من الآثار التربوية لشهر رمضان؛ المواساة والمساواة في كثير من الاشياء، لعل أبرزها جلوس جميع المسلمين في وقت واحد على مائدة الإفطار، وبعد ساعات؛ على مائدة الإسحار، تخللها ساعات العمل التطوعي والخيري لتوزيع المساعدات والمعونات على العوائل ذات الدخل المحدود، لرفع جزء من ضنك العيش الذي يعيشونه، وبالمحصلة؛ أن يعيش المسلمون جميعاً – قدر الإمكان طبعاً- أيام الشهر الفضيل في جوٍ من الخير والبركة والانبساط والاستقرار النفسي، ليكونوا على أتمّ الاستعداد لحضور المائدة الرحمانية.
بيد أن في أجزاء من أرض الله الواسعة، يقضي مسلمون أياماً صعبة يفقدون فيه الأمان والاستقرار بسبب الارهاب القادم من جماعات تكفيرية، او من «أنظمة تكفيرية» ايضاً، كما يجري في شرق السعودية، وتحديداً في جزيرة تاروت التابعة لمحافظة القطيف، فالأهالي هناك يقضون أيام وليالي شهر رمضان، ليس بالشكل الذي يقضيه إخوانهم في العراق، او في لبنان، أو في مصر، او في ايران وسائر البلاد الاسلامية، وغير الاسلامية، فالجميع ينعمون بالأمن والاستقرار، رغم بعض المنغّصات المعيشية بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية، إنما الأمان شرطٌ لا يماري أحد في أهميته بتحقيق الحياة الطبيعية.
ولمن يسمع بالاحداث الجارية في القطيف، او أي مكان آخر بالعالم عن افتقاد الأمن لأناس مسالمين، وفي هذا الشهر الفضيل، يسأل:
ماذا عساي أن افعل؟ فقد أسهمنا في توزيع السلات الرمضانية وانتشارها في كل مكان، اضافة الى عطايا؛ مثل الملابس والاحتياجات المنزلية والدوائية، وحتى المساندة المعنوية للأيتام والارامل والعوائل الفقيرة، فباتت هذه الشريحة تشعر بشيء من الارتياح، بعد أن تحسّن مأكلهم وملبسهم، واستشعروا العزّة والثقة بالنفس. ولكن؛ ماذا عن أولئك الذين يعيشون في قبضة نظام مثل النظام السعودي، فكيف نصل اليهم؟
المواساة ليست بالضرورة ان تكون بالطرق على ابواب العوائل المتعففة في بعض الأحياء السكنية في هذا البلد او ذاك، إنما بالطرق على ابواب العالم بأسره من خلال الاستفادة القصوى من الانترنت وما يضمه من شبكات تواصل اجتماعي، وإعلام الرأي العام الاسلامي والعالمي بكل ما يجري للمؤمنين على يد نظام سياسي يرد على خطاب المطالب المشروعة، بالرصاص وهدم الدور والمتاجر والممتلكات، بحجة البحث عمن يصفهم بالمطلوبين.
اذا كان الجميع يؤكد بالضرس القاطع على الدور الفاعل لمواقع التواصل الاجتماعي في نشر الحقائق وإثارة القضايا الحقوقية والاجتماعية والانسانية وغيرها، فان هذا الدور المشهود يجب ان ينسحب على قضية الشعوب المضطهدة، لاسيما في هذا الشهر الفضيل.
إن مجرد استشعار افراد العائلة الواحدة في العراق، او ايران، او باكستان، او مصر، وحتى المغتربين في العالم، بوجود أطفال ونساء يريدون مثلهم أن يجلسوا حول مائدة شهر رمضان وهم ينعمون بالأمان، ولا يزعجهم أحد خارج حدود الدار، يمثل خطوة أولى على طريق التضامن، بل والتفهّم لظروف الإخوان المؤمنين في هذا البلد او ذاك، وهذا التفهّم هو الذي ينتج خطوات عملية اخرى تظهر على ارض الواقع، مثل ممارسة الضغط على الانظمة السياسية باتخاذ اجراءات معينة اعتراضاً وتنديداً بما يحصل، ثم إيصال صوت المواساة والتضامن الى داخل تلك البيوت المنتَهَكة، والعوائل المضطهدة بأن المواساة والمساواة لن تكون بالمأكل والملبس فقط، وإنما في الجوانب المادية والمعنوية كافة.
لقمة الأسحار لذيذة مع الأمان
من الآثار التربوية لشهر رمضان؛ المواساة والمساواة في كثير من الاشياء، لعل أبرزها جلوس جميع المسلمين في وقت واحد على مائدة الإفطار، وبعد ساعات؛ على مائدة الإسحار …