فکر و تنمیة

الفضولي ليس كامل الاهلية النفسية؟

الخصوصية بالنسبة للانسان امر مقدس لا يسمح باستباحته بأي شكل من الاشكال ولأي شخص كان، ويختلف الامر من جزئية في حياته يعدها خصوصية بنسبة معينة  الى جزئية اخرى يعدها اكثر خصوصية يحاول الاحتفاظ بها لئلا تخرج الى الخارج، وسط هذه الاهمية التي يوليها للانسان لكتم اشياءه واهدافه وطموحاته وبعض متعلقاته يظهر نوع من البشر متطفل يحاول معرفة كل ما لديك والاطلاع عليه وهذا الشخص هو (الشخص الفضولي).

استغربُ كثيراً من سلوكيات هؤلاء الطفيليين وأتساءل في نفسي ما الذي خوله حق معرفة تفاصيل حياة الناس والتدخل بها، وما الذي سيجنيه إن عرف تفصيلة من هنا واخرى من هناك، هل فكر في ان يعكس الامر عليه مرة ليرى حجم الاستفزاز الذي يخلفه التدخل في تفصيلات الآخرين وجزئيات حياتهم، ومن ثم كيف يمكن ان نتعامل مع مثل هذه الشخصية المزعجة دون ان يحدث تقاطع معها؟

الكثير منا يعاني من وجود احدهم الفضولي في حياته كأن يكون صديق، او مقرب، او من العائلة ذاتها، والأغرب أن الفضوليين انفسهم يشتكون من تدخلات فضوليين آخرين، غير واعين ربما لكونهم نفس هؤلاء الذين يشتكون منهم، وحيال التدخل غير اخلاقي لشريحة الفضوليين قد نجد انفسنا عاجزين من ايصال فكرة إليهم لإصلاح احوالهم بالتلميح او التصريح عبر المزاح مثلاً.

يترتب على هذا الغباء او ربما التغابي المقصود انفجار الضحية بوجه الفضولي بعد صبرٍ طويل بعد ان يصل الى نتيجة بعدم وجود مبرر للاستمرار لهذا التدخل وبعد ذلك قد يحدث شرخاً في العلاقة او قطيعة، لذا لابأس بأن نحاول أن نجد أسلوباً مميزاً للتعامل مع الأشخاص الفضوليين وكبح فضولهم، أو على الأقل الحفاظ على خصوصيتنا في وجه فضولهم المستمر.

كل هذه العملية تجري لإشباع غريزة الفضول والوصول الى حالة اتزان هو يعتقد انه سيحصل عليها بمجرد معرفة هذه الامور، فيقوم الفضولي بتخويل نفسه بالتدخل في حياة من حوله لكنه في الوقت نفسه يرفض تدخل احد في حياته، يا له من تناقض عجيب.

📌 الكثير منا يعاني من وجود احدهم الفضولي في حياته كأن يكون صديق، او مقرب، او من العائلة ذاتها، والأغرب أن الفضوليين انفسهم يشتكون من تدخلات فضوليين آخرين

ما يعقد التعامل مع الفضولي انه يأطر تدخله بإطار الحب لك والرغبة في ان يراك مطمئناً وبذا هو يفرض عليك تدخله ويضعك بين مطرقة زج انفه في كل شاردة وواردة، وبين سندان الصفة التي يدخل الى حياتك عبرها، وهنا سيدي القارئ الكريم عليك الاجتهاد في الاحتفاظ بأسرارك والتحدث بذكاء وفطنة ولا داعي لئن يغلب عليك الحياء الذي سيتحول بعد الموقف الى وبال لوم لنفسك.

وما نود الاشارة اليه ان جانب للفضول ايجابي جداً وليس كل الفضول قبيح وهذا الجانب يتمثل في الفضول العلمي هو سبب ما نراه اليوم من إنجازات علمية بسبب تزويده للانسان بالرغبة الكبيرة في معرفة كل شيء، حيث تصبح هذه الرغبة محركة للسلوك لدى بعض الأفراد ما يجعلنا نقول أنهم ناجحين.

  • كيف نوقف الفضوليين بلطافة؟

لإيقاف هذه السلوكية غير السوية ومنعها أثرها النفسي علينا نحاول ان نواجه ببعض السلوكيات بالإجابة المختصرة العامة على سبيل المثال حين تسأل عن مرتبك الشهري يمكن ان لا نجيب بالأرقام ونكتفي بعبارة (خير من الله)، وبذا يمكن ان يشعر انك لا تريد ان تجبيه على سؤاله فربما يكف عن السؤال مرة اخرى.

 واذا كنت تمتلك شجاعة كافية لابأس بالاعتذار وبيان ان الامر خاص لا تستطيع الافصاح عنه، او انك حين تسأل عن امر لا تود الحديث فيه  تقوم بتغير بوصلة الحديث الى حيث تريد، وبذا هو يفهم انك لا تريد الاجابة، ويمكنك أحياناً أن تستهزئ بالسؤال نفسه، فإذا سألك مثلاً متى ستتزوج؟ أجبه بسخرية (عندما يبيض الديك).

في الخلاصة جميعنا يعي حجم الازعاج الذي يتركه التدخل في الخصوصيات ومن هنا صار لازماً التعامل مع الفضول بحكمة، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان نبتعد مسافة سير عام كامل عن اقتحام خصوصيات الآخرين فما لا نحبذه من الاخرين لا يجب ان نوجهه اليهم.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا