترك للشخص فرصة للاعتناء بنفسه وحالته المزاجية، فهو يصبح مثل وحش يطارد ويلتهم كل أسباب السعادة، وربما يحولها أيضا إلى العكس، بسبب النظرة التشاؤمية للشخص القلق، ولا يرتبط التوتر المزمن بوقت معين، لكنه يبقى مستمرا لفترة طويلة بسبب مشكلات كبيرة أو مشكلات تبادلية على مدى فترة من الزمن، وتستمر أعراضه لفترة أطول من شهر.

كشفت دراسة طبية حديثة عن الآثار المدمرة للتوتر على الصحة، وقدرته على إضعاف الجسم أمام مرض خطير.

ووفق الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية، فإن ضغوط العمل والحياة اليومية والتوتر والشعور بالقلق، تسرع من شيخوخة الجهاز المناعي، وتزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب.

وقال الباحثون في دراستهم التي نشرت بمجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم”، إن السلوكيات المترتبة على التوتر مثل التدخين وشرب الكحوليات والعادات الغذائية غير الصحية، تضعف مناعة الجسم.

🔺 ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحافظ على مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم تحت السيطرة، وتقلل الحركة اليومية مستويات التوتر

وأوضح خبير علم الشيخوخة في جامعة جنوب كاليفورنيا، إريك كلوباك، أن “هذه السلوكيات الصحية تفسر الصلة بين الإجهاد والشيخوخة المناعية، فالأشخاص الذين يعانون من ضغوط أكبر قد يكونون أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات صحية محفوفة بالمخاطر.

وبحسب كلوباك، فإن التوتر والقلق يمكن أن يؤدي إلى تنشيط الفيروس المضخم للخلايا، مما يجبر جهاز المناعة على تخصيص المزيد من الموارد استجابة لذلك، وهكذا تضعف صحة الخلايا التائية.

  • طرق التخلص من التوتر

يقول المتخصصون في علم النفس: إن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحافظ على مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم تحت السيطرة، وتقلل الحركة اليومية مستويات التوتر، ويمكن ممارسة المشي لـ 20 دقيقة يوميا من أجل تحسين الذاكرة والإدراك وتقليل التوتر.

لا يمكن إهمال دور تمارين وتقنيات الاسترخاء في تقليل التوتر وخفض مستويات الكورتيزول في الدم، وتتمثل تقنيات الاسترخاء في اليوغا، والتأمل والتنفس العميق والصلاة.

ويؤثر الطعام الذي يتناوله الشخص على كيفية استجابته للقلق والتوتر، وتشير الدراسات إلى أن بعض الأنظمة الغذائية قد تسبب الاكتئاب والقلق لاسيما التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات، في حين الأنظمة التي تعتمد على منتجات الأسماك والدهون الصحية، تقلل من مستويات التوتر.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا