قراءة فی کتاب

الإبراهيمية وفرض زعامة الصهيونية على المنطقة (1-2)

هوية الكتاب

العنوان: (الإبراهيمية وفرض زعامة الصهيونية على المنطقة)

المؤلف: الشيخ عبد الله إبراهيم الصالح

الناشر: دار المحجة البيضاء، لبنان – بيروت – الطبعة الأولى 1443هـ 2021م

الغلاف: كرتوني، طبع متوسط – 240 صفحة

مقدمة حضارية

جميل أن يكون علماؤنا ومشايخنا متابعون للشأن العام، ومهتمون بالقضايا السياسية الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة التي هي سرَّة العالم بأسره، بما تتمتَّع به من مميزات جعلت كل قوى الشر العالمي وشياطينهم الأكبر والأصغر يركزون كل مكرهم ودهائهم وخبثهم لتمرير مخططاتهم التدميرية لكل قوى الخير والممانعة فيها، وذلك بمحاولة لفرض الغدة السرطانية عليها بالقوة، فلم تستطع، فها هي تحاول فرضها بالمكر والكذب والدجل بصفقة ترامب (القرن) البائدة، فجاء الدور إلى فرضها بالثقافة والدِّين لأنهم رأوا أن الدِّين هو الذي يُحرك كل شيء في المنطقة، ولا غرو فهي مهبط الأديان السماوية كلها، فأرادوا أن يُسوِّقوها بالاسم الشريف لأبينا إبراهيم الخليل، عليه السلام.

من الكتاب: “ليعلم كلّ مسلم عن حقيقة هذه الدعوة؛ أنّها فلسفيّة النزعة، سياسيّة النشأة، إلحاديّة الغاية، تبرز في لباس جديد، لأخذ ثأرهم من المسلمين: عقيدةً، وأرضاً، وملكاً، فهي تستهدف الإسلام والمسلمين.

ولذا ينقل سماحة الشيخ المؤلف التحذير منها الذي جاء فيه: “ليعلم كلّ مسلم عن حقيقة هذه الدعوة؛ أنّها فلسفيّة النزعة، سياسيّة النشأة، إلحاديّة الغاية، تبرز في لباس جديد، لأخذ ثأرهم من المسلمين: عقيدةً، وأرضاً، وملكاً، فهي تستهدف الإسلام والمسلمين.. في أقوى مخطط تتكالب فيه أمم الكفر وتتحرك من خلاله؛ لغزو شامل ضد الإسلام والمسلمين بشتى أنواع النفوذ: الفكري، والثقافي، والاقتصادي، والسياسي، وإقامة سوق مشترك، لا تحكمه شريعة الإسلام، ولا سمع فيه ولا طاعة لخُلق فاضل ولا فضيلة، ولا كسب حلال، فيفشو الربا، وتنتشر المفسدات، وتدجن الضمائر والعقول، وتشتد القوى الخبيثة ضد أي فطرة سليمة، وشريعة مستقيمة”.

مباني الكتاب

رتَّب سماحة الشيخ المؤلف كتابه على الشكل التالي:

فبعد الفاتحة، والإهداء الذي كان لأبينا إبراهيم وأتباعه بصدق وإخلاص ووعي.

  • المقدمة: (الإبراهيمية مصطلح ماسوني بامتياز).
  • المدخل: (معنى الإبراهيمية) وفيه بحثان مختصران؛ (ومتى كان عيسى عليه السلام، نصرانياً؟ ومتى كان موسى عليه السلام، يهودياً؟ وخلاصة بتحديد دين الله الإسلام هو الحق.
  • الفصل الأول: النبي إبراهيم عليه السلام، منزَّه وبريء من إفكهم؟
  • الفصل الثاني: هل الإبراهيمية جديدة؟
  • الفصل الثالث: تاريخياً هل هناك دولة يهودية؟
  • الفصل الرابع: لماذا الإبراهيمية، ومن أين انطلقت فكرتها؟
  • الفصل الخامس: دروس من سورة المائدة.
  • الفصل السادس: أين تكمن أزمة اليهود ومشكلتهم الدائمة؟
  • الفصل السابع: ما هو سر كره واحتقار اليهود في العالم؟
  • الفصل الثامن: أعداء الأديان السماوية الألداء.
  • الفصل التاسع: أهداف المشروع الإبراهيمي.
  • الفصل العاشر: القضية الفلسطينية بين العرب والمسلمين.
  • الفصل الحادي عشر: وضع مؤلم.
  • الخاتمة: كيف السبيل للخروج.

ومن خلال هذا البناء الجميل للكتاب يمكن لنا أن نتبيَّن مضمون الكتاب وهو غني في مادته وجميل في طرحه، وسلس في تناوله الأفكار لأنه بعيد عن التعقيد والمصطلحات الغربية الرائجة في هذا العصر بين الشباب المثقف، لأن سماحة الشيخ المؤلف يستشعر الخطر من المصطلحات الفضفاضة التي يطرحها شياطين الماسون لتمرير أفكار بني صهيون.

معنى الإبراهيمية

الباحث الفاضل سماحة الشيخ عبد الله ومن خلال عمله السياسي منذ نصف قرن فإنه يمتلك الحس المرهف الذي يجعله يميِّز المصطلحات المعادية التي يُطلقها الأعداء للصيد بالماء العكر إلا أنه يكشفها ويوصِّفها بدقة متناهية، فيقول عن هذا المصطلح الماسوني الذي يحاولون تسويقه لفرض زعامة الصهاينة على المنطقة مستغلين بريق المصطلحات، وخيانة القيادات، وانبطاحهم باتجاه التطبيع، والتركيع، ومزيد من التجويع، ولكن يخافون من الشعوب الرافضة للصهاينة، ولذا تراه بعد أن يضع الإطار التاريخي لهذه الدعوة الباطلة التي انطلقت من البيت الأبيض في واشنطن وعلى لسان ترامب شخصياً، ثم شرحها وبيَّنها سفيره لدى الكيان الصهيوني، يعلق عليها فيقول: ” تسمية اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل بهذا الاسم أثارت أسئلة كثيرة حول دلالات تلك التسمية وخلفياتها، إذ لا يمكن النظر إليها بعيداً عن جذورها وخلفياتها الدينيّة، التي تكشف بوضوح مدى التوظيف السياسي للأبعاد الدينيّة والتأريخيّة ما يُسهل عليه تمرير أجنداته السياسيّة تحت غطاء ديني وفق مراقبين خاصة في منطقة يثير فيها الدِّين بواعث للجذور والحنين التاريخي والانحياز لله عزّ وجلّ.

إنّ المشروع الصهيوني – ومنذ إنشاء دولة الكيان الغاصب – قد فشل فشلاً ذريعاً في الوصول إلى أهدافه النهائية في السيطرة على المنطقة العربيّة والإسلاميّة، ولذا برع سياسيّوا وعلماء الاجتماع السياسي الغربيين – وبالذات الصهاينة- في إيجاد طريقة ونمط جديد يُعوِّض ذلك الفشل

والحقيقة أنّ المخطّطين والموقّعين هم أبعد الناس عن الدِّين والتديّن، ولكن الغرض هو الاستفادة من الدين في تسويق التطبيع مع المحتلين الغاصبين وفرض زعامة الصهاينة على المنطقة وليس أكثر، وإلا فمتى آمن ترامب بعيسى عليه السلام، حتّى يؤمن بإبراهيم؟!

ومتى آمن نتنياهو بموسى عليه السلام، حتّى يؤمن بإبراهيم؟

ومتى آمن بن زايد وبن عيسى بمحمّد، صلى الله عليه وآله، حتّى يؤمنا بإبراهيم؟ (ص: 20).

وهنا يضع سماحة الشيخ عبد الله يده على الجرح حين وضعها على أصل المسألة وهي الإيمان بهؤلاء الأنبياء العظام عليه السلام، من قبل أصحاب الدَّعوة الإبراهيمية، ومسوِّقوها في العالم، فمن أين انطلقت وإلى ماذا دعت، ولماذا كانت الدَّعوة بالاسم التوراتي (أبرام) خاصَّة، ولم يكن (أفراييم) كما في الإنجيل، ولا (إبراهيم) كما في القرآن؟، لأن عينهم على التوراة، ويُريدون إشاعة الفكر التوراتي وليس غيره، ولذا بيَّنها سماحة الشيخ بأنها دعوة سياسية لا علاقة للدِّين بها ولا بهم.

مشكلة اليهود الدائمة

في الفصل السادس يبحث سماحة الشيخ عبد الله مشكلة هؤلاء الأشرار، والشرذمة التي تكاد أن تنقرض من بني البشر لولا الحركة الماسونية، ووليدتها الصهيونية، فيغوص إلى الأعماق في التاريخ والحقائق باحثاً عن تلك المشكلة المستعصية التي ربما مرَّ عليها أربعة آلاف عام، فيُشخصها بدقة، ويراها تكمن في مسألة واحدة هي؛ (الشرعية)، وذلك لأنهم اخترعوا ديناً على مقاسهم سموه اليهودية جمَّعوا فيه كل خصال السوء في بني البشر، يقول سماحته: “صنع اليهود لأنفسهم ديناً بمقاييسهم وصدّقوه وضلّلوا الناس به، ولأنّ ترويجه يحتاج إعلاماً ضخماً، تراهم تفانوا في السيطرة على الإعلام، ويحتاج لأموال كثيرة لإغراء وإقناع الناس به عملوا المستحيل للسيطرة على مصادر المال، ب: نهب ثروات الآخرين، الاستعمار، الكذب، التضليل، الرِّبا، تبييض الأموال، و.. الخ”. (ص 97).

ثم يستعرض سماحته عن طريق عدد من النقاط التي تشكل صفات هؤلاء الأشرار، مستشهداً عليها بآيات من الذكر الحكيم، كعيِّنات من قيم وأخلاقيات اليهود الفاسدة، تلك الفئة الضالة من البشر والتي تُكرِّس كل همَّها بصناعة الشَّر، ومحاربة الخير، فكانوا أول ما يقتلون الأنبياء عليه السلام، لأنهم منابع الخيرات والبركات في هذه الحياة، ومن تلك النقاط التي عالجها سماحته:

  • الاستهزاء بالرسل وقتلهم.
  • الكذب على الله.
  • عقد المؤامرات على رسول الله.
  • العصبية المنتفخة (بأنهم شعب الله المختار).
  • التخطيط القديم لإشاعة ونشر الفساد بين البشر.

ثم ليصل إلى ما يُسميه (الحقيقة) فيقول عنها: “يعيش اليهود المتمردون على الله وعلى رسله وكتبه، أزمة كبيرة جداً عانوا منها في كل زمن وهي: شرعيتهم، أي أنهم يشعرون بعدم وجود شرعية لهم، وهم في داخل أنفسهم يعرفون ذلك، وأن كتبهم ودينهم محرف وليس الذي جاء به أنبياؤهم”. (ص106).

ثم يقول الشيخ الباحث عن هذه الشرعية المفقودة وأثرها على سلوكهم العالمي ودعوتهم الباطلة: “لم ينفكّوا يوماً من البحث عن الشرعيّة المفقودة، وها هم اليوم يأتون “بمشروع الإبراهيميّة” كي يعودوا ويتربعوا على عرش العالم بها من جديد، فمن جهة بيدهم المال والتكنولوجيا والإعلام، وأهمّ من كلّ ذلك أنّهم أبناء الله المختارون، وأنّهم أصحاب الديانة التي يعترف بها وبأنبيائها الجميع، وهم الكيان المدلل من قبل الدول الكبرى ومشروعهم لإبقاء المنطقة جاهلة ومتخلفة ومستنزفة.

وهم الذين لا ينقصهم المال ولا التكنولوجيا ولا الإعلام والتقنية والعلم، ما ينقصهم هو الشرعيّة الدينيّة الإلهيّة التي هي منحصرة عند المسلمين فقط، ولذلك هم هنا ويعملون في بلدان العرب المسلمين ومعهم.

إنّ المشروع الصهيوني – ومنذ إنشاء دولة الكيان الغاصب – قد فشل فشلاً ذريعاً في الوصول إلى أهدافه النهائية في السيطرة على المنطقة العربيّة والإسلاميّة، ولذا برع سياسيّوا وعلماء الاجتماع السياسي الغربيين – وبالذات الصهاينة- في إيجاد طريقة ونمط جديد يُعوِّض ذلك الفشل، ولذلك لا يتعبون من المحاولة بطُرق أخرى، مرة؛ “الشرق الأوسط الجديد”، ومرة “حلف الاعتدال” وهكذا، واليوم: “الولايات المتحدة الإبراهيميّة”.

وهو مكر مكره كبراؤهم ومخطّطوهم الاستراتيجيّين وبعد دراسة بشكل دقيق ومفصّل عن ماهية أقوى المؤثّرات في نفوس وعقول مجتمعات الشعوب العربيّة والإسلاميّة، وجدوا أنّ الدِّين يلعب الدَّور الأساس في حياتهم، رغم كلّ ما عمل وما صرف من جهود وأموال من أجل فصل الناس عن تأثير الدِّين في شعورهم ووجدانهم، فصار لزاماً عليهم أن يستخدموا الدِّين وقوة تأثيره على شعوب منطقتنا، لاحتواء الإسلام والمسلمين وتحريف الديانة وأخذها بعيداً، والسيطرة على زمامها ومن ثمّ السيطرة الكاملة على الدِّين والمتدينين، والأهم عندهم -وهو الهدف الأساس عندهم- السيطرة المطلقة على الإنسان والأرض والبحر والمياه وجميع مصادر الثروة التي تنعم بها منطقتنا”. (ص110).

 وإلى هنا صار معلوماً من خلال البحث أن الدَّعوة الإبراهيمية ليست دين، ولا علاقة للدِّين بها ولا بمروجيها، بل هي دعوة سياسية محضة هدفها الأساسي فرض هيمنة الصهيونية على المنطقة العربية والإسلامية لإخضاع شعوبها، ونهب خيراتها، وسرقة ثرواتها..

يتبع…

عن المؤلف

الحسين أحمد كريمو

اترك تعليقا