تربیة و تعلیم

المعلم ومهارات التدريس

يسير الاتجاه العلمي لمعظم الدول نحو تطوير العملية التربوية بكل أبعادها حتى يواكب التعليم المجتمع ويسهم في تقدمه، وما يحدث في الفصل الدراسي هو محور التربية، فمهما هيأت المدرسة وإدارات التعليم من مبان ومناهج ووسائل ومستلزمات؛ يبقى أداء المعلم ومهاراته التدريسية وتفاعله الصفي مع تلاميذه هو الأساس في فشل المدرسة أو نجاحها.

ونجاح المعلم يعتمد على أكثر من مجرد التأثير الشخصي، فيجب ان يكون ماهرا في أدائه التدريسي ومتمكنا من مهارات و كفايات التعليم، والتي تيسّر له التخطيط والتنفيذ الفعال والأداء الناجح للعملية التدريسية.

 وإن الناظر الى عملية التدريس يجدها نظاما فرعيا ينتمي الى نظام أوسع وأكثر شمولا  باعتباره أحد عناصر المنهج التعليمي، ومن ثم ان التدريب على التدريس من اجل اكتساب مهاراته، يجب ان لا يكون إلا من خلال ذلك المنظور الكلي، وما يحكمه من علاقات تبادلية من كافة عناصر المناهج الأخرى.

 وإذا كنا نؤمن بان المعلم يجب ان يكون صاحب مهنة لها أصولها ومحدداتها، وانه في ممارسته لها يجب ان يصل الى مستوى معين من التمكن من مهاراتها، فهذا يعني ان المعلم حينما يمارس عملية التدريس بمعناها العلمي  يجب أن يكون أداؤه معبرا عن أسلوب إعداده لممارسة هذا العمل، ومن هذا جاءت أهمية وضرورة تعليم وتعلم مهارات التدريس كونها تمثل ركنا أساسيا بل يقف عليها نجاح العملية التعليمية وتحقيق أهدافها ومما جاء في تعريفها :

التعريف الأول: القدرة على أداء عمل / نشاط معين ذي علاقة بتخطيط التدريس وتنفيذه وتقويمه، وكذا العمل قابل للتحليل لمجموعة من السلوكيات (الاداءات) المعرفية والحركية والاجتماعية، ومن ثم يمكن تقييمه في ضوء معايير الدقة في القيام به وسرعة انجاز والقدرة على التكيف مع المواقف التدريسية المتغيرة بالاستعانة بأسلوب الملاحظة المنظمة ومن ثم يمكن تحسينه من خلال البرامج التدريبية.                   

نجاح المعلم يعتمد على أكثر من مجرد التأثير الشخصي، فيجب ان يكون ماهرا في أدائه التدريسي ومتمكنا من مهارات و كفايات التعليم، والتي تيسّر له التخطيط والتنفيذ الفعال والأداء الناجح للعملية التدريسية

التعريف الثاني: أنها مجموعة السلوكيات التدريسية التي يظهرها المعلم في نشاطه التعليمي بهدف تحقيق أهداف معينة، وتظهر هذه السلوكيات من خلال الممارسات التدريبية للمعلم، في صورة استجابات انفعالية أو حركية أو لفظية تتميز بعناصر الدقة والسرعة في الأداء والتكيف مع ظروف الموقف التدريسي.                                                                                     

التعريف الثالث: أداء المعلم الذي يتم خلال العملية التعليمية، ويختلف نوع هذا الأداء وكيفيته باختلاف المادة الدراسية، وطبيعتها، وخصائصها، وأهداف تعليمها وتعلمها.

مكونات مهارة التدريس

تتكون المهارة التدريسية من ثلاث مكونات:

  1. المكون المعرفي: ويتمثل في المحتوى المعرفي الذي يشمل مواصفات المهارة التدريسية، وكيفية أدائها، وأسسها النفسية والتربوية ومناسبتها للتلاميذ، ولأهداف المادة الدراسية ومحتواها، الى جانب مواضع استخدامها، ولأهم الأساليب المناسبة لاستخدامها في الموقف التعليمي، ثم أهم المشكلات التي تواجه المعلم في اثنا تنفيذه لتلك المهارة التدريسية، وأساليب التغلب على هذه المشكلات، وتتضح أهمية الجانب المعرفي عند بداية تعلم المهارة التدريسية، وقبل القيام بتنفيذها.
  2. المكون النفسي: ويتمثل في رغبة المعلم في تعلم المهارة التدريسية المطلوبة، وإحساسه بأهميتها، واقتناعه بدورها في سلوكه، وفي أدائه كمعلم، يقوم بإدارة الموقف التعليمي من خلال مجموعة من الاداءات التي تشكل في مجملها المهارة التدريسية.
  3. المكون المهاري: ويتمثل في أسلوب المعلم في أداء مهارة التدريس، وتنفيذ الأساليب المناسبة لها، خلال الموقف التعليمي، والتي تتناسب مع أهداف المادة الدراسية ومحتواها، بما يساهم في تحقيق تلك الأهداف، ومساعدة التلاميذ على التعلم.

وهذه المكونات الثلاثة تكون متداخلة وبصورة شاملة عند أداء مهارة التدريس في الموقف التعليمي اي تكون بصورة مجملة عند أداء الإجراءات أو الخطوات التي يتطلبها الموقف التعليمي والتي تتناسب مع مهارة التدريس.

خصائص مهارات التدريس:

  1. العمومية: ويرجع ذلك الى ان وظائف المعلم تكاد تكون واحدة في كل المراحل التعليمية، وفي كل المواد الدراسية، وطبيعة عملية التدريس فيها متشابهة، إلا ان سلوك التدريس (كأسلوب) لدى المعلم من المعلين يختلف باختلاف المراحل التعليمية المتعددة والمواد الدراسية المختلفة، أي في ضوء اختلاف المحتوى التعليمي الذي يدرسه، كما ان العمومية قد تكون بان هناك مهارات عامة لكل تخصص معين دون الآخر.
  2. التغيير: إذا كانت أهداف المناهج الدراسية متغيرة، وبالتالي فإن جميع خبرات المنهج التي تعكس هذه الأهداف وتحققها في ضوء كثير من المصادر التي يتم الرجوع إليها عند بناء أو تطوير المناهج الدراسية، والمتمثلة في أوضاع المجتمع وفلسفته وطبيعة الطلاب، والتغيرات التي يمكن ان تحدث لهم، وكذلك التطور في بنية المادة الدراسية، مما يجعلنا بالتالي نبحث عن المزيد من مهارات التدريس التي يمكن أن تحقق هذه الأهداف.
  3. التفاعل: السلوك التدريسي بطبيعته معقد ومركب؛ بمعنى انه لا يمكن عزل نمط محدد من أنماط السلوك التدريسي دون غيره، ولذلك يكون من الصعب فصل مهارة تدريسية معينة عن غيرها من المهارات التدريسية الأخرى.
  4. الاختلاف في كيفية الأداء: بالرغم من وجود أنماط سلوكية شائعة الاستخدام بين جميع المعلمين عند أدائهم لمهارات تدريسية معينة، إلا انه يوجد نواحي اختلاف بين معلم وأخر عند تطبيق المهارة، وذلك لان التطبيق يتسم بالسلوك الشخصي لكل معلم.
  5. القابلية للتعلم: سواء قبل الخدمة أو في اثنائها، حيث ان اكتسابها يخضع لعوامل متعددة أهمها الدافعية والخبرة السابقة والتنفيذ والممارسة.

أساليب تنمية مهارات التدريس

يوجد العديد من الأساليب التي يمكن عن طريقها تنمية مهارات التدريس لدى المعلمين؛ من أهمها وأكثرها انتشارا الأساليب الآتية:

  1. التربية العملية: ترتكز عملية أعداد الطلاب المعلمين في كليات التربية على جانبين متكاملين هما ما يأتي:
  2. جانب الأعداد النظري والتربوي.
  3. الجانب التطبيقي الميداني: ومن خلاله يتم تدريب الطلاب على المهارات الأساسية اللازمة لمهنة التدريس في مواقف فعلية داخل الفصول ويكون تحت إشراف متخصصين في المادة الدراسية أو التربية العملية من بين أعضاء هيئة التدريس بكليات التربية أو وزارة التربية والتعليم، ويمكن ان يهيأ الطلاب المعلمون قبل خروجهم بمدارس التربية على التعرف على المقررات الدراسية التي سوف يقومون بتدريسها ودروس الملاحظة والنقد.
  • التدريس المصغر: يقوم على فكرة تحليل المهارات المركبة الى مهارات بسيطة متعددة، والعمل على الاستمرار في التدريب على كل مهارة تدريسية على حدة في عدد من المواقف التدريسية حتى يتم إتقان المهارات البسيطة المتعددة. ويوصف التدريس المصغر بأنه أسلوب يقوم على أساس تقسيم المواقف التعليمية الى مواقف تدريبية صغيرة مدة كل منها خمس دقائق تسجل على شريط الفيديو وباستخدام كاميرات الفيديو لتسجيل العملية التعليمية حتى يمكن عرضها بعد ذلك ليعرف المتدرب الطالب/ المعلم الأخطاء أي تقدم له تغذية راجعة فورية تجعله عدل من سلوكه في المرة التالية حتى يصل الى درجة إتقان السلوك الصحيح.
  • الموديول: وحدة تعليم وتدريب نموذجية مصغرة تحتوي على مشتملات الوحدة التعليمية يتضمنها برنامج تعليمي منظم في صورة مديولات متتابعة تسمح للمتعلم بالتعلم الذاتي حسب قدراته وسرعته لتحقيق أهداف تعليمية محدد كما أنها تسمح أيضا للمتعلم باختيار مجالات النشاط التي تناسب قدرته وسرعته على ممارستها ذاتيا.

أهمية مهارات التدريس:

  • المهارات تكسب الفرد القدرة على أداء الإعمال بيسر وسهولة.
  • المهارات تراعي الفروق الفردية بين الطلبة.
  • المهارات تساعد على إثراء العمل الذهبي واليدوي على حد سواء.
  • المهارات ترفع مستوى إتقان الأداء.
  • المهارات تجعل الفرد قادرا على مسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية.

أنواع مهارات التدريس

للتدريس ثلاث مهارات أساسية هي (مهارة التخطيط، ومهارة التنفيذ، ومهارات التقويم) وتشمل كل مهارة أساسية على العديد من المهارات الفرعية… ومن هذا نسلط الضوء على مهارة تنفيذ التدريس:

مهارة تنفيذ التدريس

ان التنفيذ الفعلي يعني انجاز ما خطط المعلم له، إثناء تفاعله مع طلابه في غرفة الصف، ولا يقوم المعلم بمهارة التنفيذ تلقائيا، أو متعمدا على فطرته ونباهته بل يتوقف ذلك على إجادته لمجموعة المهارات الفنية التي سبق له ان تدرب عليها وعرفها سابقا، فاهم هذه المهارات هي وكما يشار إليها :

مهارة تهيئة  أذهان المتعلمين وإثارة دافعيتهم، ويكون بأحد الطرق التالية:

  • طرح سؤال حول موضوع الدرس بشرط ان يتوقع المعلم وجود بعض المعلومات المتعلقة بالسؤال لدى الطلاب.
  • عرض مجسم أو شكل غامض وطرح بعض الأسئلة حوله.
  • عرض فيلم قصير بواسطة الفيديو ثم طرح أسئلة حوله.
  • إجراء عرض عملي حركي وتجربة قصيرة مثيرة.
  • استغلال خبر في صحيفة أو حدث جار في المجتمع.

مهارة أعداد الأسئلة الصفية المناسبة لموضوع الدرس: ويكون ذلك من خلال الانتباه الى توزيع تلك الأسئلة على جميع طلاب الصف بصورة عادلة ومناسبة لإمكانات الطلاب فضلا عن الممارسات المهمة التالية:

  • جعل صياغة السؤال واضحة المعنى.
  • جعل السؤال قصير كلما أمكن ذلك.
  • التأكد من الهدوء في غرفة الصف الى درجة تجعل السؤال مسموعا من جميع المتعلمين.
  • تشجيع الطلاب في حالة الخطأ من خلال تقديم ما يجعل الطالب لا يشعر بحرج أو توقف فكري كمهارة فكر مره أخرى. يمكن ان تعطي إجابة أخرى وهكذا.
  • عدم ترك المتعلم دون معرفة الإجابة الصحيحة.
  • تحديد قدرات أو العمليات التي يتضمنها السؤال؛ هل هي معرفية، ام فهم ام حل مشكلة.
  • التوازن والانتباه للوقت في طرح الأسئلة وتحديد كميتها.
  • مهارة إدارة الصف (الفصل) والإلقاء : وتعتمد مهارة إدارة الصف والإلقاء على حيوية المتعلم كونه يمثل أدوارا مختلفة، فهو المربي والقاضي و الممثل والصديق والحاكم وتتطلب هذه الأدوار المتباينة مايلي:
  • ان تكون لديه القدرة على الحركة في جميع إرجاء الغرفة الصف وتتوزع هذه الحركة بين المشي والقفز وحس ما يتطلبه الموقف التعليمي.
  • ان تكون لديه القدرة على توصيل صوته الى جميع المتعلمين كما تكون لديه القدرة على توظيفه في خدمة إيصال المعلومات بطرق مختلفة.
  • الاستجابة السريعة لما يدور من أحداث داخل الفصل الدراسي والانتباه الجيد لذلك.
  • الانتباه لإحداث الصف وضبطه ومعاملة المتعلمين بصورة تعكس شخصيته وتعززها بأنفسهم كونه النموذج والقدوة.

استخدام الأنشطة والوسائل التعليمية التي تحقق الأهداف في المادة التعليمية: وفي ذلك مهارات مختلفة في استخدام ما يناسب المادة التعليمية من وسيلة، ووقت عرضها، ومكان العرض، وحسن الاستخدام، وتوازن ما تقدمه من معلومات عن الدرس مع كمية المادة التعليمية مع فحص المادة، وكذلك الوسيلة التي نقدم بها موضوع الدرس، مع التأكيد على ان تستخدم الوسيلة في أيصال المفاهيم الصحيحة لدى المتعلمين ومحاولة الابتعاد عن كل ما يحقق الفهم الخاطئ لديهم.

ان مهارات التدريس من الأمور المهمة، التي يجب أن يتسلح بها كل معلم من اجل القيام بمهمته على أحسن وأفضل وجه، لاسيما مهارة تنفيذ التدريس التي تعتبر التجسيد الفعلي والسعي الحقيقي، باتجاه تحقيق الهدف المنشود من التعلم

مهارة تعزيز استجابات الطلاب: وأما ان يكون التعزيز لفظيا باستخدام الكلمات مثل : جيد، بارك الله فيك، جزأك الله خيرا، معقول، الى آخره من كلمات التعزيز، وأما ان يكون غير لفظي باستخدام حركات الوجه واليدين مثل: الابتسامة، أو تقطيب الجبين، أو الإشارة بالأصابع، أو حركات الرأس.

ومن ذلك نفهم ان مهارات التدريس من الأمور المهمة، التي يجب أن يتسلح بها كل معلم من اجل القيام بمهمته على أحسن وأفضل وجه، لاسيما مهارة تنفيذ التدريس التي تعتبر التجسيد الفعلي والسعي الحقيقي، باتجاه تحقيق الهدف المنشود من التعلم، ومن ذلك ندعو كل معلم الاهتمام والاطلاع والبحث عن كل ما من شانه يحقق العملية التعليمة بالشكل الأفضل، كونها تمثل القاعدة الأساسية في بناء مجتمع متعلم ومثقف يمكن أن يثبت وجوده ويعزز قدراته ويستثمر إمكانياته التي تضمن له كرامة العيش بين مختلف الشعوب التي تسعى الى تحقيق ذلك.

——————————-

المصادر

  1. سبيتان، فتحي ذياب، التدريس الفعال والمعلم الذي نريد، دار الجنادرية للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 2014.
  2. السيد، ماجدة مصطفى وآخرون، المناهج ومهارات التدريس، الدار العربية للنشر والتوزيع، القاهرة- مصر، 2011
  3. شبر،خليل إبراهيم وآخرون، أساسيات التدريس، دار المناهج للنشر والتوزيع، ط1، عمان- الأردن 2004.
  4. الصيفي، عاطف، المعلم واستراتيجيات التعليم الحديث،دار أسامة للنشر والتوزيع، ط1، عمان- الأردن، 2009.
  5. محمود، صلاح الدين عرفه، تفريد تعليم مهارات التدريس بين النظرية والتطبيق، عالم الكتب، ط1، القاهرة- مصر، 2005.
  6. المسعودي، محمد حميد مهدي و آخرون، المناهج وطرائق التدريس في ميزان التدريس، دار الرضوان للنشر والتوزيع، ط1، عمان- الأردن، 2015.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا