الأخبار

زيدان في حديث موسع: القضاء العراقي مستقل وبعض مواد الدستور تحتاج لاعادة نظر

الهدى – متابعات

قال رئيس مجلس القضاء الاعلى، القاضي فائق زيدان، أن الظروف التي رافقت صياغة نصوص الدستور سنة 2005 في حينها تغيرت وأصبحت عدد من مواد الدستور عقبة أمام تشكيل السلطات الدستورية عند كل استحقاق انتخابي، مبينا انه من الضروري إعادة النظر بتلك النصوص وصياغتها بشكل سلس يتناسب والمتغيرات السياسية التي حصلت خلال 19 سنة الماضية، ومنها بعض المواد الخاصة بالسلطة القضائية التي نرى أنها بحاجة إلى إعادة صياغة بما يضمن استقلالية السلطة القضائية بشكل كامل عن السلطة التشريعية والتجاذبات السياسية التي قد تحصل في تعيين بعض المناصب العليا في السلطة القضائية. إضافة إلى مواد أخرى تتعلق بصلاحيات المحافظات وإدارتها والخلاف القائم بين المركز والإقليم بخصوص النفط والغاز.
وأضاف زيدان في حديث موسع اجرته معه الصحيفة الرسمية، وتابعته مجلة الهدى، ان القضاء اختار لنفسه أن يكون كما هو دستورياً مستقلاً عن بقية السلطات مهما كان ثمن هذا الخيار، لذا حرص على أن تكون جميع القرارات الصادرة عنه تعكس هذه الاستقلالية وعدم الاستجابة لوجهات النظر السياسية.
وتابع ان دليل عدم انحياز القضاء لجهة دون أخرى أن الجهتين المتنافستين سياسياً غير راضيتين عن موقف القضاء وكل واحدة منها تدعي أن القضاء يميل إلى الأخرى لكن الفرق بين الجهتين أن إحداهما تظهر الموقف السلبي من القضاء علناً أما الأخرى استطاعت كظم غيظها والتعبير عن موقفها السلبي في الأروقة الخاصة فقط.
وفيما يتعلق بعمل المحكمة الاتحادية، قال زيدان انها جزء من القضاء وبالتالي تؤدي عملها بشكل مستقل تماماً عن الحكومة بل أن عدداً من قرارات المحكمة صدرت بخلاف رأي الحكومة، أما بخصوص القضية محل الجدل المتعلقة بموضوع تصدير النفط من قبل الإقليم فأن المدعي في هذه الدعوى هي وزارة النفط وهي تمثل وجهة نظر الحكومة في هذا الموضوع، وعندما دققت المحكمة وقائع الدعوى وجدت أن وزارة النفط دستورياً صاحبة حق في الادعاء المقدم من قبلها لذا صدر القرار لصالح وزارة النفط، لافتا الى ان هذا لايعني أن ذلك تم بتنسيق بين الحكومة والقضاء بل أن الحكومة هي مدعي في الدعوى مثل أي مدع آخر في بقية الدعاوى والقرار يصدر في ضوء ما يقدمه المدعي في الدعوى من أدلة تستند إليها المحكمة في حسم الدعوى.
أما موضوع الالتزام بالأحكام القضائية نرى أن هذا الالتزام هو واجب دستوري وقانوني قبل كل شيء ذلك أن الدستور ينص على أن قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة وواجبة الاتباع لذا لايجوز لأي جهة كانت عدم تنفيذ قرارات المحكمة لأنها بذلك تكون قد خالفت الدستور والقانون.
وحول المشكلات بين البرلمان الجديد الحالي وحكومة تصريف الأعمال، أوضح زيدان انه سبب الخلافات السياسية بين التحالفات والأحزاب الفائزة في الانتخابات حصلت خروقات دستورية عديدة ولازالت مستمرة، وأهمها مضي المدة القانونية لتسمية رئيس جمهورية جديد وتبعاً له تسمية حكومة جديدة وهذه إحدى الحالات التي نرى أن التعديل الدستوري يجب أن يعالجها بأن يتم وضع نص دستوري يتضمن (جزاء) مخالفة النص الدستوري بمعنى أن تحدد مدة معينة لاستثمار تشكيل المناصب والاستحقاقات الدستورية فاذا انقضت تلك المدة يجب وضع جزاء لذلك كأن يكون حل البرلمان تلقائياً أو بقرار من جهة ما يتفق عليها سياسياً لان بدون وجود جزاء لمخالفة نص معين دستوري أو قانوني تصبح تلك المخالفة وكأنها إجراء أو تصرف مشروع وقابل للتكرار انطلاقاً من قاعدة (من أمن العقاب خالف القانون).
واشار زيدان الى ان ظاهرة اللجوء إلى المحكمة الاتحادية بشكل كبير فيه جانب إيجابي وآخر سلبي، موضحا ان الإيجابي هو أن اللجوء إلى القضاء عند الاختلاف هو إجراء صحيح ودليل على شيوع ثقافة سيادة القانون واللجوء إلى المؤسسة التي تطبق الدستور والقانون في حل المشكلات وهذا شيء جيد، أما الجانب السلبي هو أن البعض اتخذ من هذا الإجراء وسيلة للظهور الإعلامي والاستعراض أمام الرأي العام بحيث يلجأ للطعن في أي قرار أو قانون يصدر حتى وإن لم يكن من اختصاص المحكمة الاتحادية النظر في هذا الطعن أو أن القرار أو القانون لا توجد أسباب واقعية ومنطقية للطعن به ونرى أن ذلك يشغل المحكمة في دعاوى كثيرة قد تنعكس على اداء المحكمة في حسم الدعاوى الأهم والتي تستوجب فعلاً النظر بها.
وفيما يخص تفشي المخدرات، قال زيدان انها مشكلة كبيرة تحتاج إلى وقفة إذ أن هذه الجريمة تتفرع عنها جرائم أخرى ذلك أن متعاطي المخدرات يفقد إرادته وإدراكه ويرتكب جرائم وهو خارج الوعي وهذه الجرائم متنوعة كالقتل والاغتصاب والسرقة وغيرها لذا تحتاج إلى إجراءات رادعة تحد من انتشار هذه الجريمة ونعتقد أن الخلل الأساس يكمن في جدية متابعة مرتكبي جريمة الاتجار بالمخدرات وليس الخلل في التشريع أو إجراءات القضاء لان القوانين موجودة والقضاء يطبق هذه القوانين بشدة لكن الخلل في متابعة المجرمين والقبض عليهم مع الأدلة التي تقتضي لادانتهم .
وحول حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والإعلام، اشار زيدان الى انها مكفولة بموجب المادة (38) من الدستور وهذه أحد المكاسب التي تحققت بعد تغيير النظام السياسي سنة 2003 ونعتقد أن أساس النظام الديمقراطي في الحكم مبني على هذه الحريات التي نحترمها ونحميها بموجب القانون وقد وجهنا المحاكم في أكثر من مناسبة مراعاة التعامل بدقة مع الإعلاميين في حال تقديم الشكاوى بحقهم وأن يكون أي إجراء تحقيقي بمعرفة نقابة الصحفيين وحضور ممثل عنها وتجنب إصدار مذكرات قبض بحق الإعلاميين وعوضاً عن ذلك يصار إلى مذكرات الاستقدام وفق القانون وأن يكون تقدير ما ينسب إلى الإعلامي مخالفاً للقانون من عدمه بموجب رأي وخبرة الخبراء المختصين في الإعلام واللغة العربية لتحديد فيما إذا كان الفعل المرتكب من الإعلامي يشكل مخالفة للقانون من عدمه .

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا