رأي

من قتلني؟

سؤال طُرح مؤخراً على شبكات التواصل الإجتماعي، حتى اصبح وسماً متداولاً فيها، كما انتشرت لافتات تحمل صورة المغدور؛ ايهاب الوزني، ومعها هذه العبارة، في اشارة الى حادثة الاغتيال الآثمة التي طالته وطالت غيره من العراقيين في أوقات سابقة

وبالرغم من أن هذا السؤال والتوقيت يحملان دلالات سياسية مهمة، خصوصاً مع محاولة بعض الجهات عرقلة سير الانتخابات العراقية بذريعة عدم استقرار الوضع الأمني، متخذين من قضية الإغتيال الاخيرة تبريراً لذلك، بالرغم من ذلك، إلا أن طرح مثل هذا السؤال مهم جداً.

يقال أن الشعب العراقي يمتلك ذاكرة السمكة، فهو يستطيع تجاوز المشاكل ـ حتى الكوارث منها ـ بنسيانه، والحقيقة؛ أن العراقي ينسى الكوارث لأنه يبتلى بأكبر منها، وكما يقول المثل: “الجرحُ يُسكنه الذي هو آلمُ”.

  • العودة بالذاكرة الى الوراء

لكنّ العودة أحيانا إلى الوراء تنفعنا في كشف واقعنا، فإذا رجعنا الى العقود السابقة التي مرت، سنجد بكل وضوح، أن السيف المسلط على رقاب شيعة العراق كان هو السيف البعث “السني”، فكان أداة جيدة لقمع الشيعة، فلا مؤسسات، ولا حوزات، ولا حركات، فكان المفروض أن لا تقوم لهم قائمة، وجزاء كل من يخالف ذلك هو الذبح.

ثم بعد سقوط النظام، و زوال حكم البعث الغاشم، تحالف البعث المشؤوم مع التنظيمات الإرهابية “السنية” المُسمى حينها بـ “القاعدة” ليعلو سيف المقصلة على رقاب الشيعة مرّة أخرى، فكان الذبح على الهوية والتفجيرات والتهجير القسري في كل المناطق التي فيها أقليّة شيعية، واستمر الحال حتى بنسب متفاوتة، حتى كشروا عن انيابهم حين سقوط المحافظات بيد تنظيم داعش الارهابي عام 2014.

وصاروا يحصدون بأرواح الشيعة، اكثر فأكثر من 1700 في جريمة معسكر سبايكر، وفي مجزرة الصقلاوية، والآلاف غيرهم هنا وهناك، حتى وصل الامر بهم الى قتل من هو في سجن “بادوش”بالقرب من مدينة الموصل، من الشيعة أمام مرأى ومسمع العراقيين والعالم.

وطيلة هذه السنوات لم يكن بإمكان أحد من الشيعة ـ على مختلف مستواياتهم ـ طرح السؤال التالي: من قتلني؟

فبمجرد طرح هذا السؤال، كان الجميع يتهمك بالطائفية!

حقاً من قتلني؟

فلو نظر العاقل اللبيب إلى القاتل، يجد أن القاتل على طول الخط كان شخصاً واحداً وهو المستفيد حالياً من كل الدماء التي أزهقت وما تزال تُراق على أرض العراق، سواء كانت عبر القناصين، أو بالأسلحة الكاتمة، أو السيارات والأحزمة المتفجّرة، فقاتل الأمس هو قاتل اليوم، حتى لو غيّر ثوبه، لأن المخطط، والممول والمستفيد من سقوط هذه الدماء، واحد، وهو يمتلك ماكنة إعلامية قوية يستطيع من خلالها إبعاد التهمة عن نفسه، واتهام خصومه بذلك!

عن المؤلف

السيد مرتضى المدرّسي

اترك تعليقا