رأي

العراق و مئة عام من النضال

ما أشبه اليوم بالبارحة .. وما أشبه الأيام ببعضها ففي عام ١٩٢٠م كانت العراق ثورة ضد الاحتلال الإنكليزي البغيض.. فنهضت المرجعية …

ما أشبه اليوم بالبارحة ..
وما أشبه الأيام ببعضها ففي عام ١٩٢٠م كانت العراق ثورة ضد الاحتلال الإنكليزي البغيض.. فنهضت المرجعية المباركة متمثلة بالمرجع الكبير والمجاهد الشيخ محمد تقي الشيرازي –قدس سرّه- من كربلاء المقدسة، و أعلنها ثورة عراقية بفتوى مباركة لا تتجاوز السطر، لطرد الإنكليز منه فنهضت العشائر برمتها وانضوت تحت قيادة المرجعية الثائرة فتحول العراق إلى بركان تحت أقدام الإنكليز أينما وجدوا في العراق فما لبث العدو الجبان إلا قليلاً حتى ولَّى هارباً يجرُّ أثواب الخزي والعار وتكلل جبين العراق بالنصر وأكاليل الغار.
ففي مثل هذه الأيام؛ وبالضبط في يوم العشرين من شهر ربيع الثاني عام 1337ه، أصدر المرجع الشيرازي فتواه الصاعقة التي زلزلت أركان الاستعمار البريطاني الظالم، الذي كان يحاول التدليس على الشعب العراقي الواعي والصامد، تحت غطاء “الاستفتاء” لاختيار حاكم يتسنّم حكم العراق، و ذلك؛ باسم الحرية والديمقراطية كذباً ودجلاً وزوراً.
فتصدّى المرجع الشيرازي لهذه المراوغة، بالفتوى التي تقول بالحرف الواحد: (بسم الله الرحمن الرحيم ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب غير المسلم للإمارة والسلطنة على المسلمين) 20/ربيع الثاني/1337. الأحقر محمّد تّقي الحائري الشيرازي. (الختم المبارك). راجع كتاب: الحقائق الناصعة، ص81.
كما جاء في كتاب(الحقائق الناصعة) بعد نقل هذه الفتوى التاريخية ما يلي: وكانت هذه الفتوى الرصاصة الروحية الأولى التي انطلقت إيذاناً بالجهاد، والدَّعوة إلى الثورة، وقد طبعت منها عشرات الآلاف من النسخ و وزّعت في كل مدينة وقرية، وفي كل دار وكوخ مما أحدثت هزّة وطنية في قلوب العراقيين، وأصابت السياسة (البريطانية) نكسة أذلّت الحاكمين الإنجليز ومن بعدهم أذنابهم، الذين تاب الكثيرون منهم ورجعوا إلى آية الله الشيرازي يستغفرون عمّا سلف من ذنوبهم.
واليوم ابن الأمس “فالناس ناس والزمان زمان، وشبه الناس بزمانهم شبههم بآبائهم”، كما في المأثور.
هذا العام ٢٠١٩م في أواخره يعني أيام وندخل في ٢٠٢٠م ،فنكون قد أمضينا قرناً كاملاً على ثورة العشرين، حيث نهض الشعب العراقي البطل بثورة عارمة غاضبة على أبناء الإنكليز الأمريكان، وأذيالهم من بدو نجد والعربان، الذين طال بغيهم وعمَّ ظلمهم، حيث ظنوا أنفسهم ضباع وما هم إلا مجرد فئران تجارب تافهة يلعب بهم سيدهم في البيت الأسود (الابيص)، وجُحر الصهيونية في أطراف فلسطين المحتلة، فراحوا يزعقوا ويبعقوا من صحرائهم النجدية فأخرجوا قرون استشعار وظنوا أنها قرون وحيد القرن وما هو إلا قرن الشيطان الهالك لأن كيد الشيطان ضعيفاً.
ولكن زيَّن لهم سيدهم (ترامب) بأنهم أقوياء به وبقوته وأساطيله العملاقة، وما عليهم إلا أن يدفعوا ما عندهم من أموال كانت تفوق حدَّ الخيال، ولكنهم لا يستطيعون حمايتها، ولا حتى أنفسهم لأنهم ضعفاء ذليلين فانبطحوا تحت حذائه يستجدون قوته وغطرسته لحماية عروشهم المتداعية، وكروشهم المنتنة، ومهالكهم المتهاوية..
أما آن لتلك النعاج السَّائمة في الجزيرة العربية لا سيما الحجاز، وعسير، والقصيم، والأحساء، والطائف، والقطيف.. أن تدرك أن البقرة الحلوب لديهم بقرة ضعيفة وليست وحشاً ضارياً، فينهضوا كنهضة العراق البطل ليزيحوا هذا الكابوس الذي طال جثومه على صدورهم العارية؟.
العراق اليوم هو عراق الثورة الإصلاحية على الأمريكان كإحتلال، وعلى المفسدين من السلطة كأذيال، فثارت الرجال الأبطال وقالوا لهم: كفى فساداً وإفساداً، فالعراق لنا، حرامٌ على غيرنا، فإما أن تعودوا إلى عراقيتكم أو تخرجوا من عراقنا، عراق المقدسات لا المدنسات.
عراق علي والحسين والكاظمين والعسكريين(سلام الله عليهم أجمعين)، فلو بحثتم في الأرض كلها لن تجدوا مثل عراقنا أصالةً وكرماً وعراقةً، فبعتموه بالثمن البخس بعد أن بعتم أنفسكم بدراهم معدودة لصبيان نجد من شياطين الوهابية المجرمة.

  • من ثورة 20 إلى ثورة 19

فعراق الأمس انتصر بفتوى المرجعية، والمرجلة العشائرية، فكسر بريطانيا العظمى يومها.
وعراق اليوم انتصر بفتوى المرجعية، والبطولة العشائرية أيضاً، فكسر أمريكا الطاغية بكل قوتها، والوهابية المجرمة بكل أموالها، وإعلامها، ومخربيها الذين جاءت بهم من كل أصقاع الأرض.
ولكن إعلموا أيها الأبطال بأن ثورة العشرين التي حررتكم من الإنكليز سُرقت من قبل اللصوص، وتداولوها إلى أن أوصلوها إلى لصِّ البعث البغيض، و رجله المريض، الذي مازلتم تعيشون في ظل وجود رجاله الخُبثاء، فتبكون على أبطالكم وآلاف الشهداء.
فلا تدعوا انتصاركم اليوم يُسرق منكم مرة ثانية، اصبروا وصابروا ورابطوا في خندق المرجعية الرشيدة والقيادة المباركة الحميدة التي تُعيِّنها لكم ولا تقبلوا أن يتسلط عليكم الجبناء والعملاء ممن يفكرون باسيادهم خارج العراق قبل ان يفكروا بكم وبالبلد المنهوب والمنكوب.
فالمرجعية المباركة قيادة وحكمة، والعشائر العراقية أصالة وبسالة.. وبهذين العاملين القويين تنتصرون بإذن الله تعالى على أعدائكم مهما كانت قوتهم، لأن الله معكم ولن يتركم أعمالكم، ووعده لكم بالنصر ولكن بالشرط الذي حددته الآيات الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}. (محمد: 11).
فالنصر من عند الله إن كان عملكم ونيتكم لله تعالى، وهذا لن تجدوه إلا إذا أخلصتم النية بالتزام رأي القيادة المرجعية التي هي امتداد لخط الولاية العلوية المهدوية المباركة.

  • الحذر من الشعارات البراقة

يا أهل العراق الأبطال لا يغرنكم الكلام المعسول من بني سلول اليهود، والصهاينة أحفاد القرود، فهؤلاء نصبوا لكم الكمائن، وجندوا عندكم كل رخيص وخائن ليضرب وحدتكم، ويزعزع إيمانكم، ويقتل شبابكم، ويدمر بلدانكم، ويسرق خيراتكم، لأنهم يعيشون حالة من الرعب منكم، لعلمهم ويقينهم أن العراق مع الشام هما جناحا النهضة العربية والإسلامية منذ أن صار للعرب دولة وللإسلام صولة.
واليوم يرون بأم عيونهم تهاوي مخططاتهم في الشام البطلة، والعراق العزة، واليمن العروبة، ويشعرون بأن قصورهم وجحورهم صارت بخطر فراحوا يراوغون كالثعالب حيناً، والأفاعي أحياناً أخرى، فحاولوا أن يصنعوا من إخوانكم أعداء، ومن أعدائكم إخواناً.
فمتى كانت المرجعية المباركة مصدر خطر، ومتى كان الشيعي عدواً؟
وكيف صار الوهابي محباً واليهود والصهاينة أصدقاءً لنا؟
تلك أمانيهم التي زينتها لهم مراكز القرار الصهيونية، والماسونية العالمية بماكينتها الإعلامية الجبارة، ولكن وعي الشباب العراقي، وإيمانه، وحكمة المرجعية المباركة ورؤساء العشائر وحنكتهم هي مَنْ أنقذ العراق من أنهار الدم التي أراد صبيان الوهابية الداعشية إدخالهم فيه.
وهكذا صححوا الاتجاه الصحيح للبوصلة العراقية، حيث أعطوا الثقل والمركزية للدولة العراقية، وبينت للجميع أننا لسنا لعبة بيد الصبيان من نجد الشيطان وغيرها، وأن العدو هو عدو الله ورسوله وأوليائه ومَنْ يريد بالعراق والعراقيين شراً من قطعان الظلام الصهيووهابية المجرمة.
هكذا انتصرتم في ثورة العشرين، وتنتصرون في ثورة اليوم، بفتوى المرجعية الرشيدة، ورجال العشائر الأبطال.
فلا تفرِّطوا بثورتكم، ولا تدعوا اللصوص يسرقوا ثمار هذه الثورة منكم، فدماء الشهداء أمانة في أعناقكم فحافظوا عليها، والله ينصركم ويثبت أقدامكم بإذن الله تعالى.

  • كاتب من سوريا

عن المؤلف

الحسين أحمد كريمو

اترك تعليقا