الأخبار

تزايد مقلق لحالات الطلاق والخلع في العراق؛ الأرقام تتجاوز الحد الطبيعي

الهدى – متابعات ..

تشير أرقام حالات الطلاق والخلع في العراق الى انها تجاوزت الحد الطبيعي، وهو ما يؤشر ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى وقفة جادة لدراستها ومعالجتها، كونها تمثل تهديداً مباشراً لاستقرار الأسر ولأواصر المجتمع الأساسية.
وشهدت المحاكم العراقية في السنوات الأخيرة تزايداً مقلقاً في حالات الطلاق والخلع، حيث سجلت في العام 2024 أكثر من 72 ألف حالة، بما يعادل تقريباً 8 حالات طلاق في كل ساعة، وهذه ورغم تفاقم الوضع، مع غياب الحلول الفعالة، ما يثير التساؤلات حول أسباب هذا التزايد المستمر.
وترى الباحثة الاجتماعية، ريا قحطان، أن أسباب الطلاق متعددة ومعقدة، فهي تؤكد أن “قلة المعرفة” تعد من العوامل الأساسية التي تسهم في هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن العديد من الشباب اليوم يتأثرون بالمسلسلات المدبلجة، وبما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي من أفكار قد تكون بعيدة عن الواقع.
وتشير قحطان إلى أن هذا التأثير يتجسد في تحول مفاهيم الزواج والعلاقات العاطفية إلى صورة مثالية وسطحية بعيداً عن التحديات الواقعية التي يواجهها الزوجان.
وتضيف قحطان أن هناك بعض العادات الاجتماعية السلبية التي تسهم في تفاقم ظاهرة الطلاق، مثل إجبار الأهل لأبنائهم على الزواج، وزواج المصالح الذي لا يقوم على أساس التفاهم والحب.
كما تلفت قحطان إلى التدخلات السلبية للأهل في الحياة الزوجية، وهو أمر يثير التوترات بين الأزواج ويزيد من احتمالات الانفصال.
وفي ما يتعلق بدور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه الظاهرة، تشير قحطان إلى أن العديد من منصات التواصل أصبحت تشجع على الطلاق بشكل غير مباشر، من خلال تقديم صورة نمطية عن المرأة المطلقة باعتبارها قوية ومتحررة.
كما تقول ان “وسائل التواصل الاجتماعي تعزز فكرة استبدال الزوجة بأخرى بسهولة، ما يعكس سطحية في التعامل مع العلاقات الزوجية.”
وتؤكد قحطان أن التأثيرات السلبية للطلاق لا تقتصر على الزوجين فقط، بل تمتد أحياناً إلى الأسر والأطفال، ففي حال انتقال الحضانة إلى الأب أو الأم العاملة، فإن الأهل يتحملون مسؤولية تربية الأطفال.
لكن التأثير الأكثر سلبية يكون على الأبناء أنفسهم، حيث يعانون من صراع عاطفي نتيجة للتفكك الأسري وعدم استعداد الأهل للتنازل أو التواصل الفعّال لحل الخلافات.
ويرى المحامي محمد قاسم أن من الأسباب التي أدت إلى تزايد حالات الطلاق هي المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من الأزواج.
ويقول قاسم : “إن الظروف الاقتصادية الصعبة، مثل البطالة وارتفاع أجور المعيشة، تشكل ضغوطاً كبيرة على الأسرة، ما يؤدي إلى تفكك العلاقات الزوجية”.
إضافة إلى ذلك، يشير قاسم إلى مشكلة الجهل الاجتماعي لدى بعض الفئات، والذي يزيد من تعقيد الحياة الزوجية، فضلاً عن ظاهرة زواج القاصرات التي تسهم بشكل كبير في الزيادة المطردة في الطلاق.
ويستعرض قاسم في حديثه بعض الحالات التي رافع فيها بين الأزواج، ويذكر منها حالة لزوج كان يرغب في الجمع بين امرأتين في وقت واحد.
ويؤكد أن هذا النوع من الحالات يظهر تأثير الثقافات الدخيلة على المجتمع العراقي، والتي جاءت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت بعض المفاهيم والسلوكيات الغريبة تتسلل إلى العلاقات الزوجية، ما يزيد من تفشي ظاهرة الطلاق.
أما الناشطة الاجتماعية اسراء الحجيمي، فترى أن الأسباب الرئيسة لزيادة الطلاق هي الخلافات الزوجية الناجمة عن اختلاف التوقعات بين الزوجين، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي تفرض على الأسر، ما يزيد من توتر العلاقات.
ومن بين الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى انهيار العلاقات الزوجية، بحسب الحجيمي، تبرز الخيانة الزوجية والتدخلات الأسرية، التي تسهم في تعميق الهوة بين الأزواج، ما يجعل الاستمرار في العلاقة أمراً صعباً.
وترى أن الحلول لهذه الظاهرة يجب أن تكون شاملة، وتعتمد على محاور أساسية عدة.
وتقول الحجيمي، انه “من الضروري نشر الوعي الأسري بواسطة دورات تثقيفية تسبق الزواج، بحيث يتعرف الأزواج على مسؤولياتهم وعلى كيفية التعامل مع التحديات التي قد يواجهونها في حياتهم الزوجية”، كما تدعو إلى تعزيز الخدمات الاستشارية والنفسية التي يمكن أن تساعد الأزواج في حل خلافاتهم قبل أن تتفاقم وتصل إلى مرحلة الطلاق.
وتؤكد الحجيمي أيضاً أهمية تحسين الظروف الاقتصادية في المجتمع، مشيرة إلى أن توفير فرص العمل وزيادة الاستقرار المالي يمكن أن يسهما بشكل كبير في الحد من المشكلات التي تؤدي إلى الطلاق.
كما تشير إلى ضرورة تحديد أدوار الأسرة بشكل واضح لضمان استقلالية الزوجين في اتخاذ قرارات حياتهما بعيداً عن التدخلات الخارجية.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا