رأي

حرب اليمن تستنزف الشعب السعودي!!

الحرب هو الحل الاخير الذي تلجأ اليه الدول عندما تعتقد أن الطرق السلمية أغلقت امامها، وما إن تندلع الحرب حتى تمتد ويلاتها ونيرانها لتحرق الاخضر واليابس، فهي …

الحرب هو الحل الاخير الذي تلجأ اليه الدول عندما تعتقد أن الطرق السلمية أغلقت امامها، وما إن تندلع الحرب حتى تمتد ويلاتها ونيرانها لتحرق الاخضر واليابس، فهي لا تفرق بين غني أو فقير، ولا صغير أو كبير، ولا رجل أو إمرأة، بل تشمل ابعادها لتصل الى كل حقل من حقول الحياة، ومن الانعكاسات السلبية للحرب أنها تؤثر على حياة الناس ومصدر عيشهم، فالمتحاربون، وحتى يصلوا الى غايتهم؛ وهي النصر، لابد وأن يستخدموا كل الطرق، وربما منها غير الأخلاقية، كاستخدام الاسلحة المحرمة دولياً، واتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، او يفرضون الحصار الاقتصادي، ويحاصرون الناس في لقمة عيشهم بشتى الوسائل، فإما عن طريق الحصار، او عن طريق الاستهداف المباشر لكل ما يشكل عاملا اساسيا لعيش الناس واستمرار حياتهم، كإحراق المحاصيل الزراعية، وغيرها من الاساليب التي تختلف من بلد لآخر، ومن زمن لاخر، وهذا ما نشاهده في الحرب التي يفرضها النظام السعوي على الشعب اليمني.
بات حكام الرياض في الوقت الحاضر مثالاً في المنطقة والعالم، للنظام السياسي المتزعزع والقلق على مستقبله، وهي الحالة التي انتابته منذ سنوات، فما كان منه إلا ان يصر أزماته الى الآخرين من خلال حروب بالوكالة، كما فعل افغانستان، ثم العراق، الذي أنفق عليه المليارات، ليس لدعم خيار الشعب العراقي بإنشاء نظام حكم يرتضيه بعد سقوط صدام، وإنما لتمويل الجماعات الارهابية والتكفيرية ليملؤوا العراق بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، واذا تطلب الامر دخلوا بشكل مباشر كما يحدث الآن في اليمن منذ اكثر من اربع سنوات.

  • هل تحمي الثروة نظاماً سياسياً فاشلاً؟

من المعروف ان النظام السعودي يعد نفسه من أغنى الدول في المنطقة، وربما ينافس بعض الدول في العالم، لما يملكه من مخزون نفطي كبير، اضافة الى موارد أخرى مثل؛ مواسم الحج والعمرة، التي تدر عليهم ملايين الدولارات طوال العام، وعندما قرر هذا النظام خوض الحرب على الشعب اليمني، كان يظنّ انها لن تأخذ منه وقتاً طويلاً، وان ذلك لن يكلفهم إلا القليل، ولكن؛ ما لم يخطر في الحسبان وقع، فالحرب اخذت مأخذها من الوقت، كما اخذت الكثير من الشعب السعودي؛ مادياً وبشرياً، فمع تقادم الحرب واستمراها زاد ارتفاع معدل التضخم في السعودية، واصبح النظام يعاني من تدهور اقتصادي ملحوظ، فلجأت السلطات الى رفع الضرائب، والاستقطاع من مرتبات الموظفين، مما سبّب موجة من السخط الشعبي غير المعلن، وما القاء بعض الأمراء في السجون ومساومتهم على نسب معينة من ثرواتهم مقابل الافراج عنهم، إلا دليلا على العجز المالي الكبير نتيجة الانفاق المالي الكبير على الحرب في اليمن.
ومن الناحية العسكرية، فقد جنّدت السعودية كل ترسانتها الضخمة علّها تحرز النصر الموهوم في هذه الحرب، علماً أنها معروفة كونها صاحبة أكبر قوة عسكرية من حيث الميزانية في الشرق الاوسط، والثالثة ضمن قائمة الدول ذات الإنفاق الـعسكري الأعلى في العالم، ووفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد قارب الإنفاق العسكري للسعودية في عام 2017 حاجز 70 مليار دولار، ويتحول لثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم.
كانت السعودية تنفق الاموال الكثيرة للتسلّح قبل الحرب على اليمن، وأما بعد الحرب فازدادت الى اضعاف الاضعاف، فاربع سنوات من الحرب جعلت النظام السعودي يضاعف مشتريات الاسلحة، وهذا بدوره انعكس على الجانب الاقتصادي للشعب السعودي، لان السلطات اعتمدت نظام الاقتراض والدَين العام، الذي يتوقع له أن يصل بنهاية 2019 إلى نحو 678 مليار ريال.
وما يرهق كاهل السعودية من الانفاق العسكري في الحرب على اليمن، إعلان الامارات الانسحاب الجزئي من اليمن، مما يجعل النظام السعودي وحيداً في تحمل العبئ الاكبر من تكاليف الحرب، والذي بدوره سينعكس على الميزانية السعودية لهذا العام، ويأتي هذا المعدل المرتفع من الإنفاق العسكري في وقت تنخفض فيه أسعار النفط كثيراً عن السعر الذي وضعته السعودية لتغطية الإنفاق بالميزانية والذي يقدر بحوالى 75 دولاراً للبرميل.

  • الشعب السعودي الضحية الأكبر

في مقابل ما يعيشه الشعب السعودي من أزمة مالية، فهو ايضا يعيش هاجس الخوف المرعب من الصواريخ التي يطلقها الجيش اليمني واللجان، فالشعب السعودي منذ عشرات السنين لم يسمع أزيز الرصاص، واصوات المدافع، فكيف به اليوم وهو يرى الصواريخ اليمنية تحلق فوق الاجواء السعودية مستهدفة المنشئات النفطية و العسكرية، خصوصا وأن الحوثيين لم يكتفوا بقصف الاهداف العسكرية في المحافظات المحاذية لليمن، بل طال القصف العاصمة الرياض وينبع والطائف وجدة، والتي تبعد عن اقرب نقطة حدودية يمنية مئات الكليو مترات، وكان آخرها ما اعلنه الحوثيون عن استهدافهم هدف عسكري وحيوي في محافظة الدمام في المنطقة الشرقية، كل هذا جعل أوساطاً شعبية وحكومية تطالب بوقف الحرب لما له من تداعيات وخيمة على الشعب السعودي.
إن اصرار النظام الحاكم في السعودية على مواصلة الحرب في اليمن، لاسيما بعد الانسحاب الجزئي لدولة الامارات ستعود تبعاته ومردوداته الصعبة على الشعب السعودي، فالانفاق العسكري في اليمن كبير جداً، وهذا بدوره تبديدٌ للثروة التي يملتكها الشعب، ومن ثم استنزاف الخزينة السعودية، كما عبر عن ذلك الرئيس الامريكي الذي وصف السعودية بـ “البقرة الحلوب”! فما دامت الحرب مستمرة فالشعب ينفق امواله مكرها في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

عن المؤلف

أبو طالب اليماني

اترك تعليقا