المجتمع الإسلامي، مجتمع العمل والسعي، مجتمع النشاط والإيجابية، مجتمع الحركة والفاعلية، وبكلمة؛ هو: مجتمع البناء والتقدم.
أما مجتمع الكسل والترهُّل، فهو؛ مجتمع الإتكاليّة والروح السلبية، مجتمع الجمود والإنكفاء على الذات، مثل هذا المجتمع ليس مجتمعاً إسلامياً، حتى لو رفع يافطات الأسلمة، واختفى وراء أقنعة التديُّن المزيَّف.
فالمبادىء الأساسية في الدين تقول لنا:
1- ما يحصل عليه الإنسان في الحياة الدنيا أو في الحياة الأخرى، من تقدُّم أو تأخُّر إنما هو نتيجة سعيه أو كسله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} (سورة النجم، 39-40).
2- الحياة الطيبة إنما هي من نصيب من يعمل عملاً إيجابياً وصالحاً في حياته، ولا فرق في ذلك أن يكون ذكراً أو أنثى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (سورة النحل، 97).
3- من يعمل إيجابياً في الحياة ينتفع بعمله قطعاً، ومن ينتهج السلب في الحياة ويعمل سيّئاً هو المتضرِّر بسوء عمله قبل غيره: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} (سورة فصلت، 46).
4- والأهم من ذلك؛ أنَّ عمل الإنسان ونتائج سعيه ليس ببعيدٍ عن نظر الله –تعالى- و رسوله الأمين، وكذلك نظر المؤمنين الصالحين: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (سورة التوبة، 105).
5- والله –تعالى- الذي أمرنا بالعمل كمبدأ أساسي في الحياة، لا تَضيع عنده الأعمال: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} (سورة آل عمران، 195).
ويعني ذلك أن كل عمل إيجابي صالح لابد أن يستتبع نتائج طيِّبة في الدنيا، أو الأخرة، أو في كليهما.
و ربما تصوَّر البعض أنَّ مفردة “العمل” ومشتقاتها في القرآن تعني “العمل الديني”، بالمعنى الضيّق، أي: العبادات؛ كالصلاة والصوم والذِّكر وما شاكل، بينما الحقيقة غير ذلك، فكلُّ عملٍ إيجابيٍّ نافع ومفيد وغير متعارض مع ثوابت الشريعة وأحكام الدين، فهو عمل صالح، حتى لو كان العمل في مجال الصناعة والإنتاج – مثلاً- وبناء الحياة المادية المتناغمة مع مصلحة الإنسان، و رضوان الله -تعالى-.
فالله –تعالى- أراد لنا أن نحيا في الدنيا “حياةً طيِّبة”، ولكن الحياة الطيبة هذه لا تأتي اعتباطاً، بل هي نتيجة العمل والسعي الإيجابيّين الصالحين في كل مجالات الحياة المادية والمعنوية.
والله –تعالى- أراد لنا التنافس في الخير، والمسارعة إلى العمل الصالح، ومن أبرز مصاديق الخير هو التقدم وبناء الحياة الكريمة. فأبناء المجتمع الإسلامي إضافة إلى أنهم: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، فإنهم إضافة إلى ذلك: {ويُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (سورة أل عمران، 119).
و {الخَيْرَاتِ}، ليست محدودة في إطار ضيق، بل تشمل كل سعيٍ إيجابيٍّ، وعملٍ بنَّاء، وحركة نافعة، ما لم تتعارض مع الخطوط العامة لإرادة الله -عزوجل-.
فالتقدم في الصناعة، والعمل في مجال الطب، والسعي لتطوير الرفاه الإجتماعي، والإجتهاد في التنمية، والتفاني من أجل الإستقلال وتحقيق الإكتفاء الذاتي، والنشاط في سبيل تطوير الزراعة، وتنمية الثروة الحيوانية، وما شاكل. كل ذلك من الخيرات، وكل ذلك يساهم في تقدم الإنسان في الحياة، ويضمن له الأجر في الآخرة إن لم يعص ربه بها.
مجتمع العطاء والتنمية
المجتمع الإسلامي، مجتمع العمل والسعي، مجتمع النشاط والإيجابية، مجتمع الحركة والفاعلية، وبكلمة؛ هو …