ثقافة رسالية

كيف تكون الوحدة طريقا الى التنمية الحضارية؟

تعاني الأمة من مشاكل عديدة أدت هذه المشاكل الى تخلف الأمة وتراجعها في طريق العروج الحضاري بأشكاله المختلفة، وتتنوع هذه المشاكل الى داخلية وخارجية، ساعدت جميعها في إبقاء هذه الأمة على ما هي عليه وتتلخص مشاكل الأمة الرئيسية في ثلاث:

  • الانحطاط الحضاري.
  • والتجزئة المستمرة.
  • والتبعية للأجنبي.

وهي تدور في حلقات مفرغة يؤدي بعضها إلى بعض؛ فالانحطاط يؤدي ـ بالضرورة ـ إلى التجزئة، والتجزئة تؤدي إلى التبعية، والتبعية بدورها تؤدي إلى الانحطاط، والانحطاط يؤدي إلى التجزئة، وهكذا دواليك. وللتخلص من الانحطاط نحن بحاجة إلى ثلاث نهضات:

  • الأولى: النهضة الثقافية.
  • الثانية: النهضة العلمية.
  • الثالثة: النهضة الصناعية.

وهي نهضات ثلاث؛ بعضها متداخل مع بعض، وبعضها يؤدي إلى بعض؛ فبمقدار ما نمتلك من الوعي يكون اهتمامنا بالعلم، وبمقدار ما نمتلك من العلم تكون قدرتنا على التقدم الصناعي. أما بالنسبة إلى التجزئة فللتخلص منها نحن بحاجة إلى ثلاثة أمور:

  • أولاً: الحرية.
  • ثانياً: نظام الحكم الصالح.
  • ثالثاً: العدالة الاجتماعية.

 

فلا استقلال بدون العودة إلى التاريخ؛ واستنباط حضارتنا بالاعتماد على كل من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا السليمة من جهة، والاستفادة من الحضارات القائمة من جهة أخرى

 

وهي كسابقتها متداخلة الحلقات، بعضاها يؤدي إلى بعض، وغياب واحد منها يؤدي إلى غياب الأخريين؛ فبدون الحرية لن يكون نظام حكم صالح، وبدون النظام الصالح لن تكون عدالة ولا حرية وهكذا.

وللتخلص من التبعية نحن بحاجة إلى أمور ثلاث:

  • أولاً: العودة إلى الجذور.
  • ثانيًا: التنمية.
  • ثالثًا: وحدة الكلمة.

فلا استقلال بدون العودة إلى التاريخ؛ واستنباط حضارتنا بالاعتماد على كل من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا السليمة من جهة، والاستفادة من الحضارات القائمة من جهة أخرى.

الحضارة مثل شجر تحتاج إلى جذور في الأرض، لكي تمتص من عناصر الأرض ما ينفع، وتحتاج إلى السماء والفضاء لكي تمتص أشعة الشمس، وكل ما هو موجود خارج التربة.

 

الوحدة بلا شك قوة، ومن ثم فهي حلم الشعوب، ولابد من بذل المحاولات لتحقيقها، فمهما فشلنا في تحقيق واحدة منها، حاولنا الأمر الآخر

 

الحضارة جذورها في التاريخ، ولكنها لا تستطيع أن تستفيد من التاريخ وحده، بل لا بد من الاستفادة من الحضارات القائمة، وهي بالنسبة إلى الحضارة مثل أشعة الشمس بالنسبة إلى الشجرة ومثل الهواء لها.

أما التنمية فهي مسألة أساسية لا بد من الاهتمام به بدل صرف المبالغ على أمور استهلاكية تمر ولا تبقى، وتستهلك ما نملك من المال، التنمية بحث عميق ومعقد يحتاج إلى وضع خطط سليمة من قبل خبراء في هذا المجال.

وأما الوحدة فهي بلا شك قوة، ومن ثم فهي حلم الشعوب، ولابد من بذل المحاولات لتحقيقها، فمهما فشلنا في تحقيق واحدة منها، حاولنا الأمر الآخر.

وبسبب وجود الترابط بين كل هذه الأمور لابد من معالجة المشاكل كلها؛ أي مشاكل الانحطاط والتجزئة والتبعية، ومن جميع الأبعاد، فبدون أن يكون هناك اهتمام بكل الابعاد؛ لا يمكن التخلص من هذه المشاكل.

لقد جرت محاولات جادة من الخلاص من كل واحدة من هذه الأمور بشكل مفرد، ولكن لأنها كانت محاولات تجزيئية؛ تأخذ مثلاً مشكلة التنمية فقط، وتحاول حلها دون عودة إلى الجذور، وبدون الوحدة، وبدون النهضات العلمية والثقافية والصناعية؛ كان ذلك يؤدي إلى الفشل.

لقد حاول البعض ـ مثلاً ـ التخلص من التبعية، ولكن في ظل الاستبداد؛ فكان الإخفاق هو النتيجة.

وإذا كان لابد من أن نبدأ من نقطة ما، فلابد من أن نبدأ من الحرية؛ لأن كل نهضة من غير وجود حرية حقيقية تؤدي إلى الانتكاسة ولا شك؛ فالله تعالى لم يرض عبودية أحد من عباده لأحد من خلقه، ولذلك نجد أن الأحرار لا يفرّطون في حرياتهم لأنهم يعلمون أن ثمنها كبير وتأثيرها في البناء الحضاري عظيم، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام:  “كل ما حملت عليه الحر احتمله ورآه زيادة في شرفه إلا ما حطه جزءاً من حريته فإنه يأباه ولا يجيب إليه”.

ومع وجود الاستبداد ومصادرة الحريات، لن تكون هنالك عدالة، وبدون عدالة لن تكون هنالك تنمية، وبدون تنمية لن تكون هنالك وحدة حقيقية، ولا استقلال، ولا تقدم.

إن الحرية هي نقطة البدء في حل مشاكل الأمة الرئيسية:

الانحطاط، والتجزئة، والتبعية.

عن المؤلف

آية الله السيد هادي المدرسي

اترك تعليقا