أدب

الشاعر الكربلائي علي الحائري

لكربلاء رجالها و أدباؤها و شعراؤها شربوا من نبعها العذب فترعرعوا مضيئين بعقولهم ونفوسهم وأقلامهم التي سطرت ما جادت قرائحهم من أدب وشعر يجسد جوانب ومواقف مختلفة من الواقعة الأليمة.

 أسماء لها وقعها وأهميتها من الشعراء، تلك الأسماء التي تعرف كيف تصوغ القصائد بذهب الولاء والانتماء وكيف تؤثر في الآخرين وكيف تجعل من الواقعة العظيمة واقعا حيا يمتد بمرور الأزمان، وترسم طريقا للجهاد ومقارعة الظلم لنيل الحرية بالعزيمة والصبر وثبات الأقدام.

شاعر ستيني  من الشعراء الكربلائيين الذين كتبوا للإمام الحسين، عليه السلام، قصائد عصماء منحتهم الشهرة والمكانة المرموقة فهو القائل:

كـذبَ الـمـوتُ فـالـحـسـيـنُ مُـخَـلّـدْ   

كُـلّـمـا أخْـلِـقَ الـزمـانُ تـجـدَّدْ

حيث جسد الشاعر علي محمد الحائري رحمه الله فكرة الخلود وديمومة المصاب الحسيني وتجدده  كلما يمر الزمان.

  شاعر خلّد ذكره هذا البيت العميق في المعنى والتوهج وكيف لا يكون كذلك وبين حروفه يسطع الامام بسراجه الذي أضاء الدنيا واكتسح الظلام بدمه الطهور، فأصبح الرمز لكل الاحرار في العالم مستلهمين منه الدروس والعبر ومعاني الايثار والتضحيات من اجل الدفاع عن الدين ومبادئه الع ظيمة.

 الشاعر الحائري من مواليد كربلاء عام 1933 من اسرة دينية وابوه المرحوم الشيخ محمد كان خطيبا من خطباء المنبر الحسيني، عُيّن معلما في ذي قار بعد ان اكمل دورة تربوية  لسنة واحدة بعد الدراسة الاعدادية، وبعد اربع سنوات نُقل الى كربلاء ثم اكمل دراسته في الجامعة المستنصرية واستمر في نشر قصائده في الصحف والمجلات.

وقد انجز عدد من الدواوين شعرية بضمنها ديوان عن أهل البيت، عليهم السلام، ولكن لم يطبع  منها إلا اثنين واحد في حياته، والثاني بعد مماته  وهي اغاني ليالي شهرزاد  و الركب الضائع، أما الدواوين الأخرى والتي لم تطبع فهي قناديل في اروقة الليل وديوان آخر عن اهل البيت، عليهم السلام،  وفي ما يلي القصيدة الكاملة التي اشتهر بها الشاعر (كذب الموت)

كذبَ الموتُ فالحسيـنُ مُخَلّدْ

كُلّما أخْلِـقَ الزمانُ تجدَّدْ

هو حيٌّ ميتاً وياربَّ حيٍّ 

ماتَ من قبلِ أن يموتَ ويُلحدْ

يا شهيداً إلى السماواتِ موفَدْ

ماثلٌ أنتَ في الأداهيـرِ سَرمدْ

ليسَ يردى من في الدّجنّةِ أوقدْ

ضاحياتُ الشموسِ والأفقُ أربـدْ

ورأى شرعةَ النبيِّ مُحمّدْ

 سامَها الخسفَ عابثٌ يتمرَّدْ

ورأى المجدَ ماضياً ليسَ يُغمَدْ 

والمنايا عِزاً إذا الضَّيمُ عَرَّدْ

سورةُ النفسِ برهةً ثمَّ تـنفدْ

ومِنَ الـروحِ عنفوانٌ مُـجَدَّدْ

حلمُ الواهميـن أن يتبَدَّدْ 

 شملُ هذا البناءِ مِن مجدِ أحـمدْ

ذاكَ هيهات أن يُرى أمـس في الغَدْ

ألفُ ليلٍ يضـوءُ شـمعٌ يُبـدَّدْ

وطريقُ الشهيـدِ للـحرِّ مُوعَدْ 

رغمَ دعـوى مجانفٍ يَتعنَّدْ

للبلى النكس والعلا حظ أصـيَدْ 

 ما رأى العيشَ أن يموتَ ويُـهمَـدْ

إن وردَ الشهيـدِ ليسَ بمُصْرَدْ

  سائغٌ شربُه وعذبٌ مُـشهّدْ

يا ابنَ بنتِ الرسولِ يـا خيرَ مقـصَدْ

إن تمادى ليل الـخنا وتلبَّـدْ

لستُ كفؤاً بأنْ أقولَ وأقـصدْ

أنتَ فوقَ القصـيدِ شأواً وأبـعَـدْ

يا دماً سحَّ والسماواتُ تــشهَدْ

تغتلي كربـلا منهُ وتحرَدْ

فوقَ رمضائِها حدودٌ تخـدَّدْ

ودموعٌ تهمي وآهٌ تصعّدْ

ونساءٌ تُسبى وغصنٌ يؤوَّدْ

هوَ من دوحِ حيـدرٍ قدْ تَنـضَّد

هنيئا للشاعر الحائري في قبره الذي حتما تنوّر بقصيدته هذه والتي شاء الله أن تكون خالدة تتداولها الالسنة واللافتات في كل مكان وخاصة في شهري محرم وصفر .

 وأود القول  بأني  كنت حاضرا في مجلس فاتحة المرحوم الحائري وقد قرأ عدد من الشعراء قصائد رثاء قيمة  في حقه كالشاعر رضا الخفاجي والمرحوم الشاعر علي الفتال وغيرهم ..  رحم الله الشاعر الموالي علي محمد الحائري وجعل قصائده نورا في قبره وشفيعة له  يوم الورود.

عن المؤلف

كفاح وتوت

اترك تعليقا