اختيار رئيس الوزراء في العراق الجديد ليس بالامر السهل، خصوصا وان الشعب لم يعد يكترث لما يعدون به، لان الكل تعوّد على وعودهم الغير صادقة، والعراق اليوم يعيش الاحتجاجات المطلبية التي لا تزال مستمرة رغم استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، واصبحت الحكومة، حكومة تصريف أعمال، و تُعرف حكومة تصريف الاعمال بانها تلك الحكومة المتحولة من حكومة طبيعية بكامل الصلاحيات، الى حكومة محدودة بصلاحياتها حيث انها الفترة الانتقالية بين الحكم التنفيذي للسلطة الاجرائية، وحدود تأمين استمرارية العمل الحكومي في حدوده الادارية، ذلك الامر بسبب ممارسة دستورية طبيعية ناجمة بديهيا عن واقع سياسي جديد يتمثل اما باستقالة الحكومة او باعتبارها بحكم المستقيلة بتوافر لاحدى شروط الاستقالة.
ومن هنا فإن الاسراع بتشكيل الحكومة امر يفرضه الواقع السياسي للبلد، كي لا يعيش في اجواء الفراغ الدستوري، ومع ضرورة الاسراع اختيار رئيسا للوزراء في نفس الوقت، يستلزم التأني الدقيق لاختيار الانسب وفق المعايير الكفؤة التي ستخرج البلد من وحل التخلف والفقر، الى مرفأ التقدم والتطلع لما هو أفضل ؟
فما هي معايير الاختيار ؟
( على الذين سيختاورن رئيس الوزراء يجب أن يختاوره على برنامجه، لا على اساس انتمائه الحزبي، وان يشارك الجميع في وضع هذا البرنامج للنهوض بالبلد، فالعلماء والاكاديميين والحكماء يشاركون في وضع هذا البرنامج للنهوض الشامل للبلد)
النص اعلاه مقتطف من كلمة للسيد المدرسي يوم الخميس 5/12/2019،
كيف نختار المناسب للمكان المناسب؟
قد يطرح البعض شعارات جوفاء يهدف منها الى ايهام الناس، للوصول الى السلطة، وما إن يصل حتى تكون تلك الشعارات حبراً على ورق، على ضوء ذلك كانت المعايير التي طرحها السيد المدرسي لاختيار رئيس حكومة مناسب تكون كالاتي:
-
اولاً :البرنامج النهضوي… واخضاعه للمراقبة الشعبية
ومن هنا فإن وضع برنامج نهضوي واضح، ومحدد بسقف زمني معين، يسير على ضوءه الوزير المُنتخب، او الحزب المتصدي، بالاضافة الى وضع مراقبين لهذا البرنامج، على شرط ان يتم اختيار المراقبين من قبل العقلاء والحكماء والاكاديمين من هذا الشعب، فأحد المعايير هو وضع برنامج واضح مراقب من قِبل الكل.
-
ثانيا : مشاركة الجميع ضمان للنجاح
العراق بلدٌ يزخر بالقامات العلمية في مختلف المجالات، فعلماء الدين وخطباؤه يشكلون رافدا اساسيا من روافد العلم والمعرفة في هذا البلد، اما الاكاديميون باختلاف اختصاصاتهم الدقيقة يشكلون نسبةً كبيرة، فهناك التربويون والمحامون، والمهندسون والاطباء ..الى بقية الاختاصات العلمية.
مما لا شك فيه أن اشتراك أيّة مجموعة وتكاتفها في سبيل تحقيق أي هدف، من شأنه ان يدفع بالمشاركين الى ابراز مواهبهم، وطاقاتهم على اكمل وجه، خصوصا اذا كان الهدف يتعلق بمصير الجميع، وانهاض العراق والخروج به مما هو فيه، لن يكون الا بمشاركة الجميع، وان يتحمل الكل مسؤوليته.
إنّ التقاء العقول يعني التقاء التجارب المختلفة، وبالتالي التوصل الى الامثل فيما فيه منفعة البلد، وهذا ما يؤكده الامام علي، عليه السلام بقوله: ” الأمور بالتجربة والأعمال بالخبرة “.
ومن هنا فإن اشارك الآخرين يعني الاستفادة من تجاربهم، وكلا حسب اختصاصه ومجال عمله.
-
ثالثا: السقف الزمني ومحددات النجاح
((إنّ خمس سنوات كفيلة بانهاض البلد في جميع المجالات، والدول المجاورة اعتمدت هذا السقف الزمني))
إنّ اي هدف نهضوي سواء كان على المتسوى الفردي، أم على مستوى أمة أو شعب، هذا الهدف بحاجة الى ان يُعين له زمنٌ محدد لانجازه، ولو تركت الامور لتسير بدون سقف زمني، لآلت الحياة الى فوضى، ولم نكن لنرى أي حضارة تقوم، او اي تقدم يذكر، فعامل الزمن من العوامل المهمة، ومن هنا فإن وضع الدولة لخطة خمسية، فإنه يضمن تنفيذ ما وعدت به، والخطة خمسية هي مجموعة إجراءات تضعها الحكومة لتنفَّذ في خمس سنوات، من أجل تطوير فروع الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين البنى التحتيّة، وتنظيم جميع الأعمال التربويّة والنشاطات الثقافيّة والعلميّة التي تسهم بشكل فعّال في تطوير البلاد وتقدمها.
ومن هنا فإن وضع الحكومة الجديدة لاي برنامج نهضوي يجب ان يكون مأطراً بإطار زمني وهو خمس سنوات، والشروع بتنفيذه بعد تسلم رئيس الوزراء لمهام اعماله، والعراق ليس بدعا من الدول المجاورة التي نهضت، كتركيا وايران، والكويت، بل إن العراق يمتلك مقومات تؤهله للنهوض بشكل سريع وبوتيره عالية.