هيئة القربان – حسينية مسلم بن عقيل/ حي الوفاء – كربلاء المقدسة
- إعداد: محمد علي جواد
إنها الجولة الثالثة لمجلة الهدى على الهيئات الحسينية الشبابية في كربلاء المقدسة والناشطة في مجال نشر ثقافة أهل البيت، وتحديداً إحياء مصاب الصديقة الزهراء، وفق الرواية الثالثة هذه الايام، بعد أن وفقنا لتغطية أعمال هيئة الشباب الرسالي في مركز المدينة، وأعمال مسجد أهل البيت في حي العامل، كان لابد من أن نعرّج على حي الوفاء (7كيلومتر عن مركز المدينة)، في ساعات الغروب، وبعد أداء فريضتي المغرب والعشاء، فكان مشهد الشباب المتفاعل هو نفسه ما رأيناه في الجولات الماضية، شباب من طلبة الاعدادية والجامعة يخصصون أوقاتاً من برامجهم الدراسية للمشاركة في الاستعدادات لإقامة المجلس الفاطمي في هذا الحي.
⭐ يقول الأخ علي أكرم، الطالب الجامعي الذي أكد لنا أنه شخصياً يمثل تجربة ناجحة من هذه الاجواء بعد التعرّف عليها قبل سنوات، “كنت في السابق انسانا عاديا؛ من البيت الى الجامعة، ولكن هذه الاجواء فتحت امامي آفاقاً واسعة؛ صقلت شخصيتي، و طوّرت مهاراتي..
- ساعات قليلة بحجم عام كامل
يواجه الشباب العراقي مشكلتين؛ الاولى: قادمة من الافكار والثقافات الهجينة الوافدة من الخارج، والتي تستهدف الهوية الاسلامية للمجتمع، والمشكلة الثانية: ناشئة من حالة الغموض والحيرة من كثرة الانتماءات والتيارات في الساحة أعجزت الشباب والناس عن أيهما أصحّ؟!
هكذا بيّن لنا الشيخ علي داشي الخفاجي المشرف على إقامة المجلس الفاطمي في حسينية مسلم بن عقيل، وهو خطيب يافع ومتألق، يؤمّ الجماعة، مؤكداً قدرة هذه المجالس على تعزيز الهوية الدينية وترسيخ الثقافة الاسلامية في نفوس المجتمع، وفي الوقت نفسه ملء الفراغ الروحي والنفسي لدى الشباب من خلال “إيجاد عِلقة بينهم وبين فاطمة الزهراء، بينهم وبين الامام الحسين، وبينهم وبين الله –تعالى-، وبما أن الانسان يحتاج الى قاعدة ملموسة ينطلق منها الى البعد الايماني فان هذه المجالس هي المنطلق نحو الايمان وبناء الشخصية، لذا نجدها فرصة لهداية الكثير من الشباب، وعليه نعد هذه المجالس فرصة لتقدم الشباب وصقل شخيتهم ومواهبهم، من خلال تحمّل المسؤولية، ومن خلال الافكار التي يتلقونها، والاشياء التي يتعلمونها، وكل ما له مدخلية في صقل وبناء شخصيتهم”.
وفي خارج الحسينية التي تحدثنا فيها مع الشيخ على داشي، سمعنا من مجموعة من الشباب اليافع، وهم مشغولون بإعداد الجناح الثقافي الى جوار خيمة المجلس، أن هذه المجالس تمثل وسيلة وعامل مساعد لصقل شخصيتهم، واكتشاف مواهبهم، بل “وتوفير الراحة النفسية والسعادة والاطئمنان الذي توفره هذه الاجواء الدينية، والتي تضمن حياتك في الدنيا وحياتك في الآخرة”، يقول الأخ علي أكرم، الطالب الجامعي الذي أكد لنا أنه شخصياً يمثل تجربة ناجحة من هذه الاجواء بعد التعرّف عليها قبل سنوات، “كنت في السابق انسانا عاديا؛ من البيت الى الجامعة، ولكن هذه الاجواء فتحت امامي آفاقاً واسعة؛ صقلت شخصيتي، و طوّرت مهاراتي، وأصبحتُ ذا أخلاق و ذوق في التعامل مع الناس من خلال التواجد في هذه الاجواء والاختلاط مع الموجودين في المجالس الحسينية”. واشار الى الفعاليات الثقافية لهذه الحسينية مثل؛ كشافة ابناء القرآن لطلبة المتوسطة، ورابطة “فذكّر” لطلبة الجامعة.
في هذا الجناح ثمة عمل ابتكاري هذه السنة حيث يستقبل الشاب الراغب للتعرف والتعلم، بسماعة هتفون وشاشة أمامه تقدم برامج وفقرات مختارة يشعر و كأن الخطاب موجه اليه شخصياً –يقول الشيخ علي داشي-.
- آثار المجالس الفاطمية على واقع المجتمع
الى جانب الآثار الايجابية العميقة على شخصية الفرد، فإن ثمةً آثار عميقة ايضاً على صعيد المجتمع بشكل عام، يبين الشيخ علي داشي أبرزها وهي؛ تعميق الصلة والارتباط بأهل البيت، عليهم السلام، وتذكير الناس بهويتهم و رموزهم الحقيقية، وأنها ليست ما يثيرها البعض من الاحتفالات مثل؛ “الكرسمس”، وأشباهها.
والأمر الآخر الذي يؤكد عليه الشيخ علي داشي هو نشر الوعي والثقافة من خلال الخطباء الأكفاء من ذوي التوجه الرسالي و”من يختار مواضيعه بعناية فائقة تترك أثرها في الواقع”، ثم يستدرك بالقول: “نعم؛ نحن نطلب الثواب من خلال الرثاء وذكر مصاب أهل البيت، بيد أننا نبحث عن الفكرة المفيدة للمجتمع”، واشار الى أسماء لامعة في المنبر الحسيني الرسالي مثل؛ السيد مرتضى المدرسي –نجل المرجع المدرسي- والسيد حسين المدرسي –نجل السيد هادي المدرسي- “ما أن يدخل الشاب الى المجلس إلا ويخرج بحصيلة فكرية وثقافية”.
- للمرأة نصيب وافر من المجالس الفاطمية
دون أن أسأله عن المرأة، و مكانتها في هذا المشروع الكبير، أشار الشيخ علي داشي في سياق حديثه عن دور الحسينية في رفع مستوى المجتمع ثقافياً، بأن للمرأة حضورها ونصيبها الوافر من هذه المجالس، وأوضح بأننا “خصصنا مبنى الحسينية – حسينية مسلم عقيل- لحضور النساء، مع وجود خطيبة حسينية “ملاية” خاصة بهنّ تبدأ بالقراءة بعد انتهاء الخطيب من مجلسه، وقبل بدء فقرة اللطم عند الرجال، ينقطع الصوت عن قاعة النساء ليبدأن بمجلسهن الخاص بهنّ”.
- عقبات و صعوبات ولكن لا صعوبات!
بكل ثقة وحزم يؤكد الشيخ علي داشي بأن الصعوبات والعقبات تُذلل بفضل بركات أهل البيت والصديقة الزهراء، عليهم السلام، ومن أبرز الصعوبات والتحديات أمام مجلس فاطمي رغم بساطته، هو التحدي المالي، ويشير الشيخ الى أن مصدر دخلهم الوحيد هو التبرعات والأيادي البيضاء من الخيرين في المجتمع، “وقد تمكنا بفضل جهود الشباب المؤمن والمتحمّس أن نتجاوز هذ العقبة ونؤمن التكاليف اللازمة لإقامة المجلس الفاطمي، مع الحاجة الى مزيد من السيولة النقدية لتغطية حاجات مختلفة على مدى إقامة المجلس لمدة ثلاث ليالٍ”.
والتحدي الثاني؛ مشاركة الناس في المنطقة (حي الوفاء) والاحياء القريبة، نظراً لانشغال الناس بأعمالهم واهتماماتهم المختلفة، لذا وجهنا الدعوة الى ابناء المجتمع من خلال الاعلام ومن خلال اللقاءات المباشرة، فقد طبعنا حوالي ألف بطاقة دعوة تم توزيعها على المناطق المجاورة، الى جانب ثلاثة عشر بوستر تم نصبه على الجدران.
⭐ بيّن لنا الشيخ علي داشي الخفاجي المشرف على إقامة المجلس الفاطمي في حسينية مسلم بن عقيل، وهو خطيب يافع ومتألق، يؤمّ الجماعة، مؤكداً قدرة هذه المجالس على تعزيز الهوية الدينية وترسيخ الثقافة الاسلامية في نفوس المجتمع
والتحدي الثالث والأهم؛ المكان، فيشكو الشيخ علي داشي من فقدان الحسينية للمكان المناسب والكبير لإقامة المجالس الفاطمية او الحسينية التي تضم اعداد كبيرة من الحضور. وهذا ما يضطرهم لأن يستأذنوا من اصحاب قطع سكنية مجاورة وقريبة من الحسينية لإقامة هذا المجالس، فيكون الشباب المثابر أمام طروف الطقس القاسية، مثل؛ اجواء المطر التي تحول التراب الى أوحال، مع مشاكل عديدة في مسألة نصب الجادر والهيكل الحديدي وغيرها، وبيّن أن المطر عطّل عمل الشباب وجعلهم يتأخرون في إعداد المكان. ودّعنا الشيخ علي داشي مع باقات من الشكر والتقدير والثناء له و لسائر العاملين في هذا المشروع المبارك، فسلّم علينا وأسرع ليلتحق بالشباب من مثله ليساعدهم في نصب الجادر وترتيب الاضاءة وأعمال أخرى، وهم في ذلك يسابقون الزمن لإكمال كل شيء قبل يوم الخميس، التاسع والعشرين من هذا الشهر لاستقبال المعزّين في أول يوم من المجلس الفاطمي في حي الوفاء.