أدب

الشاعر سفيان العبدي الكوفي

حينما نتطلع في التاريخ ونتوقف عند تاريخ أهل البيت، عليهم السلام، نكون إزاء حقب اضطربت بسبب الطغاة الذين نصبوا العداء لهم من أجل الحفاظ على عروشهم الخاوية التي تزعزعت وهوت واختفت بمرور الوقت، وذلك بسبب ظلمهم وتجاوزهم على من هم أحق منهم وغصب حقوقهم الإلهية المشروعة.

 ومن جانب آخر هناك أسماء لأصلاء وموالين مخلصين لأهل البيت الكرام صلوات الله عليهم أجمعين، رجال وشعراء نذروا شعرهم المؤثر في خدمتهم وتألقوا بمواقفهم الولائية المشرفة وكانوا بحق من المؤمنين الصادقين المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم  فأثبتوا من خلال تلك المواقف حبهم وانتمائهم الفكري العقائدي وثباتهم من أجل إعلاء كلمة الحق ومحق الباطل بما أوتوا من وسائل.

إنه قول الحق والدفاع عن مبادئ الدين الإسلامي الحقة وعن أئمة أهل البيت، عليهم السلام، الذين هم التجسيد الحي الناطق لتلك القيم والمبادئ، والتي عرفت من خلال مناقبهم وعلومهم وتعاملهم الإنساني حتى مع المخالفين، وعن طريق الشعر الذي له مكانة مهمة آنذاك تحقق الأثر المرجو من خلال توضيح  الأمور وكشف الحقائق وتعظيم المكانة الإلهية التي حباها الله لأهل البيت، عليهم السلام، وقد كان الشعر يحظى برعاية كبيرة من قبل الأئمة الأطهار عليهم السلام لانتشاره وتأثيره في نفوس العامة.

هناك أسماء لأصلاء وموالين مخلصين لأهل البيت الكرام صلوات الله عليهم أجمعين، رجال وشعراء نذروا شعرهم المؤثر في خدمتهم وتألقوا بمواقفهم الولائية المشرفة وكانوا بحق من المؤمنين الصادقين المخلصين

ومن هؤلاء الشعراء الموالين هو الشاعر سفيان بن مصعب العبدي الكوفي، وهو من شعراء القرن الهجري الثاني في فترة الحكم العباسي الأولى، ومن المحبين الأمناء والمهتمين والراغبين برضا الله وأهل البيت، عليهم السلام.
 حيث كان دائما يتناول في شعره ذو الجودة والجزالة مناقبهم ومدائحهم، ويذكر مصائبهم، وكل شعره في هذا المجال، فهو صادق، وولاؤه مطلق خالص، وهو ثقة و ممدوح، وقد أمر الإمام الصادق، عليه السلام، شيعته بتعليم شعره أولادهم، فإنه نابغ ومتفوق في الأدب والحديث، حيث قال الإمام الصادق، عليه السلام: “يا معشر الشيعة علِّموا أولادكم شعر العبدي فإنَّه على دين الله”.

 فشعره له تأثير كبير على السامعين في غرس الولاء والمحبَّة لأهل البيت، عليهم السلام  وتعميق الانتماء  .
 وذات مرة وجه الشاعر للإمام، عليه السلام سؤالاً عن الأعراف فأجابه الإمام قائلاً: كَثَائِبٌ من مِسك، عليها رسول الله والأوصياء، عليهم السلام، يعرفون كلاً بسيماهم،  فبعد أن سمع الشاعر سفيان الكوفي جواب الإمام أنشد قصيدة عنهم صلوات الله وسلامه عليهم، يمدحهم فيها ويظهر قدرهم ومنزلتهم، وفي أبيات منها يقول الشاعر:

وأنتم وُلاة الحَشر والنَّشرِ والجَزَا
وأنتم ليـوم المفـزع الهـولِ مفزعُ
وأنتم عَلى الأعرَافِ وَهيَ كثائبٌ
مِنَ المَـسِّ ريَّاهَـا بكـم يَتَضَـوَّعُ
 ثَمَانِيَـة بالعَـرشِ إِذْ يَحمِلُونَـهُ
وَمِن بَعدِهِم فِي الأَرضِ هَادُونَ أَربَعُ

ما أعظمها من منزلة  وهم ولاة الحشر وبهم يتم الجزاء وفي ذلك اليوم  يوم الفزع الأكبر هم الأمان والملجأ بنيل شفاعتهم التي حباها الله لهم ليشفعوا بها لمن والاهم وأحبهم وأخلص لهم.

والجدير بالذكر أنه لم يُعرَف تاريخ ولادة ووفاة الشاعر سفيان العبدي الكوفي (رحمه الله) بشكل مدوّن ودقيق، إلاّ أنّه ومن المعروف عنه قد عاصر الشاعر السيد الحميري (رحمه الله) المولود سنة ( 105 هـ) والمتوفّى سنة ( 173 (هـ.
وهكذا دائما يخلّد التاريخ أصحاب المواقف المخلصة الموالين لأهل البيت، عليهم السلام، والمجاهرين بانتمائهم  لهم  فيبقى ذكرهم على مدى العصور بقصائدهم الخالدة المتوهجة والمعطرة بذكرهم لعميق حبهم لهم وانتمائهم لفكرهم الساطع الناصع الذي يجسد الحق والحقيقة والقيم والمبادئ السامية.

عن المؤلف

كفاح وتوت

اترك تعليقا