فکر و تنمیة

سلوكية التنمّر .. الدوافع والعلاج

المتفحص الدقيق لسلوكيات الناس عامة يلحظ تنامي مشكلة تربوية بشكل يثير الرعب منها ويشتكي من ويلاتها الكثير من الشعوب، فقد بات الكثير من الناس في العالم يشكون اثرها وتداعياتها، وتعرف هذه المشكلة بـ( التنمر)، التي بموجبها يتعامل الانسان مع اخيه الانسان بسلوك مشابه للسوك الحيواني في غابة لا يحكمها قانون ولا تضبطها أعراف وقيم، ولا صوت يعلو فوق صوت الوحشية والتسلط دونما يرعى الخلق القويم، أو العادات الفاضلة، والضعيف مسحوق ممتهن مما حدى به في بعض الاحيان الى ترك مدرسته، أو جامعته، أو مكان عمله لتعرضه لهذا السلوك غير الانساني.

 ويعرّف النفسيون التنمر على انه: “ذلك السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف إلى إيذاء شخص آخر جسديا أو معنويا من قِبل شخص واحد، أو عدة أشخاص بالقول، أو الفعل للسيطرة على الضحية وإذلالها ونيل مكتسبات غير شرعية منه”.

يعرّف النفسيون التنمر على انه: “ذلك السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف إلى إيذاء شخص آخر جسديا أو معنويا من قِبل شخص واحد، أو عدة أشخاص بالقول، أو الفعل للسيطرة على الضحية وإذلالها ونيل مكتسبات غير شرعية منه”

مجتمعنا العربي عامة والعراقي على وجه الخصوص لم ينجُ من هذا الطوفان الذي ضرب العالم، وليس لأحد أن يعزل نفسه عن المجتمع العالمي وما يتركه هذا الاتصال بين اجزاء العالم من سرعة انتقال المشكلات، فما يعانيه المجتمع الغربي من مشاكل واعتلالات سلوكية تعانيه مجتمعاتنا العربية بالضرورة لكن على اختلاف النسب من مجتمع لأخر.

وحين نتنأول موضوع الظاهرة ينبغي تنأولها على انها ذات أثر على الطرفين، والطرف الذي يقع ضحية التنمر هو الأولى بالاهتمام ودفع الضرر عنه وايجاد حلول لتقليل الخطر الاكراهي عليه الذي يأثر في سلوكه الآني والمستقبلي.

 وعلى الطرف الآخر وأعني بهم المتنمرين الذين يتخذون من العنف ضد الناس سلوكاً طاغياً في اغلب معاملاتهم وبهذا فإنهم ايضاً ضحايا من نوع آخر ولعل أثر هذا النوع اشد على صاحبه مع كونه ضحيه، فكلا الطرفيين ضحايا وكلامها يحتاجان الى العلاج النفسي والسلوكي وكلاهما لابد من تخليصه من ذلك الضرر، فالمعتدَى عليه والمعتدي هما قوام المجتمع، وحين نهمل المعتدي ولا نقوّم سلوكه سنعرّض بقية أبناء المجتمع للوقوع في نفس المشكلة، وهو ما سيؤدي الى اتساع حجم المشكلة وتفاقهم خطرها.

من الآثار السلبية التي يخلفها هي ازدياد امكانية لجوء الفرد الضحية الى العنف اكثر من أي وقت آخر، يتحول هذا الشخص الودود الساعي لتقديم الخدمة الى كل من يحتاجها الى شخص عدواني متذمر وانتهازي، وبالتالي يتحول الى ضحية وجلاد في آن واحد، كما يلجأ الى النوم المفرط في محأولة منه للتخلص من الألم النفسي، ويعاني أيضاً من تغلّب الحالة المزاجية عليه، ويتصف سلوكه بالعصبية الحادة والإثارة الشديدة بصورة مغايرة عن الصورة الطبيعية له، وقد يعاني الشخص من فقدان الشهيّة أو زيادتها.

 وللقلق نصيبه من الفرد الذي يعاني من التنمر، فقد يفكر ممن يتعرضون للتنمر في الانتحار ويعد من بين اكثر أسباب الانتحار التي تعتبر ردة فعل على المضايقات التي تحصل لهم، ومن المظاهر التي تعكسها المشكلة على الانسان هي انعدام اكتراثه لمنظره الخارجي، كل هذه الآثار تؤدي بالفرد الى العزلة من مجتمعه والانسحاب من الأدوار التي تُناط به، سواءً على الصعيد الشخصي، أو على صعيد الادوار المجتمعية العامة.

تتنوع أشكال التنمر حسب السلوكيات المتعبة فيه، فيكون على شكل لفضي حيث توجه الإهانة اللفظية عبر الإستهزاء بإحدى صفاته الجسمية؛ كالطول، والوزن، أو حجم الفم، أو الانف، أو الاذن، أو صفاته العرقية والدينية والثقافية.

من المهم جداً أن نُخضع المتنمر والضحية للعلاج النفسي السلوكي، حتى نحد قدر الامكان من انتشار هذه الظاهرة، فإذا ما طبقنا هذه الإجراءات الوقائية سنتمكن من الحد من هذه الظاهرة وحصر اثرها المزعج

 وقد يتخذ التنمر شكلاً جسدياً كالضرب باليد مثلاً، أو شكلاً اجتماعياً مثل استبعاد شخص ما من المشاركة في حوار يدور في تجمع معين، أو الانتقاص من طريقة كلامه، أو محأولة قطع حديثه، أو التشويش عليه تعبيراً عن عدم تقبله، ومما يسترعي لفت النظر اليه هو أن السلوك المستخدم بطريقة عرضية ولمرة واحدة، أو كنتيجة لتناحر بين طرفين لا يعني أن هذا السلوك تنمراً مالم يتصف بالاستمرارية والتكرار.

الأسباب:

جملة من الأسباب تؤدي الى انتشار الظاهرة واتساعها ومنها:

  1. الممارسة لأوقات طويلة للألعاب الالكترونية من قبل الافراد التي تسير على مبدأ القوة الخارقة والقضاء على الضعيف أو تهميشه، وهذا بدوره يقوي عندهم نزعة العدائية.
  2.  القصور بالتربية عبر إهمال الأُسر لأبنائها وعدم متابعة سلوكياتهم، وبالتالي نشوء الابناء وهم يمتلكون صفة الاستهزاء والانتقاص من الاخرين.
  3. العنف الأسري سبباً في طبع صوره ذهنية في نفس الانسان، من خلال مشاهدته للتنمر من قبل أبويه على الآخر، وبذا تجني الأسر على ابنائها وتحولهم لأدوات طيعة منفذة للتنمر.
  4. تنمي بعض العوائل المخملية سلوكية التنمر لدى ابنائها بالتقليل من ملبس، أو مأكل الناس، أو عدم غرس فكرة الاختلاف بين المستويات امر طبيعي وليس باب للانتقاد أو الاستخفاف بالغير، بإختصار تمثل احد هذه الأسباب دافع للقيام بهذه السلوكية غير الحميدة.

المعالجات:

ولكي نحد من هذه الظاهرة ينبغي أن نتبع ما يلي:

  1.  أن نعزز من ثقتنا بأنفسنا وعدم الاهتمام لضروب التنمر أو التأثر بها مما يشعر المتنمرين بتفاهتهم و سذاجة افعالهم.
  2.  ينبغي أن نربّي اطفالنا على التواضع وتقبل الآخر على ماهو عليه من دون ان ينتقد الناس ويحط من قيمتهم.
  3. الإبتعاد عن افشاء التنمر في الجو العائلي مما يحدو بالأطفال الى التقليد والمحاكاة.
  4. من المهم جداً أن نُخضع المتنمر والضحية للعلاج النفسي السلوكي، حتى نحد قدر الامكان من انتشار هذه الظاهرة، فإذا ما طبقنا هذه الإجراءات الوقائية سنتمكن من الحد من هذه الظاهرة وحصر اثرها المزعج.
  • ماجستير علم نفس

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

1 تعليق

اترك تعليقا