کل المجتمع

حجاب المرأة طريقها الى النجاح (3) الحجاب معيار الإلتزام*

في سياق وصية أمير المؤمنين، عليه السلام، لابنه الحسن، بيّن خمس نقاط مهمة واساسية في كيفية التعامل مع المرأة، وقد تطرقنا بشيء من التفصيل في النقطة الاولى والتي كانت حول المشورة.

النقطة الثانية: الحجاب وسيكون الكلام في اربعة أمور:

الامور الاول: هدف الحجاب:

هل الحجاب مظهر للتخلف أم للتقدم؟

الحجاب عند البشر كان مظهرا للتقدم، لان الانسان جاء الدنيا عارياً، وحين تقدم بدأ بارتداء الثياب، يقول أحد الافارقة الذين انتقلوا الى اوروبا: الاوروبيون جاؤوا الى بلادنا وقالوا لنا: أنتم متخلفون ومظهر التخلف أنه لا ملابس عندكم! يضيف: حين وصلت الى اوروبا كان وضع الاوروبيين مثلنا (بدون ملابس)!

حتى في الدول غير الاسلامية حين كانت المرأة شخصية كريمة، لها مكانتها الاجتماعية، كانت من حيث الثياب تختلف عن سائرالنساء، فكان عندها نوع من الحجاب الذي تلتزم به، لانه افخر وأعز لها.

لكن السؤال الذي يطرح دائما: ما هو الهدف من الحجاب؟

⭐ الحجاب عند البشر كان مظهرا للتقدم، لان الانسان جاء الدنيا عارياً، وحين تقدم بدأ بارتداء الثياب

لاشك أن خلف كل حكم حكمة، والحكم يجب أن يحقق الحكمة، فالحجاب في القرآن الكريم: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، وإذا اردنا ان نعرف ما هو ذلك الزكى والطهر الذي يحقق الحجاب، علينا ان نعكس هذا الموضوع في المجتمع، فما الذي يصنعه الحجاب في المجتمع؟ وماذا لو لم يكن هناك سفور وخلاعة؟

للأسف الشديد؛ الاعلام يؤثر بشكل كبير علينا حيث  يرسمون المثالية التي لا واقع لها اساسا، فيقولون: ان المرأة في الغرب ومع ما هي سافرة فلا أحد يتحرش بها، بينما تتعرض النساء في البلدان الاسلامية للتحرش، مع لبسهن المحتشم!

لكن هذا الادعاء غير صحيح؛ فحالات التحرش الجنسي في الغرب منتشرة بشكل كبير، فلو بحثنا في محرك البحث عن حالات التحرش في اسبانيا ـ مثلا ـ، لوجد ان في كل ساعة يتم التحرش بامرأة.

بل الأدهى والأمر من ذلك أن 80 بالمئة من حالات التحرش والاعتداء الجنسي لا يُبلغ عنها، لان السياق القانوني  ـ وإن أبلغت المرأة عن التحرش ـ في نهاية المطاف لا يعطي المرأة أي حق، وقد ظهرت امرأة في مقابلة تلفزيونة تتحدث أنها ابلغت عن حالة رجل تحرش بها، والى أن أخذت حقها القانوني، استغرق ذلك الأمر خمس سنوات! والحق يتمثل في حبس الرجل لاشهر وربما أقل ثم يخرج وكأن شيئا لم يحدث، وتقول المرأة: تعرضت للاهانة والاذلال خلال محاكمة الرجل، وسحقت كرامتي اكثر من فعل المتحرش!

الحجاب عاملا لطهر المجتمع وزكاته، لان الاسلام يريد ان يمنع الاثارة، وأحد أهم عناصر الاثارة هي المرأة قديما وحديثا، لذلك تجد أن القنوات الاعلامية حين تريد بث برنامجاً مثيراً يجلبون امرأة جميلة، وشركات الدعايات والاعلانات تستخدم المرأة في اعلاناتها والترويج لبضاعتها، وهذا ابشع أنواع تسليع المرأة.

الحقيقة أن المرأة مثيرة للرجل، ولانها كذلك، فالاسلام أراد ان يجعل لها حصناً من نظرة الرجل، ومن أن يُتعدى عليها، ومنع ان تبرز المرأة نفسها لئلا يقع بسببها فعل حرام، لذلك أمر الاسلام المرأة بأن تستر نفسها وزينتها من الظهور للآخرين.

يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: اكفف عليهن بابصارهن بحجابهن فان شدة الحجاب ابقى عليهن”، اليوم اثبتت الواقع، وكثيرة هي التجارب الاجتماعية التي تبين كيف أن المرأة المحجبة والمحتشمة لا يتعرض لها أحد، بينما المرأة السافرة غير المحجبة فإنها تتعرض للاعتداء اللفظي، والتحرش الجسدي وما اشبه، وقد قامت امرأة بهذه التجربة في أحدى الدول الغربية وكانت التجرية أن المرأة المحجبة قلّما تتعرض للتحرش، بينما المرأة غير المحجبة فإنها تعرضت للتحرش اللفظي، والجسدي.

قد يقول البعض: إذا كان الموضوع مرتبط بتزكية المجتمع وطهارته فذلك مرتبط بعفة المرأة، فهناك ـ حسب هذا الادعاء ـ امرأة عفيفة لكنها ليست محجبة، والجواب على هذا الاشكال بأمرين:

الامر الاول: الامر بالحجاب أمر عبادي، أي أنه امر الله ـ تعالى ـ وهو مظهر للهوية الايمانية، يقول النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان”، فإذا لم يتجلَ الايمان على مظهر الانسان، فذلك ايمان ناقص، فوجود الزكاة القلبية لوحدها لا تكفي إذا لم تظهر أمام الآخرين.

⭐ الحجاب مائز بين المرأة المطيعة لله، وبين المرأة العاصية لله، فهو ـ تعالى ـ أمر المرأة أن تظهر إيمانها والتزامها بالدين من خلال لبسها للحجاب، فهناك امرأة سمعت كلام الله وارتدت الحجاب، وأخرى لم تسمع كلام الله ولم تلبس الحجاب

الأمر الثاني: كيف نميّز بين المرأة العفيفة وبين المرأة غير العفيفة؟

فإذا كانت هناك امرأة عفيفة ـ وحسب كلام البعض ـ عفتها في قلبها، فكيف يمكن أن نعرف العفيفة من غيرها بشيء ظاهري؟

الحجاب هو الذي يظهر تميّز العفيفة عن غيرها، ولذلك من الاساليب التي يستخدمها الآخر لضرب الهوية الإيمانية هو التشكيك في هذه النقطة تحديدا؛ فصورة المرأة المحجبة قُدمت ـ خصوصا في الجامعات ـ أنها تتسر بالحجاب لعمل المنكرات! وهذا تشويه ممنهج لهذه الهوية الايمانية.

الحجاب مائز بين المرأة المطيعة لله، وبين المرأة العاصية لله، فهو ـ تعالى ـ أمر المرأة أن تظهر إيمانها والتزامها بالدين من خلال لبسها للحجاب، فهناك امرأة سمعت كلام الله وارتدت الحجاب، وأخرى لم تسمع كلام الله ولم تلبس الحجاب، وهذا مائز من خلال المظهر الخارجي بين المرأتين، ومن تلبس الحجاب ـ بلا شك ـ أفضل من تلك التي لم تلبسه، لأن الأولى التزمت بأمر الله، والثانية لم تلتزم، أما شبهة أن المرأة المحجبة تفعل المنكرات متسترة بالحجاب فهذا وارد، لكنها التزمت بأمر الله في جانب وعصت في جانب آخر، وهذا لا يعني أن لا تلبس بقية النسوة الحجاب لان امرأة محجبة ارتكبت ذنبا! وكذلك المرأة غير المحجبة قد تلتزم بأمور ولا تلتزم بأخرى، لكن إذا أردنا ان نميز بين المرأتين فمن خلال الحجاب.

الأمر الثالث: المظهر الخارجي للمرأة زينة كله؛ فشعرها زينة، وجسمها..، فالله ـ سبحانه وتعالى ـ جلعها هكذا، فأنوثتها في زينتها، فحينما تستر المرأة الزينة، تظهر كرامتها، وعزتها، على خلاف ما يقال.


  • مقتبس من محاضرة للسيد مرتضى المدرّسي (حفظه الله).

عن المؤلف

السيد مرتضى المدرّسي

اترك تعليقا