- أجرى الحوار: محمد علي جواد
حجة الاسلام والمسلمين، السيد عبد المنعم محمد الحسن، المعروف في الاوساط الحوزوية؛ بـ “السوداني”، عالم دين وخطيب من السودان، يقيم في لندن، أكمل مشواره العلمي في السودان، و درس الحقوق في جامعة القاهرة بالخرطوم، وتخرج منها بشهادة بكالوريوس.
يُعد من المتألقين في مسيرة الاستبصار الى مذهب أهل البيت، عليهم السلام، فقد انطلق من بلاده ليخوض غمار العلوم الدينية، في منطقة السيدة زينب، ثم ليكون مبلغاً رسالياً في افريقيا وفي اوربا، حاملاً مشعل الوعي والثقافة الاسلامية الأصيلة.
سمعنا بوجوده في كربلاء المقدسة في الآونة الاخيرة، فكان لابد من اغتنام الفرصة وإجراء هذا الحوار معه، وكانت الاستجابة الكريمة منه.
س: عن تجربة الاستبصار، (التحول الى مذهب اهل البيت)، ما الذي يحتاجه الناس -برأيكم- لزيادة الوعي وصولاً الى الحقيقة؟
ج: النفس البشرية تعقيداتها كبيرة، وكل شخصية تنشأ وتتبلور من خلال مؤثرات مختلفة، ومجموع هذه المؤثرات، كما انه يساهم في بناء الكينونة، فهو كذلك يخلق طرقاً للتعامل مع الحقائق، لذلك يصعب الحديث عن وضع خطة او جدول للتقيّد به، على أنه سيهدي الآخر للتسليم بالحقيقة، لكن رغم ذلك؛ ثمة الوعد الإلهي بأن يوصل من يريد الوصول إلى الحقيقة، لذلك أولى الخطوات التي نحتاجها لمساعدة الآخرين للوصول للحقيقة؛ زرع الثقة بإمكانية وصولهم للحقيقة، فيمكن للحقيقة ان تكون بخلاف ما يعتقدون.
⭐ من خلال التعايش مع المجتمع تلمست حاجة الشباب الذين يعيشون حالة من التجاذب ما بين انتمائهم الثقافي والفكري للإسلام، وبين معايشتهم للمجتمع في المدارس والجامعات، وبيئة العمل
هذا فيما يخص الفرد، أما المنهج فقد لخّصه الامام الرضا، عليه السلام، حينما سُئل عن كيفية إحياء أمرهم، قال: “تعلموا علومنا وعلموها للناس فان الناس لو علموا محاسن كلامنا اتبعونا”.
والمحاسن هذه، تعني كل جميل يمكن ان يأخذ بعنق الانسان للتسليم للحقيقة؛ ابتداءً من المنهج الذي عنوان الحكمة والموعظة الحسنة، و انتهاءً بالمضمون الذي ترتاح إليه النفس ويولد السكينة بالانتماء.
س: التشيع له مقبولية بقدر كبير في العالم، ما السُبل الكفيلة لترسيخ هذه الحالة ونشر ثقافة أهل البيت في العالم؟
ج: مزيد من بلورة الأفكار المستقاة من علوم أهل البيت، عليهم السلام، بلغة تناسب عصرنا، وإنشاء مزيد من المعاهد والحوزات العلمية التي تعتمد في صبغتها العلمية على تراث اهل البيت، عليهم السلام، و مزيد من المؤسسات التي تعنى بتبني سياسية التبليغ والدعوة إلى الله تعالى.
- التبليغ في اوربا وافريقيا
س: لو تحدثوننا عن أبرز نشاطاتكم في بريطانيا؟
ج: التحديات التي يواجهها اتباع مدرسة اهل البيت، كبيرة جداً، لكن أخطرها؛ الحفاظ على الهوية.
من الأيام الأولى لوصولي إلى بريطانيا أحسست بالحاجة الماسة لخطاب من نوع خاص يتجاوز النمط التقليدي، يساعد على المحافظة على الهوية و زيادة الارتباط به بلغة تناسب المجتمع.
بدأت بالخطابة والحمد لله و اعتقد إلى درجة ما أن الله وفقنا لأن نؤسس لنمط جديد في مخاطبة الناس، وتحديد أولويات، اعتقد كانت مؤثرة لدرجة كبيرة.
⭐ تحتاج الحوزات إلى مواكبة التحديات، وأن تكون حاضرة في المجتمع بشكل قوي وفاعل، وذلك بخلق امتدادات داخل البنية المجتمعية، وإلحاق مراكز بحوث ودراسات تكون قادرة على تحسس حاجات المجتمع في كل الميادين
ومن خلال التعايش مع المجتمع تلمست حاجة الشباب الذين يعيشون حالة من التجاذب ما بين انتمائهم الثقافي والفكري للإسلام، وبين معايشتهم للمجتمع في المدارس والجامعات، وبيئة العمل، هذا التجاذب الذي يُشعرك بحالة الاهتزاز البيّن على شبابنا، فبدأت بدروس للشباب ركزت فيها على الجانب العقائدي والفكري الفخيم الذي تملكه مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، ثم قمنا بتأسيس منظمة بإسم “منتظرون”، على ان تكون احد فروع اكاديمية تهتم بتخريج قادة رساليين.
كما ساهمنا في تأسيس بعض المؤسسات الشبابية ونسعى بالنهوض بهذا الفئة لأهميتها في مجابهة تحديات الجالية الشيعية في المستقبل القريب.
س: كيف تتعاملون مع الطلبات الكثيرة لدراسة العلوم الدينية في النجف وكربلاء من قبل المؤمنين في اوربا وافريقيا، وهل في هذه البلاد حوزات علمية؟
ج: هناك وعي يتعاظم بأهمية دور العالم والمبلغ، خصوصا في الغرب، وبلغة الغرب، مما يعني الحاجة الماسة لتربية مبلغين وعلماء رساليين، يتربون و ينشأوا في بلاد الغرب، اعتقد من المهم ان يستوعب القائمون على حواضرنا العلمية أهمية هذه المسألة ومن ثم التسهيل والترتيب وجعل هذا الامر من الأولويات.
بالنسبة لأفريقيا التشيع فيها ينتشر بسرعة، وكلما زادت سرعته احتجنا إلى قادة يقودون المسيرة هناك، وتربية رساليين من نفس افريقيا، يمثل عاملاً مساعداً على الثبات، وعلى تقليل المجهود على أصحاب مشاريع التبليغ.
س: هناك مشاكل وأزمات يعيشها المؤمنون في افريقيا واوربا والعالم أجمع، كيف ترى الطريقة الفضلى لتعامل الحوزة العلمية مع هذه المشاكل وسبل الاسهام في حلها؟
ج: أولاً: يجب ان نعزّز الثقة في الحوزات العلمية، وان دورها في المحافظة على الهوية الإسلامية لايمكن تغافله او تجاوزه او استسهاله.
ثانيا: تحتاج الحوزات إلى مواكبة التحديات، وأن تكون حاضرة في المجتمع بشكل قوي وفاعل، وذلك بخلق امتدادات داخل البنية المجتمعية، وإلحاق مراكز بحوث ودراسات تكون قادرة على تحسس حاجات المجتمع في كل الميادين.
ثالثاً: نحتاج إلى تطوير مناهجنا وزيادة حقول الدراسة لتشمل كل ما يمكن ان يساعد في صياغة شخصية رائدة وقائدة تكون محور تنامي المجتمع.
- التحديات وآفاق المستقبل:
س: ما الصعوبات او التحديات التي واجهتموها خلال مسيرتكم التبليغية سواء في افريقيا او اوروبا؟ وكيف تعاملتم معها؟
ج: لكل مجتمع خصوصياته التي تفرز التحديات؛ بالنسبة لأفريقيا الواعدة لتكون موالية، ولديها الإمكانيات للمساهمة في قيادة البشرية، تحتاج إلى عمل مؤسسي متكامل وتوجيه الإمكانيات بشكل واعٍ لحجم العمل المتوقع هناك، فبالاضافة إلى صنع مبلغين وقيادات من داخل افريقيا مما يعني ان تفتح الحوزات العلمية الباب لطلاب العلم من هناك، ووضع الخطة والمناهج التي تناسب دورهم عند العودة إلى مجتماعاتهم.
نحتاج لان تكون هناك مؤسسات قادرة على إدارة المسيرة التبليغية داخل افريقيا، و اقصد من ذلك ان لا تكتفي المؤسسات بإرسال الطلاب للحوزات العلمية، بل يكون ذلك ضمن سلسلة من الخطط تبدأ من احضار الطلاب إلى الحوزات استمراراً بتبنيهم خلال فترة الدراسة مع المتابعة، حتى اذا ما رجعوا إلى اوطانهم تفتح لهم فرص التفرغ للعمل التبليغي، وخلق مؤسسات تناسب مجتمعاتهم، وبعد فترة ستنهض تلك المجتمعات وتكتفي بنفسها لنفسها.
أما في أوروبا فان التحدي له جانبين:
- المحافظة على هوية الجاليات.
- تعريف أوروبا بالإسلام ولكل تحد آلياته.
س: ما هي سبل النجاح لعالم الدين في البلاد غير الاسلامية؟
ج: ان يجتهد ليكون نموذجاً للرسالة وهذا يعني:
أولا: الاعداد الجدّي لشخصيته من حيث التسلّح بالعلم والاجتهاد المستمر في رفع الوعي الثقافي والفكري.
ثانياً: معرفة الواقع الذي يعيش فيه ودراسته بشكل دقيق.
ثالثاً: الارتباط الدائم والمستمر بالمرجعية الدينية.
