قراءة فی کتاب

الإبراهيمية وفرض زعامة الصهيونية على المنطقة (2)

تناولنا في القسم الأول من هذه القراءة توصيف هذا الكتاب الجديد والمفيد جداً في إلقاء الضوء على هذه المسألة الحيوية والاستراتيجية في نظرتها إلى المنطقة والأمة العربية والإسلامية، وفي هذا القسم نعطي بعض المعلومات الجديدة التي يُضيفها سماحة الشيخ الصالح في كتابه.

سرُّ كره العالم لليهود

في هذه الفقرة يلفت سماحة الشيخ إلى مسألة في غاية الأهمية وينقلها عن لسان كاتبة أمريكية، طالما كتبتْ وبكت على اليهود، ولكنها راحت تبحث أكثر عنهم فاكتشفت الحقيقة الصادمة لكل مَنْ يبحث عن هؤلاء الشرذمة من البشر، الذين لا يطيقهم أحد من أهل الأرض فطُردوا من 79 دولة وربما أكثر من مرة، وما كان ذلك من الدول والشعوب والأمم المختلفة ولكن الشر والسوء كله كامن بهؤلاء الأشرار اليهود الذين يكرهون كل البشر وينظرون إليهم على أنهم حشرات يجب أن يخدموا اليهود أو يسحقهم اليهود متى ما أرادوا فلا قيمة لأحد عندهم إلا لأنفسهم الخبيثة، فالعلَّة فيهم، فهم يكرهون كل العالم، ولا يقبلون العيش المشترك مع أحد بل يعيشون في كانتونات مغلقة خاصة بهم، ولذا بادلهم العالم الكره والبغض والطرد لأنهم يستأهلونه.

من أهمّ أهداف المشروع الإبراهيمي، أو البيت الإبراهيمي؛ هو مواجهة الإسلام الرسالي، يعني القضاء على الإسلام الجهادي لأنّ الدعوة الإبراهيميّة التي يروّج لها في الواقع هدفها النهائي هو إسقاط إسلام الرسالة والجهاد

أعداء الأديان السماوية

في هذا الفصل المختصر المفيد يُبيِّن سماحة الشيخ الصالح أثافي الشَّر وأصول الأعداء للأمة العربية والإسلامية، ويُعطي مختصراً عن كل منها، وهي:

  1. الماسونية العالمية.
  2. الصليبية الجديدة.
  3. الوهابية المجرمة.

وليته أضاف لهم الركن الرابع من أركان الشَّر والشيطنة ألا وهي (الصهيونية)، ولكن أعتقد أن سماحته رأى بأنها ابنة الماسونية فاكتفى بالحديث عن الأم بما أنه تحدث عن الصهيونية في أكثر من مكان في كتابه وبحثه هذا، فهؤلاء الأعداء هم أساس البلاء في هذه الأمة في الداخل والخارج، فكانت الوهابية من داخلها، والصليبية من النصارى، والماسونية المخطط العام والمدير لكل صنوف الشر ويده الشلاء هي الصهيونية التي غرسوها في فلسطين العربية.

أهداف المشروع الإبراهيمي

في هذا الفصل الهام جداً والضروري والذي يُشكل عصب الكتاب كله، يجب أن نتوقف طويلاً مع سماحة الشيخ المؤلف (حفظه الله) لأنه أعطانا رؤوس أقلام ولخَّص الفكرة بشكل كبير وترك أمر البحث والتفكير والعقل والتدبير لنا لأننا جميعاً نعيش ونرى الواقع المؤلم الذي نعيشه في هذا العصر، فاكتفى بالتأصيل لأهداف هذا المشروع الاستعماري الجديد (الإبراهيمية)، فما هي الأهداف المبطنة، أو الخفية لهذا المشروع الكارثي على الأمة العربية والإسلامية؟

1- مواجهة الإسلام الرِّسالي؛ أي الإسلام الحركي، والجهادي، الأصيل الذي أنتج الصحوة الإسلامية التي تفتَّحت مع الثورة الإسلامية المباركة، والتي نتج عنها الدولة الإسلامية في إيران وهي دولة قوية ومحورية في المنطقة ولها تأثير في العالم أجمع، يقول سماحته: “من أهمّ أهداف المشروع الإبراهيمي، أو البيت الإبراهيمي؛ هو مواجهة الإسلام الرسالي، يعني القضاء على الإسلام الجهادي لأنّ الدعوة الإبراهيميّة التي يروّج لها في الواقع هدفها النهائي هو إسقاط إسلام الرسالة والجهاد”. (ص141).

2- السيطرة على مصر وشمال أفريقيا؛ هذا الهدف الكبير للماسونية العالمية الذي يُنفِّذه الصهاينة ببطء، وخبث، وسريَّة شديدة على مراحل حتى لا يظهر هدفهم إلى العلن، ولكن العاصمة المفترضة للدولة اليهودية الخيالية التي يسعون إليها هي القاهرة، يقول الشيخ الصالح في ذلك: ” الهدف في النهاية مصر، وهي أكبر دولة تشكل خطر على الكيان الصهيوني، وبالتالي يريدون أن يحطّموا أركان مصر ويضعفوا الأمّة العربيّة حتّى تقدِّم مصر بعد ذلك على طبق من ذهب للإسرائيليّين وتقام دولتهم من الفرات إلى النيل كخطوة أولى، فبرنامج الصهيونيّة هو تهويد شامل إفريقيا، وحكمها وإدارتها من قبل إسرائيل الكبير؛ من الفرات إلى النيل، والعاصمة لدولتهم القاهرة، والقدس يعتقدون أنّهم سيحررونها ويسلمونها للمسيحيين”. (ص143).

يخوض المؤلف في كتابه بحثاً جميلاً ومختصراً عن القضية الفلسطينية وأهميتها ومكانتها في هذا المشروع، ويشرح فيه بشكل سلس دور القيادات والحكام الخونة لا سيما الوهابية المجرمة، وقيادتها السعودية في بيع، بل إهداء فلسطين لليهود

3- مشروع جيش الدفاع الصهيوني؛ وهو تجميع جيش من أصقاع العالم كعصابات الهاجانا في فلسطين لمحاربة العرب والمسلمين للقضاء عليهم وتدمير مقدراتهم، ونهب خيراتهم، ولذا ترى أن الكيان الغاصب هو دولة عصابات ومجتمع عسكري بامتياز يصفه الباحث بقوله: “المصانع الصهيونيّة اليوم تصنع طائرات، وصواريخ دون رقابة من أحد، ويصنعون القنابل الذرية، والصواريخ النووية، في ديمونة، وبسرّيّة تامة ودون تفتيش، أو رقابة، أو تشويش فضلاً عن الإزعاج أو التعطيل، ويصنعون الأسلحة الكيماوية لإبادة العرب، ويصنعون القنابل الجرثومية في مصانع الغرب وفي مصانعهم، فالمعامل تشتغل ليل نهار لتحقق هذا المشروع الخرافة، وكلّه باسم عيسى المسيح (ع)”. (ص145).

4- إنجاح صفقة القرن؛ وهذا الهدف الذي صار واضحاً للعيان فكل ما تعيشه المنطقة من ويلات هي من هذا الهدف الصهيوني الذي يحاولون فرضه على شعوبنا في هذه المنطقة.

5- الكيد المستمر من قبل الصهاينة لتجيير الدِّين لمصالحهم؛ يقول سماحة الشيخ الصالح: “زيارة البابا للعراق هي في هذا الاتجاه: من أجل تحقيق قضية الديانة الإبراهيميّة، فاليوم يعتقد الصهاينة أنّهم بعد أن حققوا ما حققوا ووصلوا إلى درجة متقدّمة في مشروعهم للهيمنة على المنطقة ومن دون حروب، بدأوا يرسمون الخطة لإكمال مشروع السيطرة والهيمنة”. (ص152).

وفي النتيجة التي يصل إليها الباحث يُلخصها بقوله: “إذاً الدِّيانة الإبراهيميّة هي استراتيجيّة المرحلة لتصفية الإسلام الرسالي، عبر صفقة القرن واستخدام جائحة كورونا لفرض نظام عالمي روكفلري جديد يناسب المرحلة ويحقق الأوهام الصهيونيّة الفارغة: دولة الشيطان الرجيم، واستبدال المفاوضات السياسيّة بمفاوضات دينية أكثر تعقيداً، وهكذا، يستخدم الدِّين ليحقق ما عجزوا عن تحقيقه بالسياسة”. (ص154).

هذه هي الأهداف كما يراها الشيخ الباحث في كتابه، ولكن علينا أن نسأله ومن خلال خبرته في العمل السياسي الطويل، ورؤيته الثاقبة للأمور، والمستقبل المنظور: فما هو الحل الذي يمكن أن يُنقذ المنطقة من هذا البلاء، ويُنجيها من هذا المشروع الكارثي بكل المعاني والمباني له؟

خارطة الطريق المنقذة

يخوض بحثاً جميلاً ومختصراً الأستاذ الباحث عن القضية الفلسطينية وأهميتها ومكانتها في هذا المشروع، ويشرح فيه بشكل سلس دور القيادات والحكام الخونة لا سيما الوهابية المجرمة، وقيادتها السعودية في بيع، بل إهداء فلسطين لليهود وضمان إسكات الفلسطينيين والعرب ما داموا في السلطة والحكم، فضمنت بريطانيا العظمى لهم ذلك أيضاً فصار عقداً أرثوذكسياً ملزماً دائماً، ثم ليصل في النهاية لوضع ورسم خارطة طريق لإنقاذ الأمة كخاتمة بعنوان: (كيف السبيل للخروج؟) يشرح فيه رؤيته بنقاط نوجزها بما يلي: (ص209 – 232).

1- التعويل على رفض الشعوب كافٍ لإفشالهم؛ أي أننا يجب أن نجعل القضية برسم الشعوب العربية والإسلامية ولا ندعها بأيدي الحكام الظلمة، وحيث أن “معظم الحكّام العرب من جهلة أو خونة أو عملاء أو لا منتمين موجودون وجاهزون للتعاون، فمَنْ لا يمتهن منهم العهر السياسي والدِّيني والخيانة، فإنّه أسير الجبن، والنفاق، والإقليميّة، ويعبد صنم السلطة، لكن فشلهم جميعاً مرهون بوعي الشعوب العربيّة وهي قادرة على إفشال المخطط الجديد كما أفشلت القديم”.

2- خصوصية الإسلام أمام المواطن؛ لا خوف على الإسلام وكل الخوف على المسلمين الذين راحوا يخرجون من الدين إلى أحضان الإرهاب، أو الإلحاد، وأما الإسلام والقرآن فهي محفوظة بحفظ الله تعالى، “وعليه فإنّ على المواطن العربي أن يدرك بأنّ هذا القرآن هو المرجع الوحيد بين الكتب وكلمة الحق”، ولا مجال لمقارنته بغيره من الكتب المحرفة والمكذوبة على الله.

3- الإيمان بأن النصر والتحرير ممكن؛ نعم؛ النصر ممكن وليس مستحيلاً على الله أن ينصرنا وقد نصر، نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد (صلوات الله عليهم) ولم يكن معهم أحد، ونحن موعودون بالنصر من الله ولكن عندما يكون عملنا خالصاً لوجه الله كما انتصر الأخوة في المقاومة الإسلامية البطلة في لبنان على الكيان الغاصب الجبان.

4- اليأس من أمريكا والدول الغربية؛ والعجب كل العجب ممَّن يُراهن على عدوِّه لينصره، أو يُنصفه، والشيطان الأكبر، وكل حلفاءها هم أعداءنا كشعوب وإن كذبوا وتقربوا إلى حكامنا لأنهم هم الذين غرسوهم ووضعوهم وراحوا يحمونهم على كراسيهم ليسيطروا ويسرقوا وينهبوا البلدان والأوطان، وعندما يتخلص الشعب من العميل سيتعامل مع العدو كما يجب من العداء والحذر.

5- إيقاف أي تنسيق أو حوار أو تعاون مع الصهاينة؛ يطرح الشيخ الصالح هنا مسألة مؤرقة ويعطي عدداً من الأقوال والشهادات على الفشل الذريع لكل عمل كان مع الصهاينة، لأنها تنطلق من أساس خطأ، فلا شك ولا ريب أنها ستصل إلى نتائج كارثية على الأمة والشعوب، ولذا يُحذِّر من أي تقارب مع العدو الصهيوني لأنه سيكون تباعد عن الحق العربي قطعاً وباليقين وتفريط بالحق، والدم، والشعب، والأرض الفلسطينية وقدسها الشريف.

وليت سماحة الشيخ الفاضل أضاف بنداً سادساً لخارطة الطريق هذه وهو؛ إدانة التطبيع العربي والعمل على إيقاف عربته التي أطلقها صبيان ترامب مع صهره كوشنير مع “صفقة القرن“، وهي ستكون “صفعة القرن” كما وصفها مرشد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي  منذ انطلاقتها.

وأخيراً: نعم إنه كتاب جميل، وغني بمادته ومعلوماته ويُعطي الأسس العامة والخطوط العريضة لما يجري على الساحة في هذه المنطقة الاستراتيجية وهي قلب العالم بأسره، ويُبيِّن الهدف الذي من أجله أطلق الماسون العالمي (الإبراهيمية) ليضحكوا على الناس ويخرجوهم من الدِّين الحق.

عن المؤلف

الحسين أحمد كريمو

1 تعليق

  • السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف يمكنني الحصول على كتاب الابراهيميه وفرض زعامة الصهيونيه على المنطقه.؟

    ارجوا الرد لانني محتاجة له الان جدا جدا

اترك تعليقا