رأي

ما قصة السامبي؟!

من هو؟ أو ما هو؟!

هل هو نجم سينمائي؟ أم نجم في كرة القدم؟ أم شخصية كارتونية محبوبة عند الاطفال؟! بل؛ هل هي طبخة لذيذة يبحث عنها متذوقوا الطعام، لاسيما في بعض البلدان ذات الاهتمام الخاص بالطعام؟! أم ماركة مسجلة لنوع فاخر من الملابس الأنيقة؟! أم ماركة لسيارة مُغرية؟!

لا هذا ولا ذاك، إنما هو أحمد عبد الله محمد سامبي رئيس دولة جزر القمر، وهي دولة عربية واسلامية متشكلة من ثلاثة جزر هادئة تقبع في المحيط الهندي قبالة الساحل الشرقي لافريقيا، وعلى مقربة من جزيرة (دولة) مدغشقر، و الموزمبيق وتنزانيا.

هذا الرئيس الذي يتكلم العربية ويدين بالإسلام، يتعرض لاجراءات تعسفية ومحاربة من نوع غريب من قبل السلطة الحاكمة التي يسيطر عليها العسكر، فقد صدرت ضده حكماً بالإقامة الجبرية منذ آيار عام 2018، ولحد الآن هو رهن الاقامة الجبرية، لايحق له الخروج من منزله، ثم وجهت له السلطات الحاكمة تهمة “الخيانة العظمى” من اجل تقديمه الى المحكمة دون توفر الأدلة الكافية للإدانة بهذه التهمة.

لماذا يتكالب أهل الحكم والسلطة في هذه الجزر على هذا الرجل؟

نذكر بعض الاسباب ربما تساعدنا في تحديد موقف منصف وعادل من هذه الشخصية المظلومة:

  1. بعث البشرى في نفوس سكان الجزر الثلاث بنهاية مسلسل الانقلابات العسكرية والاضطرابات والمؤامرات بإجراء انتخابات رئاسية حرّة ونزيهة لأول مرة عام 2006 يفوز فيها أحمد سامبي بأغلبية الاصوات وصلت بين 60الى 75بالمئة، لتكون أول فرحة بعد فرحة الاستقلال من الاستعمار الفرنسي قبل ثلاثين عاماً.
  2. أعلن منهجاً سياسياً معتدلاً يقبله العالم أجمع، فقد ألقم خصومه الحجر، عندما اتهموه بأنه “متطرف اسلامي” فأجابهم: جزر القمر ليست مستعدة لتصبح جمهورية اسلامية.
  3. أكد احترامه للحريات الفردية في بلاده، ومنها؛ عدم نيته إجبار النساء على ارتداء الحجاب.
  4. انفتاحه على العالم في إقامة علاقات دبلوماسية متكافئة تحفظ لبلاده ولشعبه مصالحهم وكرامتهم.

هذا مختصر ما في ملف أحمد سامبي (السيفي)، وما قدمه خلال فترة حكمه، وهو ما لم يرُق لاطراف أقليمية واخرى دولية فحركت الاصابع في الداخل لتدفع هذه الشخصية الوطنية خارج الساحة السياسية من خلال اتهامات كيدية واضحة لتشويه صورته لدى جماهير الشعب القمري.

بعد أن فشل الخصوم في تأليف اتهامات مُرضية للقضاء ضد أحمد سامبي، نراهم اليوم يتخبطون في فشل آخر يفضح نواياهم التآمرية، فبدلاً من إحالة قضيته الى المحكمة العليا المختصة بمتابعة قضايا شخصيات الدولة، أصرّوا على تحويل القضية الى محكمة أمن الدولة الخاصة بقضايا الارهاب والمخالفات والخيانات لتكون الاحكام جاهزة ضده دون إتاحة الفرصة للاستئناف.

وسائل الاعلام العربية والاسلامية ربما لم تسمع بما يجري في هذا البلد الاسلامي، او تسمع وتتجاهل، وكذا الحال بالنسبة للجماعات الحقوقية والمؤسسات الثقافية والدينية التي تقع عليها مسؤولية اخلاقية وشرعية بالدفاع عن هذه الشخصية الوطنية المخلصة والمستقلة من خلال نشر البيانات والتقارير عبر وسائل الاعلام، وتقريب هذا الصوت البعيد من المحيط الهندي الى جميع أرجاء العالم.

وفي مناسبات عديدة ذكرنا أن عز وكرامة كل شعب وبلد مسلم في تحقيق هذا العزّ والكرامة عند الآخرين، والقاعدة الوجودية تؤكد هذه الحقيقة، “الشاذ منكم للذئب”.

مثالنا الأبرز والأقوى؛ العراق، عرفه العالم عندما احتضن هو العالم كله خلال مناسبة زيارة أربعين الامام الحسين، عليه السلام، وشعب جزر القمر يسكن في منطقة نائية وبعيدة عن الخارطة العربية والاسلامية، ولا يقوى على ما يفعله العراقيون او غيرهم من الشعوب المقتدرة والقابعة في مناطق حيوية واستراتيجية من العالم.

كما نذكّر بدور مواقع التواصل الاجتماعي لإذكاء نار الاعتراض والاستنكار ضد الاجراءات التعسفية التي يتعرض لها سامبي، وهو من شأنه ان يخلق رأياً عاماً عالمياً ينصر هذه الشخصية الوطنية، كما يتضامن مع شعب جزر القمر بأسره.

إنها ليست مظلومية شخصية سياسية، بقدر ما هي مظلومية شعب بأكمله يريد الحرية والكرامة والاستقلال، واثبت هذا خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها سامبي، وهو مستعد لأن يعيد التجربة الديمقراطية ثانية اذا أتيحت له الفرصة وتنحّى طلاب السلطة والحكم جانباً.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا