حدیث الناس

الى متى نستنشق الغازات السامة من حرق النفايات؟

في الأيام الماضية تعرضت أحياء عدّة في مركز مدينة كربلاء المقدسة لعاصفة من الغازات السامة المنبعثة من حرق كميات كبيرة من النفايات في فترة الليل تحديداً، وهي العادة السيئة التي يصرّ عليها البعض –للأسف- في بعض الأحياء السكنية، بيد أن هذه المرة الحرق ليس عملاً فردياً لكمية صغيرة او حاوية نفايات في منطقة محدودة، وإنما غطى الدخان السام مساحات واسعة من أجواء المدينة.

جرى الاتصال بإحدى الدوائر البلدية من قبل أحد الاعلاميين المهتمين، ولم يتلق سوى رد باهت وثقيل، و وعود فارغة “بإجراء اللازم”! ومن الناحية الرسمية والإدارية يمثل هذا العمل خرقاً خطيراً في الصورة الجميلة لكربلاء التي يتحدث عنها الكثير بأنها أفضل من كثير من مدن البلاد من جوانب عدّة ولو بشكل نسبي طبعاً، و يبذل محافظ كربلاء المقدسة؛ السيد نصيف جاسم الخطابي قصارى جهده في الحفاظ على هذه الصورة من خلال متابعة مشاريع إكساء الشوارع، وفتح طرق كانت مهملة منذ سنوات، ومتابعة مشاريع تنموية عدّة، فأن يغطي سماء المدينة سحب من الدخان السام من حرق النفايات فهذا يعد انتهاكاً صريحاً لكل القواعد الصحية المنصوص عليها، كما يعد تهديداً لصحة وسلامة الناس على نطاق واسع.

أين منظمات المجتمع المدني، والناشطين في مجال حقوق الانسان في العيش ضمن بيئة نقية؟ وأين نواب المدينة في البرلمان، وسائر المسؤولين المحليين من هذه الظاهرة السيئة المعشعشة في أدمغة البعض منذ سنين طوال؟ فهذا البعض ما يزال يعيش في أيام الفوضى والإهمال البلدي للأحياء السكنية، فهو يقوم بحرق النفايات أمام بيته ليخدم الصالح العام من خلال القضاء على الفايروسات المحتملة في أكداس النفايات، ثم تحول الاكداس الكبيرة الى رماد اختصاراً للمكان!

الحالة المؤسفة المتولدة من هذه الظاهرة –العادة- السكوت على هذا العمل، فالجار لا ينهى جاره من هذا العمل، ربما لأنه يتوقع ان يكون مجبراً يوماً ما على فعل الشيء نفسه، أو ربما ثمة اسباباً اخرى، ولكن! هذا لا يعفي المجتمع بكل افراده وجماعاته من مكافحة هذه الظاهرة كما يكافحون الامراض المعدية، والظواهر الاجتماعية السيئة، فالقضية تتعلق بصحة الاطفال وكبار السن، والمصابين بأمراض في الجهاز التنفسي.

يكفي مدينة كربلاء، وسائر المدن التي تعاني من المشكلة ذاتها، كميات الغازات  السامة المنبعثة من مولدات الكهرباء العملاقة، الى جانب المولدات الأهلية، الى جانب ما تفرزه عوادم السيارات التي باتت بالآلاف في مدينة صغيرة مثل كربلاء، فهل يصحّ السكوت على هذه الظاهرة وتركها لتكون عادة أصيلة لدى البعض؟

نحن بحاجة الى اجراءات حكومية عاجلة، ومن ثم قوانين تردع هكذا أعمال مدمرة للبيئة، و فرض غرامات مالية على كل من يشعل النار بأي شيء في المناطق السكنية، ولأي عذر كان، والأهم من كل هذا؛ نشر الوعي وثقافة المسؤولية بين افراد المجتمع بخصوص الحفاظ على البيئة من هذا النوع من التلوث الخطير، وأن ينصح الواحد الآخر، والتذكير بالعواقب السيئة لحرق النفايات، كما يعمل الكثير في مجتمعنا على نشر ثقافة النظافة في الشوارع والاماكن العامة لنحصل على أجواء نقية تقينا الامراض، وتقلل ما يثقل كاهلنا من مشاكل وأزمات.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا