عندما نرى تلميذاً يخرج مندفعاً خارج المدرسة عند انتهاء الدوام، وهو يقوم باعمال غير صحيحة في الشارع، وقبل ذلك داخل المدرسة، فاننا وبشكل عفوي نشير باصابع الاتهام الى الأسرة، ودورها التربوي، وعندما نلاحظ الموظف او الشرطي او حتى المدير والوزير والقاضي وأي موظف حكومي آخر، وهو غارق في الفساد، وهو من هو على مشارف الانزلاق حديثاً، فاننا نتوجه ايضاً الى الأسرة، لنستفهم طريقة النشأة، وهل كانت من المال الحلال أم لا؟! بل حتى عندما ندرس تجارب الحكام الظلمة والمستبدين والطغاة، من امثال صدام وأشباهه، فنحن ايضاً سنلقي نظرة، ضمن دراستنا لهذه الشخصيات، الى طبيعة ظروف أسرة هذا الطاغية او ذاك.
وكذا الحال في الجانب الآخر الايجابي، حيث العلماء والأدباء والعباقرة والناجحون، فاننا قطعاً سننظر الى الأسرة التي احتضنتهم وبماذا غذتهم حتى يكونوا في الكِبر قامات عالية، ومصدر خير وعطاء لشعوبهم، في حياتهم، وبعد مماتهم لأجيال عديدة؟
رغم كل هذه المعطيات، لا نجد ذاك الاهتمام بالأسرة والبيت، سواءً من حيث المنهج، أو من حيث الاسلوب، وتبيين السبل الكفيلة لبناء أسرة ناجحة في تربية ابنائها، انما الاهتمام منصبٌ على النتائج والاسقاطات وحسب، فهنا لدينا التحلل الخلقي، وهناك الفساد الاداري، وفي اماكن مختلفة؛ حالة من التشظّي الاجتماعي والثقافي، وكلٌ يريد التصرف بجزء من السفينة التي ينزوي اليها بما تهوى نفسه ويرغب.
يُقال دائماً: «الوقاية خيرٌ من العلاج»، ونحن نفكر ونخطط ونبذل المال والوقت والجهود، لمواجهة فوضى الحرية في اوساط الشباب، وايضاً ما يسببه الانترنت من تحلل تام من كل شيء، كما نفكر في محاربة الفساد الاداري، وكل هذا، ونحن نراوح في مكاننا، نُنظّر، وننصح، وحتى نحذر وبشدّة! عندما نشعر بالخوف على الدين والاخلاق والانسانية، في حين الواقع غير ما نريد، فهل الوقاية بهذه الكلفة الباهظة لتكون كل هذه الاجراءات العلاجية سهلة ويسيرة علينا؟!
عندما تكون الوقاية خيراً فمن المؤكد أن الحكمة تشير الى كونها أسهل وأيسر من علاج المرض والتورط بنتائجه ومعاناته. القضية بكل بساطة تحتاج الى اهتمام من الأبوين بسلامة الأسرة ومن يعيش في ظلها، كما يهتمّ احدنا بسلامة بدنه فيبحث في الانترنت عن آخر الكشوفات العلمية حول التغذية المثالية، والممارسات الصحيحة في النوم والمشي والجلوس وغيرها، وايضاً؛ تجنب مواطن الاوبئة والفيروسات. كذلك الحال بالنسبة لشخصية الابناء، فثمة طرق واساليب عدة للتنمية والحماية والرعاية، ولعل هذا يفسّر لنا الحديث النبوي الشريف: «ما بُني بناء في الاسلام أعظم من الزواج». فاذا ضمنا سلامة هذا البناء من أول لُبنة (او طابوقة) فيه، نضمن سلامة الاخلاق، والعلم، والدين، والانسانية.
بناءٌ جميلٌ وكبيرٌ يستحق الاهتمام
عندما نرى تلميذاً يخرج مندفعاً خارج المدرسة عند انتهاء الدوام، وهو يقوم باعمال غير صحيحة في الشارع، وقبل ذلك داخل المدرسة، فاننا وبشكل عفوي نشير باصابع الاتهام …
لم افهم ماذا يريد الكاتب !!