ان أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وفق قاعدة الجميع يحتاج الى الجميع تصبح حاجة الانسان الى المساعدة امراً بديهياً وهكذا تسير العلاقة بين البشر فما احتاج منه مساعدة اليوم سأقدم له مساعدة غداً، لكن ثمة من يخون هذه العلاقة ويقطع سبيل المعروف كما يقال بتنكره لما يقدم له من خدمات فلا يبادر الى الشكر ولا حتى الاعتراف بالفضل، هذه السلوكية تعرف بـ(نكران الجميل) والتي باتت تهدد الكثير من العلاقات الاجتماعية بالتدهور وهذه احدى نتائج النكران غير اللطيفة.
الكثير من المواقف الحياتية التي عشناها نحن او التي نسمع بها تنبئنا بخطورة ان يكون الانسان جاحداً للنعم التي تسدى اليه، وكيف افرط عقد الكثير من العلاقات التي كانت قائمة بين البشر في الوقت الذي يفترض انها علاقة رصينة، لكن رياح المصالح والخلافات والتنكر عصفت بها وتركت خلفها اثار نفسية مؤذية جداً.
📌 على ماذا يدلل نكران الجميل؟
نكران الجميل سلوك بشري يشترك فيه الكثير من البشر ولا يكاد يخلو منه مجتمع ولعنا نعيشه بشكل يومي، هذا السلوك يدلل على ان صاحبه غير متصالح مع نفسه وليس لديه القدرة على الشكر وهو عادة ما يتعامل مع المحيط على قدر حاجته اليهم، ويدلل ايضاً على انانية الانسان وابتعاده عن فطرته التي فطر عليها، فهل سيخسر ناكر الجميل جميع من حوله يوماً ما؟ وهل سيعرض ذلك الجحود الانسان الى الامتناع عن فعل الخير والعطاء؟
⚡ تذكر ايها القارئ الكريم ان شكر الفضل يورث المحبة في قلوب البشر وهو ما يعطي دافعاً للخدمة والعطاء وعدم اتصاف الانسان بالأنانية وحب الذات المفرط
هناك صنف من البشر يرى ان الشكر الذي هو اعتراف بالجميل يضع الفرد في موقف ضعف او انه يقلل من شأنه سيما الرجال الذين يكونون أقل استعدادا للشكر والامتنان، حيث إن التنشئة الاجتماعية تحث المرء على أن يكون قوياً وصلباً عبر عدم التنازل و قول كلمة (شكرا) أو أي عبارة تقدير للآخرين.
مثال على نكران الجميل:
كثيرة هي الامثلة التي تصير بالضرورة الى نكران الجميل نذكر منها نكران الابناء لمتاعب آبائهم حين يصلون الى مستويات عملية ويتبوؤون مناصب معينه فينكرون فضلهم في تربيتهم وايصالهم الى هذا المستوى من النضج الجسماني والنفسي ويقومون وبكل وقاحة وجرأة وجحود بألقاء آباءهم وأمهاتهم في دار المسنين بعدما تمكن منهم الهرم واشتعل الرأس شيبا، اي وحشية هذه واي عقوق ونكران للجميل هذا؟
📌 آثار النكران
اولاً: يشوه نكران الجميل العلاقات الانسانية ويقوضها ويبدل النزعة الى التراحم والمعونة بسؤال (لماذا) وهذا السؤال المصحوب بالدهشة لدى الافراد يثبط العزيمة على الاستمرار سيما اذا كان من الاقربين، فذاكرتنا البعيدة وحتى القريبة تزدحم بمواقف جمة مثيلة تلك تنفي تقديم العون ومن ذلك تتولد لدينا قناعة بأن أن فعل الخير يجب أن لا يقدم إلا لمن يستحقه لأنك ان اكرمت اللئيم.
ثانياً: يؤدي نكران الجميل بالضرورة التعزيز السلبي لهذا السلوكية الانسانية الجميلة فينتج من ذلك توقف الافراد عن تقديم المساعدة، إلا بعد التمحيص عمن ستقدم له بعد كان الانسان يقدم المساعدة للجميع ومن دون التوقف لأية حسابات جانبية قبل ان يتوقف الُمكرمون عن الشكر او الاشارة الى الفضيلة على اقل تقدير، كما نشهده اليوم فقد ابتعد الكثير من الناس عن العلاقات الانسانية النظيفة وصار ينظر الى العلاقة على كونها مكسب مادي او نفوذ او غير ذلك من المكاسب المادية الرخيصة القيمة.
⚡ نكران الجميل سلوك بشري يشترك فيه الكثير من البشر ولا يكاد يخلو منه مجتمع ولعنا نعيشه بشكل يومي، هذا السلوك يدلل على ان صاحبه غير متصالح مع نفسه وليس لديه القدرة على الشكر
ثالثاً: من الآثار السلبية لنكران الجميل انها تؤدي الى العناد والتعنت، فعلى نطاق الاسر مثلاً يؤدي نكران الزوج لما تقوم به زوجته الى التمرد والتقصير في واجباتها المنزلية والزوجية على اعتبار انها جهدها غير مقدر والنتيجة واحدة سواء عملت ام لم تعمل، وكذلك الزوج حين يوصل ليله بنهاره من اجل الايفاء بمتطلبات العائلة المختلفة وبعد كل ذلك العناء يتنكر افراد العائلة وكأن ما يقوم به هو واجبه وليست منّةً منه حينها سيراجع نفسه ولن يقوم بأي عمل يراه ليس ضرورياً.
📌 الوصايا
في ختام حديثنا حول تغيب او غياب واحدة من اهم القيم الانسانية نوصي بنا يلي:
- ضرورة ان يتذكر الانسان فضل الاخرين عليه وشكر ذلك الفضل كجزء من شكر الله والامتنان له فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق.
- من الاهمية بمكان ان يتجرد الانسان عن ميوله النرجسية ويذكر من عمله له معروفاً وينصفه سيما في ساعات الخلاف معه وبذا يكون انساناً متصالح مع نفسه وليس العكس.
- تذكر ايها القارئ الكريم ان شكر الفضل يورث المحبة في قلوب البشر وهو ما يعطي دافعاً للخدمة والعطاء وعدم اتصاف الانسان بالأنانية وحب الذات المفرط.
ومن هذا المنطلق نشكر كل ما قدم الينا خدمة وعلى كافة الصعد والجوانب الحياتية رداً لجميلهم وعرفاناً بفضلهم، ولا سلام على من كافؤو احساننا اليهم بالجحود والخذلان.