أدب

الإمام الحسين عليه السلام عند مؤرخي وشعراء شمال أفريقيا والأندلس

 ان الشعائر والمراسيم والمواكب التي تقام في أيام شهري محرم وصفر من كل عام، هي واحدة من الأساليب المهمة في تخليد قضية الإمام الحسين، عليه السلام، ولم تقتصر هذه المراسيم على العراق؛ مسرح الأحداث، بل امتدت إلى بلاد أخرى من العالم الإسلامي في المشرق والمغرب، وكان لامتدادها الأثر  الكبير  في أوربا وجنوب شرقي اسيا، وحتى أمريكا اللاتينية عن طريق المسلمين من محبي اهل البيت، عليهم السلام، والعترة الطاهرة.

 شاء الله أن يخلد الإمام الحسين، عليه السلام، وثورته التصحيحية بمختلف الوسائل والاساليب، وهيأ لهذا الأمر من عباده من يقوم به طواعية وبلا مقابل مهما كبدهم ذلك من خسائر وضحايا مادية ومعنوية.

📌شاء الله أن يخلد الإمام الحسين، عليه السلام، وثورته التصحيحية بمختلف الوسائل والاساليب

وهو كما يبدو وعد موعود وعهد معهود قبل بداية الثورة الحسينية على أرض الواقع، فتربع الإمام الحسين، عليه السلام، على قلب كل مسلم, بل وعلى فؤاد وكل حر من احرار البشرية على اختلاف جنسهم ومعتقداتهم، وكثرت الرايات التي ترفع الإمام الحسين، عليه السلام، شعارا في حركاتها الثورية التحررية، والتصحيحة سلمية كانت أو مسلحة، بغض النظر عن الأهداف والنوايا ولم تكن المغرب والاندلس بعيدة عن هذه الشعارات.

وهي من البلدان التي تأثرت بفكراهل البيت، عليهم السلام،  واحبتهم على الرغم من الحكومات التي تعاقبت على حكمهم لم يكن هواها معهم، إلا أن المسلمين احبوهم عموما والإمام الحسين، عليه السلام خصوصا، لانه لم يفجر ثورته اشرا، ولا بطرا، ولاظالما، ولا مفسدا، وإنما انطلق ليؤسس معالم الإصلاح في البلاد وتحقيق العدل الاجتماعي بين المجتمع ويقضي على أساليب القمع والظلم.

  • اثر الفكر الذي أثبتته النهضة الحسينية في المغرب والاندلس

ذكر لسان الدين بن الخطيب الغرناطي، ٧٧٦ه‍ من عادات اهل الأندلس عامة وأهل شرق الأندلس خاصة لاسيما منطقة الجوف التي بدا فيها التشيع على أثر دخول فكر الإمام الصادق، عليه السلام، وانتقال احفاد مالك الاشتر، وعمار بن ياسر إلى مصر، ثم المغرب خاصة في ذكرى استشهاد الإمام الحسين، عليه السلام، من التمثيل بإقامة الشعاير الحسينية وانشاد المراثي ووصف إحدى المراسيم وصفا حيا يخيل لنا إننا نرى احياء الذكرى في إحدى مدن العراق.

و الملاحظ ان هذه المراثي كانت تسمى الحسينية او الصفة والمحافظة عليها بقيت إلى ايام غرناطة سنة ٨٩٧ه‍ اخر معقل إسلامي في الاندلس.

ومما ذكره ولم يزل الحزن  متصلا على الحسين، عليه السلام، والمآتم قائمة في البلاد يجتمع لها الناس، ويحتفلون لذلك ليلة ويوم قتل فيه بعد الأمان من نكير، وكانوا يقيمون الجنازة في شكل من الثياب، ويحتفل بالاطعمة والأضواء والشموع، ويجلب القراء، ويوقد البخور، ويتلون المراثي الحسينية، التي يستعملها اليوم المستمعون فيلوون العمائم الملونة ويبدلون الاثواب، ويشقون  الأعلى عند الاسفل بقيت من هذا ولم تنقطع بعد وان ضعفت  مهما قيل الحسينية او الصفة.

  • الامام الحسين عليه السلام في الشعر الافريقي والاندلسي

 في مجال الأدب الشيعي في الأندلس ان بعض ادباؤهم وقفوا من انفسهم شعراؤ لكربلاء، وكفواعن القول  في غيره؛ كالشاعر ابي الخصال الشقوري ٥٤٠ ه‍، وجعل من رثاء  الإمام الحسين، عليه السلام، قصائد مستقلة.

📌يبدو واضحا ان النياحة والرثا للامام الحسين، عليه السلام،  واقامة شعائر الحزن والاسى عليه قد تداولها المسلمون في المغرب والاندلس منذ وطات أقدامهم فيها

وكان ابن دراج القسطلي ٤٢١ه‍ من أفضل الشعراء الحموديين الشيعة، وهو اول من ذكر مناقب اهل البيت، عليهم السلام، في أسلوب حزين ومؤثر، والشاعر ابو البحر صفوان بن إدربس التجيبي ٥٩٨ه‍، من قبيلة تجيب الشيعية ومن اشعاره:

 سلام كأزهار الربي يتنسم

على منزل منه الهدى يتعلم

على مشهد لوكنت حاضر اهله

لعاينت أعضاء النبي تقسم على

كربلاء لا اخلف الغيث كربلاء

وإلا فإن الدمع اندء واكرم

مصارع ضجت يثرب لمصابها

وناح عليهن الحطيم وزمزم

ومكة والاستار والركن والصفا

وموقف حج والمقام لمعظم

واقبلت الزهراء قدس تربها

تنادي أباها والمدامع تسجم

تقول ابي وهم قطعوا رأس الحسين بكربلاء

كأنهم  قد أحسنوا حين اجرموا

ابي فانتصر للسبط واذكر مصابه

وغلته والنهر ريان مفعم

قفوا ساعدونا بالدموع فانها

لتصغرفي حق الحسين ويعظم

 ومهما سمعتم في الحسين مراثيا

تعبر عن محض الأسى وتترحم

فمدوا اكفا مسعدين بدعوة

وصلوا على جد الحسين وسلموا

الشاعر ابن أبي الخصال الاندلسي

وهو واحد من الذين خصوا بكاء الحسين، عليه السلام، باوفر نصيب له عدة قصائد حسينية قال في بعضها:

 ابيت فلا يساعدني عزاء إذا ذكر الحسين وكربلاء

فخل الوجد يفعل مايشاء لمثل اليوم يدخر البكاء

عفا من ال فاطمة الحواء

بعينك يا رسول الله ما بي دموعي

في انهمال وانسكاب

عرج على الطف ان فاتتك مكرمة

وابك الحسين ومن وافي منيته

في كربلاء  مضوا مثني ووحدانا

يا ليت شعري إني جريح الطف دونهم

اهين نفسا تفيد العز من هانا  يبدو واضحا ان النياحة والرثا للامام الحسين، عليه السلام،  واقامة شعائر الحزن والاسى عليه قد تداولها المسلمون في المغرب والاندلس منذ وطات أقدامهم فيها، وبقيت هذه التقاليد في البلاد الإسلامية في أوربا حتى خروج العرب المسلمين من الأندلس سنة ٨٩٧ه‍، وساهم مساهمة فعالة في الحياة الثقافية.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا