كانت ولادة الإمام الجواد، عليه السلام، وحضوره، و نوره الزاهر بركة على الأمة والإنسانية عامَّة وعلى شيعته ومحبيه ومواليه خاصة.
تفيدنا آية النور في كتاب الله – تعالى ــ أن أئمة أهل البيت، عليهم السلام، هم نور الله في الأرض وفي نص الكثير من الروايات الواردة بأن {نور على نور} تعني إمام بعد إمام ولذا قال ابن العرندس الحلي شاعر اهل البيت، عليهم السلام، في رائيته الرائعة:
هم النور نور الله جلّ جلالهُ
هم التين والزيتون والشفع والوترُ
مهابطُ وحي الله خُزّان علمهِ
ميامين في أبياتهم نزل الذكرُ
والإمام التاسع من أئمة الهدى محمد بن علي الرضا، الملقب بالجواد، عليهما السلام، هو النور الذي انتظره الإمام علي الرضا طويلاً، كما انتظرته الأمة، حتى بزغ نوره ولمع ضوءه في سماء الأمة الإسلامية.
تسلّم الإمام محمد الجواد، عليه السلام، منصب الإمامة بسن صغيرة جداً لا يتجاوز الست سنوات وكان قد فارقه أبوه الرضا، عليه السلام، وهو في الرابعة من عمره فكيف استطاع ان ينهض بهذه المسؤولية الثقيلة، ويسد مكان والده الإمام الثامن الذي كان مالئ الدنيا بالعلم، وشاغل الناس بما يلقيه عليهم من مواعظ وحكم.
🔺 خصَّه والده الرضا، عليه السلام، بالمزيد من التكريم والتعظيم وهو في المهد صغيرا وكان يقول: “نِعم هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة على شيعتنا منه”
كان الإمام الجواد، عليه السلام، آية من آيات الله فبركة الإمام كوجوده معجزة من معاجز الإمامة وآية من آيات الله في هذه الأمة، ولذا خصَّه والده الرضا، عليه السلام، بالمزيد من التكريم والتعظيم وهو في المهد صغيرا وكان يقول: “نِعم هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة على شيعتنا منه”، فالامام الجواد، عليه السلام، كان امتحانا للشيعة الكرام لأن منصب الامامة وشأن الولاية من أمر الله واختياره.
و سرعان ماكتب الحاكم العباسي إلى الإمام الجواد، عليه السلام، يطلب حضوره إلى بغداد ولكي يدلل الحاكم العباسي على رعايته العلويين واهتمامه بشؤونهم، استدعى الإمام محمد بن علي الجواد، عليه السلام، في سنة ٢٢ للهجرة من المدينة المنورة ليقيم إلى جانبه، ولكن توقعات الإمام الجواد، عليه السلام، كما تدل عليها تصرفاته قبل مغادرته المدينة فقد كانت تشير إلى قوة الاحتمالات السيئة المترقبة في هذه الرحلة، لذا نصَّ على إمامة ابنه علي الهادي، عليه السلام، من بعده أمام أصحابه وخاصته وعرفهم بأنه الإمام من بعده وكلفه في الأمور المترتبة عليه وسلم له المواريث زواجه، عليه السلام، بابنة المأمون العباسي.
ذكر الشيخ المفيد أن المأمون كان مبهورا بأخلاق الإمام الجواد، عليه السلام، وعلمه وأدبه لهذا أراد أن يزوجه ابنته ام الفضل، تم الزواج بطلب من المأمون نفسه اي ان المأمون الحاكم هو الذي خطبه لابنته وليس العكس، وهنا يكمن الخطر في هذا الزواج لأن العادة ان الرجل هو الذي يخطب المرأة وليس العكس، لاسيما وانها ابنة الحاكم فيجب ان يأتيها الجميع زاحفين نحوها طلبا للقرب من الحاكم.
ومن المفارقات ان الإمام الجواد، عليه السلام، عيّن صداقها (مهرها) صداق جدته السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، وهو اربعمائة درهم، فكان الإمام الجواد، عليه السلام، يريد أن يتزوج بابنة الحاكم العباسي زواجا رساليا بكل ما في الكلمة من معنى ومبنى
- الإمام الجواد عليه السلام القدوة الحسنة
الإمام في الأمة الإسلامية هو الذي يُقتدى به حيث ينظر إليه الناس في سيرته وسنته ليقتدوا به وأما الحكام والطغاة فأنه لا يقتدى بهم إلا زبانيتهم ومن هم على أشكالهم من الفاسدين ممن يسمون الملأ الذي يجتمعون حولهم ويلعقوا من صحونهم.
اخيرا اقول: أثبتت الوقائع المتلاحقة أن احساس اهل البيت عليهم السلام، بخطر الحاكم وارتياب الإمام الجواد، عليه السلام، بهذه الدعوة المغلفة بحب اللقاء كان بمثابة القراءة الغيبية للأحداث المنتظرة، إذ فوجى الناس في بغداد باستشهاد الإمام الجواد، عليه السلام، قبل مرور عام على استقراره فيها.
السلام عليك أيها الجواد يا بن الرضا المرتضى سلام الله عليه ورزقنا الله زيارته في الدنيا و شفاعته في الآخرة انه سميع مجيب.