فکر و تنمیة

اصحاب الحس الفكاهي .. باب من ابواب الراحة

في تعاملاتنا الحياتية المختلفة وفي جميع الاماكن والمواقف الرسمية وغير الرسمية عادة ما يصادفنا اشخاصا يحاولون ان يظفوا على المشهد مسحة من الفكاهة واللطافة، وهم ليسوا بمقلدين او متصنعين انما يتقنون هذا الفن او الخصيصة لوجودها اصلاً في شخصياتهم، فهل لحس الفكاهة ارتباطاً بنمط الشخصية؟ وهل هو مكتسب او موروث؟ وماهي فوائد وايجابيات الفكاهة في حياة الانسان؟

والفكاهة  تعني: “أي اتصال بشري يجعل الناس يضحكون أو يشعرون بالسعادة،  او إنها قدرة أو جودة الأشخاص أو الأشياء أو المواقف على استدعاء مشاعر التسلية لدى الآخرين”، مما يجعلهم متناسين ضغوطات الحياة وعابرين صوب الايجابية التي تبقي الانسان صحيح النفس والجسد والروح.

⭐ الاشخاص الذي يتصفون بحس فكاهة عالٍ عادة ما يكونون ذوو شخصية قوية ومرحة ومتفائلة واجتماعية

رغم احزان الانسان ومآسيه واتعابه الى انه يضم بين جنابته جانباً مشرقاً وهو الذي يخرج عبر حس الفكاهة الذي يجعل الانسان يميل الى ان يكون سعيداً، ويميل الناس إلى استخدام هذا النوع من الفكاهة كطريقة للتعامل مع الضغوط والتوترات في العالم، حيث ان الفكاهة وسيلة جيدة للتعامل مع الإجهاد والتخلص من آثاره المدمرة للنفس.

الاشخاص الذي يتصفون بحس فكاهة عالٍ عادة ما يكونون ذوو شخصية قوية ومرحة ومتفائلة واجتماعية، ولا يعنيها المظاهر ولا يقيدهم مكانة مجتمعية\ن او شهادة اكاديمية\ن او مشاكل عن الضحك وبث روح المرح، فهم اينما يحلون تحل معهم الابتسامة وتحل معهم الراحة النفسية وهم بذلك يمثلون مصادراً من مصادر الراحة التي تدعم الصحة النفسية للانسان والعكس هو الصواب بالتأكيد.

⭐ اود الاشارة الى انني حين امتدح حس الفكاهة والكوميديا لا اقصد تلك التي تشهر بالناس وتغتابهم وتطعن في الاعراض وغير ذلك من الامور غير الاخلاقية التي باتت تسيطر على اغلب مجالسنا

هنا اود ان  ذكر مثال لاحد اصحاب الحس الفكاهي الذي كان في قريتنا الصغيرة وهو من الناس البسطاء جداً فكرياً، لكنه حين يحضر في اي مجلس يحوله الى اشبه بالمسرح الذي يعرض فيه مسرحية و حين يغيب تجد الجميع يسألون عن سبب غيابه، لأنه يمثل الجانب البسيط المرح للانسان، فكان مجلسه لا يمل، ومصاحبته لطيفة وممتعة، وهو لا يحفظ ما يعرف بالنكات او القصص المضحكة ويوظفها في المحادثات، بل لديه القدرة على التحدث بشكل طبيعي  بطرق إبداعية ومسلية على فطرته وسليقته ما يعني ان هذه الخصيصة اصيلة لا مكتسبة.

  • اشارة:

اود الاشارة الى انني حين امتدح حس الفكاهة والكوميديا لا اقصد تلك التي تشهر بالناس وتغتابهم وتطعن في الاعراض وغير ذلك من الامور غير الاخلاقية التي باتت تسيطر على اغلب مجالسنا، إذ تعجُّ بأنواع الرذيلة واكل اللحم الميت الذي لا يرضاه دين ولا خلق، فما يدور في هذه المجالس رغم كونه يضحك الكثير من الناس، إلا اني اعده تفاهة وقلة دين وتربية وحياء، كما انني لا ادعو مطلقاً الافراط في الضحك لأنه يفقد الانسان هيبته ولا أدعوه الى ان يكون عبوساً فلا افراط ولا تفريط بل بين هذا وهذا.

  • العوائد الايجابية للفكاهة او الكوميديا:

يعود حسن الفكاهة على الانسان المتصف به وعلى المجتمع  بعدة عوائد ايجابية منها:

1- تحسن من الصحة النفسية للانسان ويقوي نظام المناعة البدني علاوة على كونه  يحسن صحة القلب والأوعية الدموية ويخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم والشد العضلي.

2- في الحياة الاجتماعية يكسب الانسان الفكاهي الكثير من الاصدقاء لكون الانسان بطبيعته يحب التقرب ممن يخفف عنه همومه ويخلق جواً لطيفاً  ومرحاً.

 3- على صعيد الحياة العملية يكون حس الفكاهة باباً من ابواب النجاح في العمل لكون اغلب الناس يفضلون العمل مع اشخاص قريبين منهم نفسياً، فلا تنقضي ساعات من العمل اليومي مع العبوس والمتشائم والجدي في جميع الحالات.

4- من باب التأثير في الاخرين، فأن الاشخاص الجامدين لن يقدروا على التأثير في الناس ايجابياً على عكس المرحين فإن لديهم جاذبية تمنحهم القدرة على التأثير بالناس بشكل أقوى، وبالتالي نجد أن الفكاهة ترفع من أداء التفاعلات الاجتماعية وتساعد على إنشاء روابط قوية بين الأفراد. 5-يمكننا الجزم ان الفكاهة من اقوى الوسائل وانجحها للتخلص من التوتر، إذ انها تقدم فسحة معرفية تبصر الانسان بكيفية النظر لضغوطات الحياة وبالتالي يتمكن من الاستجابة لها بهدوء، جميع هذه الفوائد التي تتركها الفكاهة على الانسان لذا انا ادعوكم ان تتمسكوا بالمرحين الفكاهيين بل وملاصقتهم للضفر بكل هذه العائدات العظيمة على النفس البشرية.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا