في حياتنا نمر بمواقف تحتاج منا اتخاذ قرار او ان نخطو خطوة نحو الامام ولا مجال للهرب او التراجع، فنتخذ قرارات ونترجم هذه القرارات الى سلوكيات لكن بعد مرور بعض الوقت، او ربما بعد سويعات قليلة ينتابنا الندم على ما فعلناه، فيجعلنا نغلي على صفيح ساخن وتشغل “لو” عقولنا وتذهب بتوازننا مع الريح كأوراق شجر الخريف اليابسة.
بديهياً يشعر الانسان بعد ان يقوم ببعض السلوكيات بأنه تسرع نوعاً ما الى الحد الذي جعله لم يحسن التصرف، هذا الشعور إن كان من مبدأ الحذر من الخوف وبالخطأ مع محاولة القيام بالأفضل فهو امر حسن، بل ودال على محاسبة الانسان لذاته، لئلا تشذ عن جادة الصواب، لكن حين يتحول الامر الى عادة تُتبع بعد كل فعل فذلك يشير وبالضرورة الى خلل نفسي نابع من التردد وعدم الوثوق بالنفس وهذه هي المشكلة (مشكلة الندم).
يُعرّف علم النفس الندم على انه: “المشاعر السلبية التي يمر بها الناس عند إدراكهم أو تخيلهم أن وضعهم الذي هم عليه كان من الأفضل لو فكروا أو تصرفوا بشكل مختلف، وهكذا ينشأ الندم من المقارنة بين نتائج الخيار المختار والبدائل غير المختارة التي يتفوق فيها الأخير على الأول، حيث تنعكس هذه المشاعر المؤلمة على الدور السببي للفرد في الوضع الحالي دون المستوى الأمثل”.
📌 بدون ادنى شك يعد الندم من المشاعر المميزة للانسان دون غيره مما خلق الله وصوّر
بدون ادنى شك يعد الندم من المشاعر المميزة للانسان دون غيره مما خلق الله وصور، إذ ان الندم السلبي في العادة يصاحبه مشاعر سلبية، رغبة في التصحيح او كان الامر الذي تسبب في الندم لا يحمل من الخطأ شيء، الرغبة في التراجع عن الحدث والحصول على فرصة ثانية، محاولة التبرير لمن حوله بأن ما حصل كان من دون قصد او من دون حساب دقيق للموقف، كل هذا يصاحب الندم لدى الانسان بينما الحيوان والنبات وكل ما في الكون لا ولم ولن يندم، إذاً هي نعمة الله على خلقه ان وظفت توظيفاً صحيحاً.
شعور الانسان بالندم السلبي يرهقه نفسياً لا اكثر ولا اعتقد انه يأتي بنتيجة ايجابية، سوى انه يركز انتباه الفرد على الجانب السلبي في شخصيته، وبالتالي يحفزه على التفكير في كيفية حدوث الحدث السلبي وكيف يمكن تغييره، أو كيف يمكن للمرء أن يمنع حدوثه في المستقبل، وكل هذه الاجراءات العقيلة التي لا تتعدى حدود التفكير للانسان، إن لم تتحول وعلى الفور سلوكيات تصحيحية حقيقية بعيداً عن اللوم كما التمني.
📌 اذا ما اتفقنا ان الندم هو سمة انسانية فوفق هذا يمكن ان نعتبره بمثابة جرس انذار يدق للانسان لتنبيه على خطأ، او اخفاق يحصل له في حياته لينذر عن التوقف عنه او تعديله
وقد يتعلق الندم بحالة عدم الرضا او غياب القناعة التي تسيطر على البشر جميعهم لكن بنسب مختلفة، ولعل اغلبنا ان لم يكن جميعنا اصبنا ذات يوم بنوبة ندم كبيرة لكوننا حصلنا على درجة متوسطة في الامتحان ورغم كوننا اجتزنا الامتحان، لكن مقارنة درجاتنا بغيرنا هو ما يجعلنا فاقدي لنشوة الانجاز وهذا كله يحصل بفعل المقارنات السيئة التي تلازم الكثير من الناس.
- كيف نحد من الندم او نتغلب عليه؟
ما يجب ان نقوم به من استراتيجيات للتعامل مع الندم هو:
- يفضل التزام طريق القناعة بما في ايدينا ومنع العين من النظر الى ما في ايدي الغير، القناعة وترك الندم على الفرص الضائعة والتفكير في المستقبل وهذا ما سيمنحك راحة وامناً نفسيا بدل الغرق في السلبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تفقد الانسان اتزانه وصحته النفسية التي لا تعوضها الدنيا وما فيها.
- في طبيعة اي انسان انه يخطأ ويصيب وهذا منطقي جداً فهو مجبول على ذلك، و لكن غير المنطقي هو جلد الذات ولومها على خطأ حصل من دون قصد ربما، او حصل نتيجة لسوء التقدير او التدبير، فمع التشديد على اهمية الندم الذي يدفعنا نحو التصحيح وتغير بوصلة السلوك نحو الصواب او الطموح في الاكثر صوابية، وهذا ما نعتبره نجاحاً للانسان وذكاء يساهم في توظيف ضعف الانسان الى قوة وتلك هي الغاية لكن نشدد على ضرورة الابتعاد عن الندم الذي لا جدوى منه.
- اذا ما اتفقنا ان الندم هو سمة انسانية فوفق هذا يمكن ان نعتبره بمثابة جرس انذار يدق للانسان لتنبيه على خطأ، او اخفاق يحصل له في حياته لينذر عن التوقف عنه او تعديله، وفي مثل هذه الحالة يمكننا ومن دون تردد ان نعتبر الندم نعمة يجب التعامل معها بإيجابية وتقبل، لذا ادعوك عزيزي القارئ كثير الندم ان تتمتع بجمالية هذه الصفة والابتعاد عن وجهها القبيح ما استطعت ففي ذلك صحتك وراحتك.