کل المجتمع

حجاب المرأة طريقها الى النجاح (7) حدود غِيرة الرجل*

يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فان ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم، ولكن أحكم أمرهن فإن رأيت ذنبا فعاجل النكير على الكبير والصغير. وإياك أن تعاقب فتعظم الذنب و تهون العتب”.

من المفاهيم التي ركزها الاسلام بعد ان كانت موجودة بصورة أو بأخرى عند المجتمعات البشرية، وبالذات عند العرب، من تلك المفاهيم “الغِيرة” هذه الكلمة التي ربما لا نجد لها مرادفاً في اللغات الأخرى، والقرآن الكريم ربما عبّر عن الغِيرة بالحمية.

الحاجة الى وجود الغِيرة ترتبط بالمجتمع لا بالفرد فقط، فالرجل الذي يغار على زوجته فهذا لصيانتها، ولحفظ الحالة العامة في المجتمع ومنع ان يتحول المجتمع حالة اشاعة الفاحشة والتفسخ، وإذا ذهبت الغِيرة فإن الحواجز بين المرأة والرجل ترتفع والنتيجة لذلك ارتكاب المحرمات.

⭐ من المفاهيم التي ركزها الاسلام بعد ان كانت موجودة بصورة أو بأخرى عند المجتمعات البشرية، وبالذات عند العرب، من تلك المفاهيم “الغِيرة”

يقول النبي الاكرم، صلى الله عليه وآله: إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب”، فالرجل الذي لا يغار على زوجته، او بنته، او أمه..، فهو منكوس القلب، وفي زماننا هذا ـ مع الاسف الشديد ـ اصبح مفهوم الغِيرة محلَّ استهداف؛ فحين يتحدث المؤمنون عن هذا المفهوم يُنظر الى أن هذه المسألة قضية رجعية، فالترويج ـ مثلا ـ للاختلاط بين المرأة والرجل الاجنبي اصبح شيئا عاديا عند البعض، وهذه من الوسائل التي يتم من خلالها استهداف مفهوم الغِيرة، وهناك ضرب لهذا المفهوم ويتوجه الاستهداف بشكل كبير الى ضرب الغِيرة عند النساء، فصوروا ان الرجل الذي يَغار على زوجته انه رجعي ومتخلّف! والعجيب أن الغِيرة التي هي من الإيمان اصبحت منبوذة، والغِيرة التي هي من الكفر اصبحت محببة، فغيرة المرأة على زوجها ـ التي هي في نظر الاسلام كفر ـ اصبحت هي المحببة، أما غير الرجل ـ التي هي الايمان ـ اصبحت عند البعض شيئا رجعيا!

أمير المؤمنين، عليه السلام، يبيّن مفهوم الغِيرة بشكل واسع؛ وهو متى تكون الغِيرة مطلوبة وجيدة، ومتى تكون غير جيدة، فغِيرة الرجل مطلقا ليست مطلوبة، يقول النبي الاكرم، صلى الله عليه وآله: “إن من الغِيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على اهله من غير ريبة”، الغِيرة المطلوبة ان يُراقب الرجل لكن لا ان يحسس أهله بذلك، لا ان يجعل البيت وكأنه سجن فيجعل شكَّه في كل شيء.

“وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فان ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم “، لان المرأة بطبيعتها عاطفية، وايضا هي سهلة ان تُخدع، فالمنحرفون يستغلون هاتين الخصلتين للوصول الى مآربهم الخبيثة، فالرجل إذا لم يُحكم أمرَ زوجته ربما تقع المرأة في محذور، والتعبات في ذلك تعود على الرجل، لانه لم يتابع زوجته.

⭐ اصبح مفهوم الغِيرة محلَّ استهداف؛ فحين يتحدث المؤمنون عن هذا المفهوم يُنظر الى أن هذه المسألة قضية رجعية!

“فإن رأيت عيبا فعجل النكير على الكبير والصغير”، الزوجة لا تُحب أن تخرِّب بيتها بيدها، فهي تريد ان تبقى في كنف الزوج فهو الذي يهتم بها، لكن احيانا الرجل لا يُعرّف المرأة الخطوط الحمراء من البداية، فإذا ما تجاوزت المرأة حدودها حينها يقوم الزوج بالمعاقبة، وهذا خطأ يحذر منه أمير المؤمنين، عليه السلام، فالرجل عليه ان يُبيّن لزوجته الخطوط الحمراء والمرأة حينها لن تتجاوز حدودها إن أرادت البقاء مع زوجها.

” فعجّل النكير”، جاء هذا التعبير دون غيره؛ في أن على الرجل ان يعترض على الخطأ بشكل واضح، وبصوت عالٍ.

“واياك ان تعاقب فيطول الذنب” العقاب له موقعه، فإذا صار في غير ذلك سيصبح الامر عاديا.

  على الرجل ان يَغار زوجته، لكن يجب ان يكون ذلك في حدوده الطبيعية، وكذا على المرأة ان تَعرف حدودها في بيت زوجها حتى لا تخرّب بيتها بيدها، وخلاصة كلام الأمير في هذه الرواية ان على الرجل ان يكون مُتزنا، سواء فيما يرتبط بالغيرة، او ما يرتبط بالعقاب، فإذا فرّط في احدهما ربما يؤول الامر الى أخطاء أخرى ليست بالحسبان.


  • مقتبس من محاضرة للسيد مرتضى المدرسي (حفظه الله).

عن المؤلف

السيد مرتضى المدرّسي

اترك تعليقا