المرجع و الامة

المرجع المدرسي: أساس مشاكل الأمة في إبعاد القرآن الكريم عن ثقافتها

قال سماحة المرجع المُدرّسي -دام ظله- إن الأمة «اذا فُقد المصلحون فيها، وطغى فيها الحكام وظلموا ولم يُنكر عليهم احد، وتفشى فيها الفساد والاستئثار …

قال سماحة المرجع المُدرّسي -دام ظله- إن الأمة “اذا فُقد المصلحون فيها، وطغى فيها الحكام وظلموا ولم يُنكر عليهم احد، وتفشى فيها الفساد والاستئثار والطبقية، ومجاميع المهمشين
والمحرومين والطبقات الهشة، ولم يفكر احد في مواجهة ذلك وعلاجه، وازدادت مع الزمن الذنوب واحاطت الخطيئات بهذه الامة، فإنها تنهار شيئا فشيأ”.
و أوضح سماحته في احدى كلماته الاسبوعية التي يلقيها بمكتبه في كربلاء المقدسة، إن «البنيان والجدران المادية لوحدها لا تجمع الناس، انما تجمعهم القيم الفاضلة في الامة، ونحن كأمة اسلامية، كم نرى في اوضاعنا ما هو محزن ومخجل، وما هو مدعاة لأن يبكي منه الانسان دما؟ لماذا؟! أليس فينا رجل رشيد يقول ما هو السبب؟ وأين هي العلة»؟
و اضاف سماحته موضحاً: “إن علّة الأمة هي هذا الحجاب المستور الذي صار بيننا وبين كتاب الله سبحانه، فقد حُجبنا عن كتاب ربنا تعالى، ومشكلة الأمة مع القرآن هي أن ما يعجبهم ووافق اهوائهم اخذوا به، وما لم يوافق اهوائهم لم يأخذوا به”.
ويواصل سماحته الحديث في سياق التدبر في الايات (84 ــ 86) من سورة البقرة، موضحا، إن «الأمّة تصبح أمّة، حينما يحترم احدها الاخر، وحينما تكون دمائهم محرمة عليهم، وحينما تحفظ الكرامة فيهم وتكون للجميع، فالله سبحانه اخذ هذا الميثاق على بني اسرائيل وعلينا، وعلى سائر الأمم، ومحور هذا الميثاق أمران مهمان: الارض او الوطن، وحرمة الدم، حيث يقول تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ}، ثم يأتي الحديث عن أصل ولب المشكلة، والمحور الاساسي في الآيات الكريمة، وهو هذه الكلمات العظيمة: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}».
واكد سماحته على أن «الامة الاسلامية لا تقوم بقيمة واحدة من القيم، أو بعمود واحد، إنما بجميع أعمدة القيم الراسخة التي قامت وبنيت عليها اول مرة، وبالقرآن كله، وقيمه كلها، وليس اخذ بعضها وترك الأخر، فإن جزاء ذلك ما هو {إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وهذا ما هو حادث. فماذا اصاب هذه الأمة وبلدانها وشعوبها؟ ولماذا لاتبنى هذه البلدان وتأمن وتتقدم شعوبها؟، أليس هذا خزي؟، ثم كيف، ولماذا نكون تابعين، ويضعنا الاخرون يومياً في حصار، وحتى وانت تدفع المال والثمن يقولون لن نبيعكم الشيء الفلاني، بل وفي احيان كثيرة يمنعون عنك كل شيء! لماذا صرنا أذلاء؟، أليس هذا من الخزي في الحياة الدنيا؟، وماذا عن الآخرة؟! هل نحن مؤمنون فعلاً حتى يكون وضعنا جيداً في الآخرة؟!».
كما اشار سماحته الى أن «من جملة الاعمال الفاسدة التي قام بها بني امية، إبعاد الأمة عن القرآن الكريم، عبر طرق ووسائل عدة منها على سبيل المثال لا الحصر ايجاد صراعات تفاخر وهجاء وتباري بالشعر بين القبائل، وإثارة الخلافات والصراعات السخيفة، واذا بهم يجعلون الناس بدلاً من قراءة القرآن والتدبر فيه وسماع احاديث النبي الاكرم، والتدبر فيها، يتحدثون ويسمعون الاشعار وينشغلون بها، واججوا الخلافات بين القبائل، وبين المسلمين من العرب وغير العرب الذين اسموهم بالموالي». واضاف سماحته ان: «الائمة المعصومين، عليهم الصلاة والسلام، اهتموا بالقرآن الكريم، والاحاديث الشريفة الصحيحة اهتماما كبيرا، وكونوا طائفة مؤمنة وصالحه كانت دائما هي الشاهدة على سائر الناس، ولكن بمرور الزمن، ومع ما تعرض له الائمة واتباعهم وتلاميذهم من اضطهاد وتغييب ومحاصرة وسجن وتشريد وتقتيل، بدء قسم من المسلمين يتجهون شيئا فشيئا نحو دعوات وافكار وفلسفات دخيلة، وتمت ترجمة كتب ونشر ثقافة وافكار وكلمات مليئة بالكذب و الفساد والضلال، وشحنوا الامة بها، وهكذا بدأت تُشاع وتُسمع ثقافة وكلمات تبريرية من قبيل؛ «أن القرآن فوق عقولنا ونحن لا نفهمه»، أو «اننا يجب أن نسمعه فقط ونقرأه عن بعد، او نضعه للبركة»، وصولا الى اننا صرنا نحصره ونقرؤه على القبور، وفي عزاء الاموات حتى يرحمهم الله تعالى! هذا هو عمق المشكلة، إن القران الكريم لم يعد محور الثقافة في الأمة، ولم يعد محور العلم في الحوزات و الجامعات وفي كل مكان، فاصبحنا اذلاء خاسئين، تلعب بنا اهواء ومطامع الدول، وما تجدونه امامكم خير شواهد على ذلك». وختم سماحته بالقول: «نحن يجب أن نقرأ القرآن وكأنه يعطينا ولادة جديدة وحياة جديدة لكل واحد منا، فلنقرأ بعمق و نتدبر، فهذا علاجنا، ان نأخذ القرآن بكل حذافيره، ولا نترك حرفاً واحداً منه، فحين نجعل القرآن {عضين} ونؤمن ببعض منه ونترك بعضا، لن نصلح اوضاعنا ولن نصل الى مانرجوا».

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا