في محادثاتنا اليومية المتداولة، كثيرا ما نستخدم كلمتي: «بلى» و«نعم». وكثيرا ما نستخدم «نعم» بدﻻ من «بلى»؛ وكذلك العكس؛ في حين ان «نعم» ﻻ تعطي معنى «بلى».
فمثلاً؛ إذا سأل اﻷب اوﻻده: ألست بابيكم؟ فقالوا: نعم؛ كانوا قد نفوا اﻻبوة عن ابيهم؛ وكأنهم قالوا: أنت لست بأبينا. أما اذا قالوا: بلى؛ كانوا قد ثبتوا اﻷبوة ﻷبيهم؛ وكأنهم قالوا: أنت أبينا؛ فلاحظوا الفرق.
وعندما سأل ربنا – جل وعلا – بني آدم؛ كما جاء في اﻵية 172 من سورة اﻷعراف -: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا}؛ ولو قالوا: نعم؛ لكفروا؛ ﻷن قولهم «نعم» نفي لربوبية الله – تعالى-؛ فكأنهم قالوا: لست بربنا؛ والعياذ بالله. أما قولهم «بلى» فإثبات لربوبية الله – تعالى-؛ وكأنهم قالوا: أنت ربنا.
وأما متى كان هذا السؤال من الله – تعالى-؟ ومتى كان الجواب من بني آدم؟
قالوا: كان ذلك في عالم الذر؛ وهو احد العوالم الستة التي يمر بها اﻻنسان؛ وهي على الترتيب: عالم اﻻشباح، ثم عالم الذر، ثم عالم اﻻصلاب واﻻرحام، ثم عالم الدنيا (التي نحن فيها اﻵن)، ثم عالم البرزخ، ثم عالم القيامة، ثم العالم اﻷبدي؛ وهو عالم الجنة للمؤمنين، وعالم النار للكافرين.
ففي عالم الذر ذاك؛ رفع الله بني آدم حتى صاروا بمنزلة ان يقول الله لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}؟ وكانوا بمنزلة أن {قَالُوا بَلَىٰ}؛ أي: قالوا: أنت ربنا؛ وذلك هو أخذ الميثاق على العبد، وحديثه مشهور بين الشيعة والمخالفين.
وورد عن اﻹمام الباقر، عليه السلام، أنه قال: «أخذ الله ميثاق شيعتنا بالوﻻية وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر».