فکر و تنمیة

التعصب مصادرة الآخر من اجل اثبات الافضلية

خلق الانسان اجتماعياً بالفطرة وهذه الفطرة فرضت عليه ان يكون متبادل الخبرات الحياتية مع ابناء المحيط وتقبلهم والتعاطي معهم كشركاء متساوين بكل شيء وقبل كل شيء هم متساوون بالإنسانية على اقل تقدير، لكن عناد بعض البشر وتجبره افضى الى بعض التعدي على الحدود التي رسمها الله لخلقه، ودعاهم للعيش تحت مظلتها دونما تصارع او تضاد او اقتتال، ومن صور هذا التصارع عدم تقبل الآخر ومحاولة بعضنا مصادرة رأي الآخر وعدم الاعتراف به وبما يتعقد وبما يفعل معتبراً نفسه الحق المطلق ونه الباطل والغير صحيح.

يُعرف التعصب بشكل عام على أنه: “اتجاه سلبي غير منطقي تجاه جماعة أو اتجاه أعضاء تلك الجماعة، و يتسم بعدة صفات، منها التفكير غير المنطقي، الجمود، التعميم المفرط، الظلم، وسيادة الأفكار النمطية، هذه الأخيرة التي تعتبر تطبيقا أتوماتيكيا للتعصب تجاه أعضاء الجماعة التي تخصها هذه الأفكار النمطية”.

📌 التاريخ يروي لنا ابشع صور التعصب التي عرفتها البشرية والتي كونت اساساً لحلقات واسعة من الصراع الذي تسبب بتعاسة البشر وحاجزا للتفاهم بينهم

او انه اتجاه يهيئ الفرد مسبقاً ودون تقييم موضوعي، لتكوين أحكام سالبة بصدد جماعات أو أشياء أو مفاهيم لصور نمطية في باله في الغالب لا تستند الى حقائق او ادلة او براهين.

والتاريخ يروي لنا ابشع صور التعصب التي عرفتها البشرية والتي كونت اساساً لحلقات واسعة من الصراع الذي تسبب بتعاسة البشر وحاجزا للتفاهم بينهم، فهو يخلق حواجز مصدات نفسية ومن ثم اجتماعية، وبالتالي يعيق النمو النفسي للأفراد ويدفعهم إلى الاضطراب، وهو ما جعل غالبية علماء النفس الاجتماعي يتفقون أن صاحب الشخصية التعصبية هو صاحب الشخصية المضطربة.

في السياسة، في الرياضة، في الثقافة والأدب، وفي الدين يحضر التعصب وبقوة، نعم حتى في الدين تعصب الكثير من الناس الى الحد الذي يجعلهم يكفرون المختلف عنهم او انهم يكيلون اليه من التهم ما يجعله ناشزاً لكونه اختلف معهم فقط بالتوجه والاعتقاد وقد عاش ويعتاش الكثير من الناس على هذا التعصب وقبضوا اثمانه عالياً وذهب جراء ذلك الكثير من البشر ضحايا.

اما اتباع السياسة فهم الآخرين اجادوا تمثيل الادوار التي تدعو الى التعصب مما خلق تشنجاً كبيراً بين الناس والغريب ان التطرف ومحاولة نفي صواب الآخر وصل الى حد الخلاف بين ابناء البيت الواحد، والمحصلة تدهور وسوء عام يخيم على البلد كما في العراق الذي وصل الوضع فيه الى ما لا يحمد عقباه، والواقع السياسي العراقي الحالي ماهو الا نتاج التعصب والغرور والمصادرة غير المنطقية للآخرين .

والرياضة ايضاً بعد ان كانت متنفساً للشعوب التي لم تجد لها متنفساً اصبحت تعاني مرض التعصب الذي ذهب بجمالية وشعبية هذه الممارسة الجميلة وباتت تشكل مصدراً للقلق والشحن، كما يحصل في العراق على سبيل المثال عندما يلتقي فريقي ( الزوراء والقوة الجوية)، فينتج من هذا التعصب الذي استطيع ان اصفه بالحيواني تخريب للمعلب وتكسير لطاولات الجلوس وغير ذلك من المشاهد الغير لطيفة التي نشاهدها على شاشة التلفاز او عند حضورنا في ملعب كرة قدم.

ولم ينجُ الادب والفن من التعصب، فقد راح فقد البعض الى محاولة اثباته جمالية نتاجه الادبي بالتقليل من نتاج الآخر ومحاولة تشويهه بالوقت الذي يستطيع اي انسان ان يحسن صنيعه وحينها لن يستطيع احد ان يحجب هذا التميز، لكن ضعف الثقة بالنفس والخوف الغير مبرر والقلق وضعف النتاج هي من تدعوا الانسان الى ان يكون متعصباً.

وقد ينشأ التعصب لدواعٍ اخرى اذ تفسره نظرية الصراع بقولها انه ينتج من المنافسة على المصادر النادرة، في حين تقول نظرية الحرمان أن المشاعر الوجدانية للواقع والحياة المليئين بالحرمان تكون مصدرا للعداء الاجتماعي وللتعصب، لا يهم أي السببين هو الاقرب الى الصواب فأن النتيجة مضرة بالبشرية وتغيب عنها صفة الانسانية.

📌الرياضة ايضاً بعد ان كانت متنفساً للشعوب التي لم تجد لها متنفساً اصبحت تعاني مرض التعصب الذي ذهب بجمالية وشعبية هذه الممارسة الجميلة وباتت تشكل مصدراً للقلق والشحن

في الختام سيدي القارئ الكريم نقترح عليك مواجهة التعصب بالعقلنة في السلوكيات بأعتبار المختلف مكملاً وليس بالضرورة ان يكون مضاداً او نداً، وحين يريد احدنا ان يتميز يستطيع التميز بإجادة ما يقوم به بدون ان يتنقص من الآخرين وسلوكياتهم ونتاجاتهم وفق مبدأ التنافس الشريف الذي يتيح للكل عرض بضاعتهم وللناس حق اختيار الافضل.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا