الأخبار

المعارضة البحرينية: الإفراج الأخير لا يتساوى مع كثافة أعداد المعتقلين والانتهاكات

الهدى – متابعات ..

أفرجت السلطات البحرينية بموجب أمرٍ ملكي عن عشرات المعتقلين، زاعمةً انها الدفعة الأولى، فيما تقول جهات حقوقية وأخرى معارضة أن نحو ألف معتقل سياسي وسجين رأي يقبعون في سجون النظام منذ العام 2011.
وشدد معارضون بأن هذا الإفراج لا يتساوى مع كثافة أعداد المعتقلين والانتهاكات التي تعرّض لها هؤلاء داخل السجون، ولا مع القيود التي ستبقى مفروضة عليهم حتى بعد نيلهم هذه الحرية المجتزأة،
كما أنها لا تساوي -بما تحويه من تقييدات- معاناة أهالي المعتقلين طوال سنوات سجن ذويهم.
الأمر الملكي الذي صدر بمناسبة “اليوبيل الفضي لتولى الملك مقاليد الحكم”، أكدت مصادر حقوقية بحرينية أنه شمل عددا من المعتقلين السياسيين.
ووفقا لمعهد البحرين للحقوق والديموقراطية فإن ١١٩ ممن أُفرج عنهم هم من سجناء الرأي، هذا فيما لم تصدر السلطات لائحة بأسماء المفرج عنهم، ولم تطلق السلطات سراح الرموز القادة التسعة؛ وهم: عبدالهادي الخواجة؛ الشيخ عبدالجليل المقداد؛ د. عبدالجليل السنكيس؛ عبدالله المحروس؛ حسن مشيمع؛ الشيخ علي سلمان؛ الشيخ محمد حبيب المقداد؛ الشيخ ميرزا المحروس والشيخ عبدالهادي المخوضر. واعتبر معلقون بأن خطوة السلطات البحرينية لا تحيد عن مسار التلميع الصوري الذي تمارسه كل “ممالك الخليج”، فخيارات ابن سلمان في “السعودية” في التلميع الرياضي والترفيهي وسواه؛ ينتهجه ملك البحرين بدوره عبر قرارات تخفف وطأة غضب الرأي العام الداخلي والخارجي اتجاه تراجع مستوى الحريات السياسية وتصاعد حدة الانتهاكات المستمرة.
وتنبئ أوضاع المعتقلين السياسيين في البحرين بأن عمق أزمة هذا الكيان ما تزال قائمة، وما سلوك النظام مع المسجونين وعدم محاسبة أي من مرتكبي الفظائع بحقهم إلا دليل أولي على أن ما من تغيير جذري طرأ أو قد يطرؤ على نهج وسياسات هذا النظام.
وقد وثقت المنظمات الحقوقية منذ العام 2011 وحتى العام 2024، استشهاد حوالي 19 سجينا سياسيا في سجون النظام نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب الممنهج. إضافة إلى خروج العشرات من المعتقلين بحالات صحية غير مستقرة نتيجة الإهمال المتفشي داخل السجون، مع تملّص السلطات من إعادة تأهيلهم صحيا بعد الإفراج عنهم؛ وهو المعروف في القانون الدولي بـ”جبر الضرر”.
يضاف إلى هذا، قضايا قتل خارج نطاق القانون تم تنفيذها والتغطية على مرتكبيها من دون فتح تحقيق أو مساءلة، ومن بين ذلك عمليات قتل نفذتها القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية ورغم ذلك لم يتم محاسبة أي من الفاعلين.
وسياسة التفلّت من العقاب يعني إبقاء باب الانتهاكات مُشرعاً، ويمكن لأي مسؤول وأي جهة أن تعاود وتستمر بانتهاك الجرائم بحق الشعب البحريني دون رادع.
ويشدد ناشطون حقوقيون وسياسيون على عدم توافر أية ضمانات تحمي حقوق المفرج عنهم، مشيرين إلى أن ما ينتظره السجناء المُفرج عنهم هو محط البحث اليوم، فلا زال مئات المفرج عنهم في فترات سابقة محرومين من كافة حقوقهم المدنية والسياسية.
المدافع عن حقوق الإنسان والسجين السابق في سجون البحرين، علي الحاجي، يشير إلى “الصعوبات الجمّة” التي تتنظر المفرج عنهم في استكمال إجراءاتهم الدراسية في جامعة البحرين، وذلك بسبب شرط تقديم شهادة حسن سيرة وسلوك، موضحا أن هذه الشهادة لا يمكن الحصول عليها إلا بعد مرور سنتين من تاريخ الإفراج، مما يحرمهم من فرص استكمال تعليمهم والعودة للحياة المدنية بشكل طبيعي. ومع أهمية “شهادة حسن السلوك” سيضطر هؤلاء إلى الانتظار لعامين كاملين قبل أن يتمكنوا من الالتحاق بالصروح الجامعية، ما يؤدي إلى تعطيل حقهم في التعليم.
وفي تغريدة له، أشار الحاجي إلى أحد أشكال الظلم التي لحقت بالمعتقلين المُفرج عنهم؛ ويذكر مثالا على ذلك أن أحد السجناء السياسيين الذين شملهم الإفراج و”الذي تحمل لسنوات السجن وسوء المعاملة الجسدية والنفسية، لسبب واحد فقط وهو تشابه أسمائنا (علي عبدالحسين حاجي)” حيث سُجن لسنوات دون وجه حق.
ويتابع في تغريدته: الجدير بالذكر أن علي حاجي اعتُقل خلال فترة السلامة الوطنية وأُطلق سراحه لأسباب صحية، ثم اعتقل مجددًا في عام 2015 حيث صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد من المحكمة العسكرية، قبل أن يتم تخفيفه في محكمة الاستئناف إلى 15 سنة.
خاتما بالقول “المفارقة المؤلمة أنه بسبب تشابه الأسماء، تم وضعنا في نفس الزنزانة لمدة 4 سنوات، وكثيرًا ما كنت أُستدعى لمواعيد طبية تخصه”.
الجدير بالذكر أن إفراج السلطة عن هذه الأعداد من المعتقلين، والدفعة التي سبقتهم خلال نيسان الماضي، لا يعني اعترافها بالمظالم التي طالتهم. كما أن إفراجها عن معتقلي رأي سُجنوا لما يزيد عن عقد من الزمن لا يلغي احتمال إعادتهم إلى السجون أو الإبقاء على مضايقتهم، فهي محتفظة بموقفها من الحراك الذي شهدته البحرين عام 2011، ولعل أبرز دليل على ذلك هو إبقائها قادة ورموز الحراك البحريني قيد الاعتقال.
وفي هذا السياق؛ أقدمت “النيابة العامة” نهاية شهر آب المنصرم على توقيف أيمن سلمان محمد آل بليس وجاسم عبدالله يوسف، الذين شملهما العفو الملكي الصادر في أبريل/نيسان 2024، مدّة أسبوع على ذمة التحقيق، من دون مبرّر قانوني، وغيرها الكثير من الحالات المماثلة التي تجعل من قرارات الإفراج تحمل بُعدا صوريا أكثر منه إصلاحيا.
وفي سياق تفاعلها مع الحدث، أكدت جمعية العمل الإسلامي “أمل” على “حق كافة المعتقلين في الحرية والتعويض العادل لما أصابهم، ومحاسبة جلاديهم ومعذبيهم ومن تسبب في سجنهم لسنوات طويلة وحرمانهم من أبسط حقوقهم في العيش الكريم سألين الله العزيز الجبار ان يفرج عن بقية الأحبة وعلى رأسهم الرموز”.
وتابعت مؤكدة على أن “فرحة الإفراج لن تكتمل دون خروج بقية السجناء وخاصة كبار السن والمرضى وأصحاب المحكوميات الكبيرة، وإلغاء إتفاقية العار مع الصهاينة وإغلاق سفارة الصهاينة القتلة وإنهاء أي تعاون معهم”.
وثمنت ما تعرض له وعايشه السجناء من “قهر السجن وظلم الطغاة”، وتوجهت الجمعية إلى “عوائلهم المضحية الصابرة على تحملهم فراق فلذات أكبادهم وتعبهم ونصبهم وعذابهم وتحملهم الصعاب لسنوات طويلة من أجل حريتهم ودفاعاً عن حقوقنا الثابتة وحقوق المظلومين”.
كما ثمّنت “دماء الشهداء التي سالت فداء لهذا الوطن العزيز ورفضاً للاستبداد والاستكبار المفروض على شعبنا”.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا