مناسبات

بناء مراقد أئمة البقيع مسؤولية من؟

إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم فاعتزلوا قومهم فآووا إلى الكهف مع كلب لهم، فناموا طويلاً، هرباً من القوم الظالمين، وبعد اكتشاف أمرهم من قبل الناس بعد اكثر من …

{فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً}.
إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم فاعتزلوا قومهم فآووا إلى الكهف مع كلب لهم، فناموا طويلاً، هرباً من القوم الظالمين، وبعد اكتشاف أمرهم من قبل الناس بعد اكثر من ثلثمائة سنة، وحيث تغيرت الاوضاع، وهلك المشركون والطغاة، وساد التوحيد لله –تعالى- جاءت الإشارة في القرآن الكريم، وبصريح العبارة إلى بناء مسجدٍ للتعبّد والتقرّب بهذا المكان إلى الله، تعظيما من الله لهم كونهم آمنوا واعتزلوا الناس، فهم لم يكونوا أنبياء، ولا من سلالة الأنبياء، ولا حتى من أوصياء الأنبياء، سوى أنهم مؤمنون بالله، وقد هربوا بدينهم، فما بالك بمن هم من أبناء الأنبياء ومن الصديقين والاوصياء، وآمنوا وجاهدوا في سبيل الله، وتصدوا للطغاة، وعملوا لنشر تعاليم الدين، الى جانب ما قدموه للانسانية، ولم تأخذهم في الله لومة لائم، ثم ختموا حياتهم بالشهادة في سبيل الله، كما واجتمع عندهم علم الأولين والآخرين، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
ففي ضوء القرآن الكريم؛ يا تُرى؛ من هو الافضل ليكون مرقده مسجداً ومعبداً، من آمن ولجأ إلى الكهف يحتمي به؟ أم من آمن وجاهد في سبيل الله، ومن حمل الأمانة الإلهية، وعمل بأمر الله حتى آخر لحظة من حياته؟
و يا ترى؛ هل أن بناء وتشييد قبور أبناء رسول الله، صلى الله عليه وآله، في البقيع للتعبد وذكر الله يكون شركا به –تعالى-؟! إذن؛ كيف يشير القرآن الكريم إلى بناء مسجد على أصحاب الكهف؟ ومن هو الافضل والاكرم عند الله؟ أهل بيت الوحي، ومبهط الملائكة، وخزان علم الله، أم أصحاب الكهف؟
فاذا كان بناء وتشييد قبور الأولياء والصالحين يُعد شركاً وعملاً منكراً، هل إن إقامة حفلات الغناء والطرب وافتتاح صالات لعب القمار، وإثارة الغرائز وإطلاق العنان للأهواء والشهوات التي نهى عنها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كلها حلال ومفيدة للانسان والمجتمع؟! يالها من مغالطة كبيرة.
إن الأمة الحيّة الواعية هي التي تقدس وتعظم عظماءها وتجعل لهم رموزاً تدلّ على عطائهم، وتذكّر بمآثرهم ومنجزاتهم، ونحن نرجو أن نكون هذه الأمة التي بشّر بها القرآن الكريم في فجر الدعوة الاسلامية {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، لذا علينا إحياء ذِكر قادتنا وعظمائنا، وفي طليعتهم؛ الأئمة المعصومون، عليهم السلام، بنشر سيرتهم وثقافتهم، والمطالبة الجادّة والمتواصلة لإعادة بناء مراقد الأئمة الاطهار في مقبرة البقيع الى جوار مرقد جدهم المصطفى، صلى الله عليه وآله، مهما كان الإصرار الوهابي على محاصرة هذه الآثار العظيمة ومحاولة طمسها وإبعادها عن الانظار، فعلى كل شخص ومن مكانه ان يعمل ويسعى ويطالب ببناء تلك القبور الطاهرة، كما على العلماء في جميع البلاد الإسلامية، أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية والحضارية في هذا المجال بالضغط على السلطات السعودية لإعادة بناء مراقد الأئمة في البقيع، وعلى الخطباء في جميع البلاد الإسلامية أن يوحدوا خطابهم ويجعلوا قضية البقيع في مطلع أحاديثهم، كما على الكتاب والمثقفين أن يكتبوا وبشكل واسع حول هذه القضية، كما تقع المسؤولية على الحكومات في البلاد الإسلامية، ومنها؛ اتخاذ موقف صارم من العلاقات مع الحكومة السعودية، وتجميدها لحين بناء قبور أئمة البقيع.
و أخيراً؛ على جميع المؤمنين وفي جميع المناطق والبلاد الإسلامية أن يخرجوا في مظاهرات احتجاجية كبيرة وواسعة، وذلك يوم الثامن من شهر شوال من كل عام، وهو ذكرى تهديم المراقد المقدسة، والمطالبة بإعادة تشييدها.

عن المؤلف

الشيخ حسين الأميري

اترك تعليقا