مكارم الأخلاق

السحر الحلال

هل انت ممن يمارسون السحر الحلال؟

نعم؛  ان اعمال السحر من اكبر الكبائر فهو مدعاة للشرور وإلحاق للضرر بالأخرين، وهذا متعارف عنه، إلا ان هنالك من السحر ما يكون حلالا ومباحاً اذا خلا من الريبة وهي: الابتسامة أي طلاقة الوجه وبشاشته.

📌 الابتسامة في الشريعة  الغراء

نعم؛ انها الابتسامة ياسادتي تلك الخفيفة  المبهجة (الخالية من الريبة)، التي تبدو وترتسم على محيا المؤمن وهو يلقي التحية على من يعرفهم وعلى من لا يعرفهم، تخيل لو مرّ بك احدهم  سلم عليك وحدثك وسألك عن امر معين لأول مرة و بوجه عبوس صامت، أوَ لا ينبأ باي تعابير مرة.

وبنفس الكلمات القاها آخر عليك ولكن هذه المرة يرافقها ابتسامة خفيفة أو سماحة في الوجه، بكل تأكيد كلنا يستشعر الفرق بين الحوارين، فتقبل الثاني بنسبة أكبر دون الاول وان كانت الكلمات متشابه.

⚡ حتى بين الزوج وزوجته كم يُغضب الزوج بعض امور الحياة المعقدة، والحيرة في طلب المعيشة احيانا وثقل المسؤوليات احياناً أخرى، فسرعان ما تزول غمومه كلها باستقبالٍ محفوف بسحر التبسم من زوجته واولاده

 أعتقد بجزمٍ ان الاقبال مع التبسم يشبه رفع راية السلام ونشر المحبة والالفة من دون كلام، لذلك  من معالي الأخلاق العملية التي كرسها الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وآله، عمليا وحث عليها طلاقة الوجه والبشاشة مع الناس.

 وكان، صلى الله عليه وآله، يقول: “إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر”، و من وصيته  ايضا، صلى الله عليه وآله: القَ أخاك بوجه منبسط”، بل اعطاه النبي منزلة المعروف الذي يثاب عليه في قوله:  “لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق”، وهذا تشديد على الحرص رسم البشاشة على الوجه وخصوصا عند القاء السلام لما له من تأثير ملموس نحو الخير والحب.

📌 ماذا لو كنا عبوسين؟

يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: كان رسول الله، صلى الله عليه وآله، يقول: “إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه”.

فكم يزعجنا بعضهم بقدوم عبوسٍ لانعرف سببه وخصوصاً عند الصباح، وكأنه يبث الطاقة السلبية والمحبطة، وهو شعور يكدرنا بل يعطل النشاط عندنا، بل احيانا قد يوصل الآخرين لسوء فهمٍ فتنشأ الضغينة والعداوة بينهم، وهذا ما لم يسمح به قائد الامة الرسول الاكرم، صلوات الله عليه واله،  لأنه اراد ان يعيش ابناء امته بتسامح وسلام كما عنوان دينهم الاسلام، فبذلك يصلوا بأفعالهم حتى الصامتة (كالابتسامة) الى تحقق مبدأ الدين السمح السلمي المفعم بالطاقة الايجابية كما يعبرون.

📌  ماهي آثار التبسم وطلاقة الوجه

ومن الأثار العلمية للبشاشة التي ذكرها الحبيب، صلى الله عليه وآله، هي رفع التوتر الإجتماعي : “حسن البشر يذهب بالسخيمة”.

لو تخيلنا ثمة مشكلة بين طرفين وذهبنا للاصلاح بينهما، فبالتأكيد بمثل هكذا احوال يخيم شعور التوتر والقلق على الطرفين وهم بحال متعصب ويتكلمون بغضب، فلو تصافحنا بسلام مبشرين بالخير، ملقين كلام يذكر بالله والقران الكريم بالتواد والاخوة ونبذ النزاع، ونمارس السحر الحلال عليهم بتلك الوجوه المبتسمة، سنلتمس وبسرعة عجيبة هدوء ثوران الغضب واختفاء التوتر تدريجياً، وضبط النفس والتركيز على فك سوء الفهم وعلاجه والحرص على اهمية التصافح.

حتى بين الزوج وزوجته كم يُغضب الزوج بعض امور الحياة المعقدة، والحيرة في طلب المعيشة احيانا وثقل المسؤوليات احياناً أخرى، فسرعان ما تزول غمومه كلها باستقبالٍ محفوف بسحر التبسم من زوجته واولاده، وكأن اليوم بدأ من جديد، وهذا سبيل ومنهج البيت النبوي العلوي، عليهم افضل الصلاة والسلام. ويذكرنا أمير المؤمنين، عليه السلام، ما تكشف عنه البشاشة من الناحية النفسية بقوله: “بشرك يدل على كرم نفسك”.

لا انسى ذات يوم ذهبنا لاحد الاقارب لزيارتهم واستقبلونا ببرود ووجوههم  لا تعبر عن أي ترحيب كم شعرت بالخجل في نفسي حينها، لماذا؟ لكنهم يعلمون بموعد قدومنا قبل يوم! فلم ذلك العبس في وجوههم، تساءلت هل بكم مكروه؟

 احدكم مريض؟

 قالوا لا ابدا؛ فتبين ان هذه سجيتهم، لقد خلت وجوههم من الابتسامة، وان جادوا الضيافة، خرجنا مُحرجين ولم نكرر الزيارة لهم قط.

بينما اغلبنا شاهد الكرام المزدانين بالابتسامة والتفاؤل وابهى صور الترحيب، أولئك هم  خدام الحسين وهم يقدمون الطعام وكأنهم في عيد يتباشرون بقدوم الزائرين الى ديارهم وتقديم اشهى الطعام والخدمات الاخرى، وكأنهم يزدادون في الاموال لا ينفقونها، كم يضفي شعورا روحانيا فيه من الإكبار والاحترام لأصغر خادم يقدم ابسط ما يكون بابتسامة وترحيب، لله درها من  تربية حسينية مشرقة.

⚡ كم يزعجنا بعضهم بقدوم عبوسٍ لانعرف سببه وخصوصاً عند الصباح، وكأنه يبث الطاقة السلبية والمحبطة، وهو شعور يكدرنا بل يعطل النشاط عندنا، بل احيانا قد يوصل الآخرين لسوء فهمٍ فتنشأ الضغينة والعداوة بينهم

وأيضا من أثار سحر التبسم على الناحية الاجتماعية في كلام أمير المؤمنين، عليه السلام: “حسن اللقاء يزيد في تأكد الإخاء”. ومن هنا يبين، عليه السلام، صفات المؤمن بقوله: “هشاش بشاش لا بعباس ولا بجباس”.

وكانت وصيته، عليه السلام: “إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا وأظهروا لهم البشاشة والبشر تتفرقوا وما عليكم من الأوزار قد ذهب”.

أئمتنا سلام الله عليهم لم يتركوا شيئا دون رعاية ووصية، حرصاً منهم ان نتمثل اخلاقهم ولا نؤذيهم بأفعالنا وخشونة اطباعنا،

فبُكل الحُب والتبسم أدعوكم  اخوتي واخواتي لممارسة هذا السحر الفعّال الحلال، فإن  المُداومة عليه لا تعود عليكم إلابالخير والسلام ووأد أي شعور سَيءٍ يُخبئهُ الآخر، بل يُؤثّر تدريجياً على الخُلق والتصرفات فيصقُلها ويجعلُ منها سَلسة، سَمحة،  كريمةٌ،  مُتآلفة، مُتقًبلة من الجميع .

يقول المتنبي: تَمُرّ بكَ الأبطالُ كَلْمَى هَزيمَةً

  وَوَجْهُكَ وَضّاحٌ وَثَغْرُكَ باسِمُ .

ويقول أيضاً: بأدْنَى ابْتِسَامٍ مِنْكَ تحيَا القَرَائِحُ

 وَتَقوَى من الجسْمِ الضّعيفِ الجَوارحُ

وَمَن ذا الذي يَقضِي حقُوقَكَ كلّها

وَمَن ذا الذي يُرْضي سوَى من تُسامحُ

عن المؤلف

كوثر عمران

2 Comments

اترك تعليقا